كان حفل الولاء للحرية والكرامة، احتجاجا على الطقوس الرسمية السنوية "للولاء وتجديد البيعة" لملك البلاد. وبالرغم من ان الوقفة كانت سلمية، الا أن ناشطين حقوقيين يركدون أنها ووجهت من طرف السلطات المغربية بكل اشكال العنف، ضد المحتجين وضد الصحفيين. وقد نال من الصحفيين، عمر بروكسي، اكبر قدر من الضربات العنيفة التي ادت الى إصابته بنزيف. وفقد طالبت الجمعية المغربية لحقوق الانسان بفتح تحقيق فوري في ما جرى. ترى الجمعية في حديث لاذاعة هولندا العالمية ان "هذا القمع جاء في اطار سلسلة من اعتقالات تعسفية ومحاكمات جائرة واحكام قاسية، اضافة الى قضية الشهداء الذين لم تُعرف الحقيقة في ما يتعلق بالمسؤولين عن وفاتهم. وذلك في اطار تضييق الخناق على الحريات، خصوصا منذ بداية الحراك بالمغرب في اطار الربيع العربي".
اعتداء على صحفيين "الاعتداء على الصحفيين امر متكرر وممنهج، لان الارادة لاحترام الصحفي منعدمة"، يقول الصحفي عمر بروكسي، مراسل وكالة الانباء الفرنسية في حديث لاذاعة هولندا العالمية، والذي تعرض لضرب مبرح من طرف السلطات المغربية ولمختلف انواع الشتم والقذف وهو يتسعد لتغطية وقفة المبادرة التي اسماها اصحابها " حفل الولاء للكرامة والحرية". كان ذلك مساء الاربعاء الماضي، على الساعة السادسة تماما، موعد انطلاق الوقفة المبرمجة امام البرلمان، من طرف شباب نشطاء وحقوقيين، وبحضور مجموعة من الصحفيين للتغطية. الوقفة كانت احتجاجا على الطقوس الملكية المتوارثة و حفل "الولاء للملك وتجديد البيعة له". بمجرد وصول عمر بروكسي للمكان، فوجئ بنفسه محاطا بسبعة او ثمانية من رجال الشرطة وصرخوا في وجهه بعنف ان يبتعد. قال لهم: "انا صحفي"، وفيما كان يحاول اخراج بطاقته الصحفية، بدأوا بدفعه ومحاصرته، ثم تراءى له ضابطان يتجهان صوبه. وشتماه وشتما كل الصحفيين بكلام بذيء، ثم انهالوا كلهم بالضرب على وجهه وكل مكان بجسده. "لم اكن اتوقع هذه الوحشية في التعامل مع الصحفيين"، يقول بروكسي مندهشا.. طقوس مهينة "طقوس مهينة لكرامة المواطن المغربي، حيث يركع ممثلو الشعب امام الملك تجديدا للولاء والبيعة"، يقول منتصر دريسي لاذاعة هولندا العالمية، وهو شاب من الشباب الذي بادر بنتظيم الوقفة الاحتجاجية السلمية. كان الحفل الرسمي للولاء وتجديد البيعة مبرمجا ليوم الاربعاء، وخطط للوقفة في نفس اليوم، حيث كانت مجموعة كبيرة من الشباب الناشط والحقوقيين مستعدة لتنظيم وقفة احتجاجية سلمية امام البرلمان، كانت قد اعدت لها عبر الشبكات الاجتماعية وصادفت قبولا واهتماما كبيرين. الا انه وفي اخر لحظة، تفاجأ المنطمون بالحفل الرسمي يقام الثلاثاء. ومع ذلك، اصروا على تنفيذ وقفتهم في موعدها. غير انه بمجرد ما بدأ التوافد على المكان المحدد وفي الموعد المحدد، فوجئ الجميع بوجود قوات امنية مجهزة لاجهاض الوقفة. تحركت القوات في كل الاتحاهات، منعت على المقاهي المجاورة ان تستقبل المحتجين كزبائن او تمدهم بشيء، طردت من وصل للمكان الى ان لم يتبق في نهاية المطاف الا الحقوقيون والمبادرون الذين كانوا يعودون للتجمع من جديد كلما تمت تفرقتهم. وصودرت آلات التصوير والتسجيل والهواتف. ويؤكد دريسي ان السلطات تدخلت ضدهم "بشكل شرس" قبل ثلاث دقائق من موعد انطلاق الوقفة.
ملاحقة في الازقة المظلمة ست فتيات واربع فتيان ممن كانوا بالوقفة، يحثون الخطى في اتجاه مقر الجمعية المغربية لحقوق الانسان ليدلوا بشهاداتهم في ما لحق بهم من اذى واعتداء من طرف السلطات، اثر وقفتهم السلمية تلك. وفي زقاق ضيق، فوجئوا بعناصر من الشرطة تلاحقهم وتحيط بهم وتنهال عليهم بالضرب والشتم. واحد من المجموعة اصيب باصابات بليغة. وما حدث معهم، حدث مع كثيرين مثلهم في تلك الساعات المتأخرة من المساء. هذا ما يؤكده دريسي والجمعية المغربية لحقوق الانسان على حد سواء. الا ان عمر بروكسي يؤكد انه بعد الاعتداء العنيف عليه بمكان الوقفة، لم يتعرض بعدها لأية ملاحقة او تهديد. وزارة تأسف وأخرى تكذّب عبر وزير الاتصال المغربي والناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي لوكالة الانباء الفرنسية عن أسفه لما تعرض له الصحفي عمر بروكسي. ولقد اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الانسان البادرة طيبة ولكن "فيها تمييززكان يجب ان تعمم، حيث لم يشمل احدا من الداخل ممن اعتدي عليهم من الصحفيين والمواطنيين باستثناء مراسل الوكالة الفرنسية للانباء"، تقول خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية. غير ان عمر بروكسي يوضح لاذاعة هولندا العالمية الامر قائلا: "كتبنا قصاصة بعد حادث الاعتداء على الوقفة. وفيها ذكر الاعتداء على الصحفيين ومن بينهم انا. واتصلت الوكالة بوزير الاتصال وليس العكس في اطار تغطية تشمل كل الاطراف كما يجب، لسؤاله عن موقفه مما حدث فعبر في الاطارعن تأسفه لما تعرضت له ووعد بفتح تحقيق في الامر". عمر بروكسي لا يريد اعتذارا من احد، "ما الفائدة ان كان الاعتداء يتكرر كل مرة. لا اريد شيئا غير الكف عن اهانة المواطن واهدار كرامته". الا ان وزارة الشؤون الداخلية اصرت بيانا تنفي فيه ما حدث من اعتداء، وتتهم الصحفي عمر بروكسي بالمبالغة فيما تعرض له، وانه لم يعتدى عليه.
الجمعية المغربية لحقوق الانسان اصدرت الجمعية بيانا تدين فيه بشدة ما حدث وتطالب بفتح تحقيق في الموضوع. الا ان خديجة الرياضي، لا تتوقع اية استجابة لفتح التحقيق، فلطالما تجاهلت الجهات المعنية منثل هذا الطلب، بل وحتى في الحالات التي تفتح فيها تحقيقا بطلب من الجمعية، وهي حالات نادرة جدا كما تؤكد الرياضي، فان التحقيق لا يكتمل ولا تعرف نتائجه ابدا. وارتكزت ادانة الجمعية للتدخل العنيف للسلطات على اساس ان الوقفة الشبابية "الحفل من اجل الولاء للحرية والكرامة" كانت سلمية وقانونية ولا تحتاج لترخيص من قبل السلطات. تجدر الاشارة انه في العام 2000، صدر قرار عن المجلس الاعلى للقضاء على اثر قضية اعتقل فيها حقوقيون بسبب وقفة احتجاجية سلمية. ونص القرار على الوقفة السلمية لا تحتاج لترخيص، وكانت تلك سابقة قضائية وقانونية، والقرار القضائي يعتبر بمثابة قانون يعتد به. وتشير الرياضي الى ان الطريقة التي فضت بها الوقفة لم تكن قانونية، اذ هناك مساطر قانونية تنص على انه الاعلان اولا على ان الوقفة غير قانونية من طرف عنصر من السلطات، يعرف بنفسه بشارة يحملها على صدره ويقول بمكبر الصوت ثلاث مرات بان "الوقفة (التجمهر) غير قانونية وعليها ان تنفض واذا لم ينفض، نضطر لاستخدام القوة".. وهذا لم يحدث مساء الاربعاء الماضي.