"المستشارين" يقر مشروع قانون الإضراب    الجزائر ترفض استقبال المرحلين    ورشة عمل بمقر الجامعة العربية حول مكافحة تجنيد الأطفال من قبل الجماعات الإرهابية بمشاركة المغرب    أمطار الخير تنعش آمال الفلاحين بإقليم الحسيمة بعد سنوات الجفاف    جلالة الملك يبعث برقية تعزية إلى الرئيس الألماني على إثر وفاة السيد هورست كوهلر    اعتداء على لاعبي المغرب الحسيمي داخل القاعة المغطاة بتطوان يثير الاستياء    بورصة البيضاء تنهي التداول بالأحمر    الذهب يسجل مستوى قياسيا مرتفعا مع زيادة الطلب بعد رسوم ترامب الجمركية    وزير النقل: 32 مليون مسافر استقبلتهم مطارات المغرب خلال 2024    "نقابة UMT" توضح قرار الانسحاب    رئيس سوريا يؤدي مناسك العمرة    بنسبة تزيد عن 20%.. الجهة الشرقية تسجل أعلى معدلات البطالة    الشرطة الهولندية تلقي القبض على البطل العالمي بدر هاري في أمستردام لهذا السبب    لجنة الأخلاقيات تعاقب دومو والشرع    "لاتسيو" الإيطالي يعلن ضم بلحيان    أكثر من مليوني مغربي يرتادون السينما في 2024 وعائدات تصوير الأفلام الأجنبية ترتفع إلى 1.5 مليار درهم    "بوحمرون" يستنفر المدارس بعد العطلة .. والوزارة تتمسك بتدابير صارمة    تبون يهدد المغرب والمملكة المغربية تبقى أقوى وبأعلى درجات الجاهزية    إسبانيا.. بدء محاكمة روبياليس في قضية "القبلة" المثيرة للجدل    الوزارة تكشف عائدات السياحة بالعملة الصعبة في سنة 2024    شركة 'اوبن ايه آي' تكشف النقاب عن أداة جديدة في 'شات جي بي تي'    الرباط: انطلاق أشغال المنتدى الإفريقي للأمن السيبراني    المهاجم المغربي الشاب إلياس داو ينضم إلى نادي أندرلخت البلجيكي    انتشار داء "بوحمرون" على طاولة المجلس الحكومي    ماسك: ترامب وافق على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية    ثورة علمية : رقاقات قابلة للزرع لعلاج قصور القلب    "أمر دولي" يوقف فرنسيا بمراكش    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    مبادرة توزيع أغطية في باب برد تروم لتخفيف معاناة مشردين مع موجة برد قارس    …وأخيرا ، حَسُنتْ ليبِرالِيَّتكُم السيد الرئيس!    "وول ستريت جورنال": رسوم ترامب الجمركية أغبى حرب تجارية في التاريخ    "دوغ مان" في طليعة شباك تذاكر السينما بأمريكا الشمالية    تسويق أدوية مهربة يطيح بعصابة إجرامية في مراكش    تاونات أكثر المدن إستقبالا للأمطار في 24 ساعة    سناء عكرود تعرض فيلم "الوصايا" عن معاناة الأم المطلقة    خيرات تدخل السايح إلى المستشفى    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المندوبية السامية للتخطيط: إحداث 82 ألف منصب شغل في المغرب سنة 2024    سكتة قلبية مفاجئة تنهي حياة سفيان البحري    مستحضرات البلسم الصلبة قد تتسبب في أضرار للصحة    أطباء مختصون يعددون أسباب نزيف الأنف عند المسنين    استئناف محاكمة أفراد شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات التي يقودها رئيس جماعة سابق    وفاة سفيان البحري صاحب صفحة تحمل اسم الملك محمد السادس    تفشي بوحمرون : خبراء يحذرون من زيادة الحالات ويدعون إلى تعزيز حملات التلقيح    "لحاق الصحراوية 2025".. مغربيتان تتصدران منافسات اليوم الأول    بعد "بيغاسوس".. إسرائيل استعملت برنامج "باراغون" للتجسس على صحفيين وناشطين على "واتساب"    جولة في عقل ترامب... وهل له عقل لنتجول فيه؟    الصين: عدد الرحلات اليومية بلغ أكثر من 300 مليون خلال اليوم الرابع من عطلة عيد الربيع    كأس العالم لكرة اليد: المنتخب الدنماركي يحرز اللقب للمرة الرابعة على التوالي    النجمة بيونسيه تفوز للمرة الأولى بلقب ألبوم العام من جوائز غرامي    ارتفاع تحويلات مغاربة العالم    ابن تطوان "الدكتور رشيد البقالي" ينال إعجاب علماء كبار ويظفر بجائزة عالمية في مجال الفكر والأدب    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من مغالطات أحاديث "اليوسفي"
نشر في أخبارنا يوم 12 - 06 - 2018

استغربت عند قراءة بعض فقرات كتاب أحاديث في ما جرى للأستاذ عبد الرحمان اليوسفي وخاصة منها الفقرة التي عنونها بالخلايا الأولى للحركة النقابية أو تلك التي سماها البذور الأولى للمقاومة .
ثلاث مجلات ملفوفة بكيفية محكمة يجبرك الكتبي على إقتنائها مجتمعة بثمن يثني عن شرائها القارئ ذو الدخل البسيط ... لا أدري هل صيغة التبويب و النشر من وحي السي عبد الرحمان أو من كان رفيقه في المنفى الاستاذ بودرقة. لعل الغاية من هذا الإخراج المطبعي تخصيص هذا النوع من النشر لكبارالمثقفين و الباحثين و المؤرخين دون سائر المواطنين .
أحاديث في ما جرى و إن إعتبرها صاحبها مجرد شذرات من سيرته فإنها من المفروض ان ترصد لأحداث بصمت تاريخ المغرب الحديث . في الصفحة 51 من المجلد الأول نجد " ان البذور الأولى لتأطير البروليتارية المغربية كانت خلال سنة 1944 مع شغيلة معمل السكر" كوزيمار" ... و امتد هذا النشاط ليشمل العديد من المعامل وهو ما إعتبره المتحدث الخلايا الاولى للحركة النقابية " وهذه أولى المغالطات. في الفقرة الموالية التي عنونها بالبذور الأولى للمقاومة في الحي المحمدي نجد " كانت الاهداف التي حققناها مع الطبقة العاملة هو تشجيعهم للإنخراط في النقابات الفرنسية و بالأخص نقابة س.ج.ت الموجودة بالمغرب و التي يشرف عليها مناضلون من الحزب الشيوعي الفرنسي " وهي ثاني المغالطات ... لا شك أن السي عبد الرحمان إما أنه لم ينتبه بحكم سنه للهفوتين وإما أنه لم يراجع ما كتب عنه خاصة و أنه يؤكد في الصفحة 57 من نفس الكتاب " أن نشاطه الحزبي و الجمعوي في مدينة الدارالبيضاء إستمر من شهر يوليوز 1944 و انتهى سنة 1949 فهل الخلايا الأولى للحركة النقابية أنشئت في سنة 1944 ؟ وهل البذور الأولى للمقاومة في الحي المحمدي كانت في نفس الفترة ؟ قد يجد القارئ وربما الباحث في بوادر تأسيس الحركة النقابية وحركة المقاومة في سطور الصفحة 54 من الجزء الاول التي لا يتعدى عددها اصابع اليد حين يتحدث فيها عن المقاوم ابراهيم الروداني الذي فتح بيته للاطر النقابية وفيه كما يروي عقدت الاجتماعات التي افرزت قيادة الاتحاد المغربي للشغل وكان كما يقول " من المفروض أن يكون أول رئيس لهذه الهيئة ". وهذا أمر يدعو كذلك إلى الإستغراب لا بالنسبة للاستاذ اليوسفي وإنما أيضا بالنسبة للمفكر عابد الجابري والوطني محمد البصري. في ملفات الذاكرة السياسية لعابد الجابري نجد في الصفحة 17 من الكتاب 5 لسلسة مواقف ما يلي : بدأ التنظيم الوطني النقابي في المغرب يتسع ويتطور مع أواخر أربعينات... من كوادرالحزب إبراهيم الروداني وعبد الرحمان اليوسفي ... و بعد رجوع الفقيه البصري من المنفى ألقى محاضرة في منتصف التسعينيات من القرن الماضي في موضوع المقاومة بمناسبة ذكرى الشهيد محمد الزرقطوني أكد فيها أن القاعدة الاجتماعية التي أعطت الاشارة في كل المراحل هم العمال وهو الموضوع الذي استأثر باهتمام الصحافة انذاك كجريدة " النشرة" التي أجرت حوارا مع المقاوم محمد منصور وجريدة " انوال " التي خصصت حلقات لشهادة المقاومين عبد الحميد الزموري وحسن الاعرج حول دور المرحوم ابراهيم الروداني وعبد ربه في موضوع يحمل عنوان المقاومة بين روادها ومدعيها علاقة محمد المرابط (الطنجي) و إبراهيم الروداني نشرته كل من جريدتي "المنتدى" و "العلم" التي كان يديرها بحنكة الوطني المرحوم عبد الكريم غلاب بمعية الصحافي الملتزم المرحوم عبد الجبار السحيمي الذين يرجع اليهما الفضل في نشر عدد خاص بالذكرى الاربعين لاحداث فرحات حشاد في الدارالبيضاء نشرت لي فيه مقالا في الموضوع يحمل عنوان " ذاكرة طفل" وهو عبارة عن احداث عشتها في بيت ابراهيم الروداني رفقة ابنائه الثلاثة احمد وحسن وفوزي و انا طفل في السادسة من عمري من بينها مشاهدة الهدية الرمزية وهي عبارة عن اونة براقة يفتح غطاؤها دون ان ينفصل فتخرج منها سجائر متراصة كاسنان المشط لا تحو تبغا وكانها ترمز الى حظر التدخين الذي فرضه الوطنيون انذاك و يشرع والدي لفها بورق لامع فيهمس لجدتي التي كانت بجانبه بان تمة استقبال ملكي لوفد من النقابيين في قصر درب الاحباس اوذكريات المؤن التي كان ينقلها لنا ابراهيم الروداني رفقة مساعديه من المقاومين حين كان والدي رهن الاعتقال... مواصلة في البحث في موضوع النقابة و المقاومة يجري الأستاذ حسن نجمي حوار مطولا مع الفقيه محمد البصري ونجد في الصفحة 81 منه ما يلي: ... " اكثر من ذلك، هناك نمودج المرحوم ابراهيم الروداني الذي كان عاملا لفرنسا وله تجربة نقابية في س.ج.ت الفرنسية وهذا ايضا غير صحيح واقف عند فكرة تأسيس النقابة التي تحولت بعد سنين من التنظيم و التأطير في دار ابراهيم الروداني من حركة نقابية الى مقاومة غداة نفي الاسرة الملكية. ما ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد، انه باسثتناء اليوسفي الذي اوفدته قيادة الحزب انذاك للتنسيق مع محمد المرابط ، فإنه لا علم لا لعابد الجابري ولا للفقيه البصري بحقيقة التأسيس للعمل الوطني داخل دار ابراهيم الروداني . لا نجد في كتب سي عبد الرحمان سبب انتقاله الى الدارالبيضاء . هل هي مبادرة منه ؟ ام كان مكلفا بمهمة نضالية ؟ ومن كان المسير للجماعات الوطنية في بيت إبراهيم الروداني ؟ وكيف تعرف على محمد المرابط و بوشتى الجامعي و احميد و وطني الذي لم يذكره بدوره حتى بالإسم و نفس الشيئ بالنسبة لعباس مساعدية الذي مر بدوره من مؤسسة دار ابراهيم و اشتغل مساعدا لهذا الاخير في معمل الروداني . اسئلة من شأنها ان تنير السبيل للباحثين لم يجب عنها السي عبد الرحمان في احاديثه. قادتنا ، بكل اسف ، حين يسألون او يكتبون عن سيرتهم قلما يعترفون بمن كانوا يشتغلون دون حاجة إلى ضجيج . خلافا كما جاء في كتب أحاديث ما جرى، العمل الوطني تأسس بفضل النقابة في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي لاغداة التحاق الاستاذ اليوسفي بدل ابراهيم بمدينة الدارالبيضاء في منتصف سنة 1944 و التي جعلها محمد المرابط مقرا للوطنية بحكم ايمانه الوجداني بضرورة الرجوع إلى تعاليم السلف الصالح لمناهضة المستعمر وقواعد التنظيم التي اقتبسها حين انخرط في نقابة س.ج.ت غداة التحاقه بمعية رفاقه من اهل البلد بمعمل الدخان بمدينة الدارالبيضاء. ما رأي السي عبد الرحمان في الأحاديث التالية الموثقة بالصوت و الصورة :
احمد الروداني و عبد الصمد المرابط وذكريات الطفولة
محمد المرابط
... كنت اشتغل في شركة التبغ التي انتقل مقرها من طنجة الى الدار البيضاء .وكان ذلك في سنة 1933 . خلال هذه الفترة كنت مقتصرا على توزيع وقتي بين الذهاب للمسجد وحضور الدروس الدينية وبين الذهاب الى العمل . واستمرت على هذا الحال الى حدود 1939 حيث جاءني بعد الاخوان وطلبوا مني الانخراط في تنظيم سياسي، فطلبت منهم توجه و افكار هذا التنظيم ولما علمت بعض الشيئ عن هذا العمل الوطني تحمست واقتنعت بالفكرة خاصة بعد ان تعرفت حين كنت اتردد للصلاة في المسجد المحمدي بدرب الحبوس باحد الوطنيين الاوائل السي بوشتة الجامعي. و انتقلنا معا الى منزل السي احمد بنابي بدرب كلوطي حيث اديت اليمين من اجل خدمة الوطن وذلك بعد ان كنت منخرطا في نقابة س.ج.ت، وكان لنا انذاك ممثلون عنا "ديليكيا " الا انه رغم مسؤولياتنا النقابية لم يكن النقابيون الفرنسيون يسحموا لنا بالمشاركة في اجتماعتهم مخافة ان نعلم بما يجري خلال ذلك ، لقد كان الفرنسيون يقضون مصالحهم باصواتنا نحن رغم اننا كنا نمثل الاغلبية اذ كان المعمل يشغل ما يزيد عن 500 عامل . اما عن المزج ما بين العمل النقابي و العمل السياسي فان الانطلاقة كانت في اول محل للسكنى عند انتقالي الى الدارالبيضاء حيث كنت جارا لابراهيم الروداني الذي لم يكن له اول الامر نشاط سياسي، فكنا نلتقي بين الفينة و الاخرى تارة في بيتي واخرى في بيته فأحدثه عن المغازي في الاسلام و احديث الرسول الكريم... و اصبح يرافقني الى المسجد و يقيم جلسات للطلبة في البيت ثم انخرط هو ايضا فيما بعد في الحزب، ولما علم انني المسؤول في العمل النقابي و السياسي عاتبني قائلا ذات يوم :؟ " الله يا هذا الرجل، كيف لك لم تخبرني بفضائل الحزب منذ زمن،لكنت انعمت بذلك منذ مدة" فأجبته : الحمد لله الان، فكل حاجة تأتي في وقتها و الان ما رأيك في ان نعمل معا في البيت؟، فقال: كيف ذلك؟. فأجبته: انت تدعو اهلك و اصحابك " الشلوح " و انا سادعو العاملين معي في " الفابريكة "، لنعمل لصالح الوطن والوطينة بكل جدية، و بدأنا في العمل و اسسنا عددا من الجماعات لكل واحدة امينها و كاتبها و استمر الامر على هذا الحال دون علم المسؤولين عن الحزب طيلة سنوات الى حين اول اعلان باضراب حيث كنت مرة برفقة السي ابراهيم بباب المنزل، فإذا بالسي بوشتى الجامعي و السي الهاشمي الفيلالي قادمين احدهما يشير الى الالتحاق بهما و بعد تبادل التحية طلبا مني بان ادعو العمال للاضراب وذلك احتجاجا على الحوادث التي وقعت في كل من سلا و الرباط و فاس ... فاغتنمتها فرصة لتقديم السي ابراهيم للمسؤولين الحزبين وبعد ذلك دعوناهما للدخول الى المنزل قصد اطلاعهما على ما نقوم به من نشاط و تنظيم داخل البيت ، وبعد اطلاعهما على كنانيش التنظيم التي تتضمن لوائح الجماعات و نوعيتها ومواقيت اجتماعاتها ... اندهشا و اعجبا بهذا العمل حيث خاطبنا السي بوشتى قائلا: " وايوى انتما دردتو حزب ديالكم بوحديكم... كثلة العمل الوطني باقي معندهاش جماعات صغيرة بحال هادو لصوبتو في درب السلطان ... و البلدية ! فدعوا لنا بالتوفيق و اخبرانا بانهما سيبعثان لنا ببعض الاخوان لتعاون معنا ... و بالفعل بعد ايام اتصل بي السي بناصر حركات الذي كنت التقي به يوميا للمذكرة في شؤون النقابة وانخراط النقابيين في العمل السياسي وبعده اتصل بي سي الطاهر غلاب من اجل التنسيق مع القيادة السياسية. و بعده اتصل السي الهاشمي الفيلالي الذي قضى معنا ايضا مدة مهمة ثم جاء بعده السي عبد الرحمان اليوسفي وهؤلاء لم يكونوا عمالا و انما كانوا معلمين مكلفين من طرف قيادة الحزب لمساعدتي على تأطيرو توجيه العمل النقابي وكانت الاجتماعات كلها تنعقد في دار ابراهيم الروداني في سرية تامة واستمر التنظيم و التكوين الى حدود احداث فرحات حشاد في نهاية سنة 1952 ... و بخصوص النشاط النقابي داخل النقابة س.ج.ت فلقد كان لي فيها اربعة جماعات للحزب مكونة من العمال، وقمنا بعد ذلك بتأسيس جماعات اخرى بعد ان تطوع بعض العمال ببيوتهم التي كنا نجتمع فيها ليلا وكان ذلك في درب الطلبة ودرب الفقراء شارع الفداء حاليا ... وللاشارة ايضا، فإنه في تللك الفترة كان احد المسؤولين النقابيين وهو السيد الطيب بن بوعزة الذي كان يعمل في معمل الفوسفاط بجرادة ، و الذي سبق ان عرفني به السي بناصر حركات الذي كان يتصل بي في دار ابراهيم الروداني فنقوم بالتنسيق بيننا فيما يخص شؤون الطبقة العاملة وبعد العمل على اشراك عدد كبير من عمال معمل التبغ بالدارالبيضاء في النشاط النقابي بقي لنا معمل التبغ بالقنيطرة حيث بلغ الى علمنا ان نقابة القوة العاملة تعمل فيه جاهدة لاستقطاب العمال قصد البحث و الاتصال ببعض الاخوان هناك الذين كانت لنا معهم صلة من قبل. فسافرت بدوري الى مدينة القنيطرة فقصدت نادي س.ج.ت لابحث عن مسؤول نقابي كان يدعى " خيزوة " هو الكاتب العام لنقابة الاساتذة، فرافقني احد الافراد لبيت هذا المناضل وهناك وجدت المحجوب بن الصديق برفقة شابين فرنسيين فقضينا الليلة جميعا في بيت السيد " خيزوة " وفي الصباح اتجهنا الى مقر النقابة فوجدنا جمهورا نطلب منهم الانخراط في نقابة س.ج.ت لكون هذه الاخيرة تسمح لنا كمغاربة تكوين مكاتب خاصة بنا ... اذن لما وجدت عمالا من معمل التبغ بالقنيطرة اسسنا نقابة لذلك المعمل ثم التقيت بالمحجوب الذي كان كاتبا عاما لنقابة السكة الحديدية . وفي المساء عدنا معا ولما وصلنا الى الرباط اجتمع مع مجموعة من العمال حيث اعتقله الفرنسيون اما انا فتابعت طريقي مباشرة الى الدارالبيضاء. وفي مناسبة تحدثنا فيها مع بعض الاخوة الذين يتصلون بالقصر الملكي فاخبرونا بان الملك سياتي الى الدارالبيضاء فترقبنا مجيئه وبعثنا حينئد لمسيري النقابة في كل من مدن فاس، مكناس، القنيطرة، طنجة، مراكش، وعقدنا اجتماعا في منزل ابراهيم الروداني وكوننا وفدا للدهاب الى القصر وعند استقبالنا من طرف الحاجب الملكي طلب منا تقليص عدد اعضاء الوفد الى اربعة او خمسة افراد فقط ، وبعد ذلك ضم الوفد عبد ربه و الطيب بن بوعزة و التيباري و الحداوي و المنساوي، ومما اذكر في تلك الفترة ان الفرنسيين نقلوني ذات يوم من السجن الى حديقة ماردوخ وهناك قابلوني بابراهيم حيث كان من بين الحراس احد الخونة لم اعد اذكراسمه المهم انه قتل فيما بعد وبخصوص المقابلة فقد حاول المخبرون استنطاقنا لمعرفة نوع العلاقة التي كانت تربطني بابراهيم الا انهم لم يفلحوا لتنكر كل واحد منا للاخر...
احمد الروداني.
... يروي لي والدي انه كان له ارتباط كبير بوالدكم. لانه اولا، كانت هناك علاقة جواروكنا تقريبا عائلة واحدة بحيث كنا نقيم في نفس المحل.
لايفصلنا الى الباب الخارجي. و اخوك المرحوم محمد الحبيب الذي هو قريني كان بمثابة اخي. لان امي توفيت وانا مازال طفلا وكنت اقضي معظم اوقاتي في بيتكم . مما اذكر ان والدي ورفاقه كانوا يسمون والدك بالفقيه لانه كان بين الفنية و الاخرى يجمع الناس في الدار ليلقي فيهم دروسا في الدين و في الوطنية. ومن هذا المنطلق اخد الناس شيئا فشيئا يفكرون في شؤون بلادهم وفي معمل من اجل تحرير و استقلاله. في البداية ، كان هناك سكان الحي كالحاج محمد البويري ... ومسالة التنظيم في شكل جماعات هي مبادرة جاءت من طرف الحاج محمد المرابط. وهذه الجماعات بالرغم من انها تتكون من عمال وحرفيين وتجار صغار فانها لم تكن جماعات نقابية وانما جماعات سياسية لان في الدار كان الحديث عن الدين وعن الفتوحات الاسلامية وعن الوطنية الخ ... واما شؤون النقابة فان الحديث عنها في المعمل وفي مقر س.ج.ت و استمر الامر على هذا الحال الى ان جاء ما يمكن ان نسميه بالمواجهة السلمية وهو الاضراب الذي عرفه قطاع الاقتصاد و الانتاج في بداية سنة 1944 في مجموع التراب الوطني. يحكي والدي في هطا الصدد انه اللاعداد لهذا الاضراب جاء اعضاء من الحركة الوطنية وهما السيدين الهاشمي و الفيلالي و بشتى الجامعي وطلبا منه الاعلان عن الاضراب في صفوف العمال. وكانت فرضة قدم فيها والدي والدك للرجلان ثم ادخلهما الى المنزل واظلعهما على مبادرتهما في التنظيم السياسي ففوجئا بهذا العمل الوطني لانه حسب علمهما لم يكن تنظيم في العمل الوطني بهذا الشكل. وبعد ذلك بدا الحزب في بعث منذوبين حزبيين كان اولهم السيد بناصر حركات.
الهاشمي الفيلالي
... في الحقيقة، ان احياء مثل هذه الذكريات واحياء ذكر مثل هؤلاء الرجال الذين نسيهم التاريخ الحاضر او نسيتهم الاجيال الحاضرة يعتبر عملا مشكورا وعملا نافعا للحاضر و للمستقبل وفي الحقيقة ان مثل هذا الشخص له ذاكرة بارزة في تاريخنا الوطني لاننا نحن الطليعة الاولى في العمل الوطني بالخصوص لما ابعدني الفرنسيون من فاس والزموني بان لا ارجع اليها وجئت الى الدار البيضاء كنت مع مجموعة من الرواد الاولين و المجاهدين في هذه المدينة و الحقيقة انني حينمااذكر المجاهد محمد المرابط اذكر معه كذلك اخي ورفيقي السي بوشتى الجامعي، وكذلك اذكر الفقيه بوكطاية، اذكر كذلك عائلة النتيفي كلهم العلماء الذين كانوا من رواد الفكر السلفي و الديني في هذه المدينة، كنا نستقطب الافراد من هنا وهناك الذين كانت تتوفر فيهم كل المؤهلات يحافظون على دينهم وعقيدتهم وعلى هويتهم ... في الحقيقة، ان مدينة الدارالبيضاء، حينما يذكر الانسان لبعض المراحل التاريخية الاولى، يمكن ان نعتبرها انها كانت تقريبا مدينة فرنسية، اقتصاد، وصناعة و ارض وادارة ... و المغربي فيما انما هو وافد ووارد، لا وجود له في الحقيقة. و لهذه كان الاستعمار الفرنسي له مظهر ووجود كقوة المشخصة في معالم الوجود. في البناء، وفي المعامل، وفي المصانع. بذلك كان الصراع قوي وعنيف وكان الرواد الاولون الذين يحملون هذا الفكر الوطني، متابعون بدقة من المستعمر، ومضطهدون وكان المستعمر لا يسمح لهم حتى بان ياخدوا حقهم في الحياة. ولهذا كان هؤلاء الرواد ومن بينهم الاخ محمد المرابط من الصابرين، من المجاهدين الاولين . وحينما بادأنا ناسس مراكز ومواطن وجود القوة الفرنسية وهي المعامل لان الفرنسيين في الدارالبيضاء عن طريق المعامل و المؤسسات الصناعية التي كانت مظهر القوة و الوجود المغربي مرغم بان ياخذ حق قوته في الحياة...
طاهر غلاب
كان رحمه الله من رواد الحركة الوطنية ورفيق الرعيل الاول من امثال بوشتى الجامعي و الهاشمي الفيلالي واحمد بن ابراهيم السوسي، كما كان من اوائل النقابيين الذين اسسوا النقابة المغربية الى جانب الطيب بن بوعزة و النقابيين الاولين.
عرفته الدارالبيضاء مسيرا لخلايا حزب الاستقلال فكانت تحت اشراقة توجيهه اكثر جماعات درب السلطان و البلدية و احياء المنطقة كلها، ستنير بتعليماته و تتشبع بروحه الوطنية الصادقة و اخلاصه الذي لاحد له، يعمل بتفان ونكران للذات و بصمت وهدوء.
وبهذه الروح اسس النواة الاولى للعمل النقابي بمعمل الدخان ونشر النشاط النقابي وسربه الى معامل اخرى. فكانت الادارة تخافة وتكيد له في نفس الوقت، حتى و اتتها الفرصة لتزج به في السجن بعد الاضراب التضامني لاغتيال الزعيم فرحات حشاد حيث قضى سنتين توجتها بنفيه الى مسقط رائسه طنجة.
كما انه بهذه الروح ساهم في تكوين النواة الاولى للمقاومة مع المرحوم ابراهيم الروداني وطعمها من خلايا الحزب بالعناصر التي رباها وهيأها للذلك ...
مصطفى بن عثمان الحسينية ( احد قادة جيش التحرير)
... لنرجع شيئا ما الى بداية العمل الوطني . عمل المرحوم الحاج محمد المرابط، حين انتقل الى الدارالبيضاء لم ينتقل كانسان عادي. لا ننسى انه كان من ابناء المصلى بطنجة. و انه كان طالبا بحيث تتلمذ على يد العلامة سيدي عبد الصمد كنون واما نجله العلامة سيدي عبد الله كنون، فقد كان صديقه وزميله في الدارسة بحيث كان على اتصال به بعد مغادرته مدينة طنجة الى مدينة الدارالبيضاء. وفي الثلاثنيات ، كما نعلم كانت ظروف طنجة جديدة بالنسبة للمغرب بحيث ان الاسبانيين اعلنوا الجمهورية وطنجة كان يقيم فيها عناصر متحررة من جميع الدول وكانت النقابة تستمد مبادئها من فكر سان-سيمون - الفرنسي - وكانت في المدينة نقابة الا ان المغاربة لاحق لهم في الانتماء اليها وكانت هناك جماعة من الاخوان الذين كانوا في شركة الدخان و اعين بوطنيتهم و شاعرين بمسؤولياتهم كمغاربة بدؤوا يميلون للدفاع عن الحق و الدفاع عن حقوقهم و لم يرضوا بالاستعمار. وشرعوا يطالبون بحقوقهم و ان شركة الدخان انذاك كان اجراؤها يعتبرون بحكم وضعيتهم الاجتماعية كتجار اليوم لم يكن اجره ضعيف كعمال اليوم ... وهنا نجد جماعة من العمال و على راسهم الحاج محمد المرابط ومعه الصنهاجي و البدوي ومولود ومجموعة اخرى فالفرنسيين. كانوا يخافون من تسرب العمل النقابي لشركتهم التي كانت " مونوبول " و قرروا نقلها الى القنيطرة قبل الدارالبيضاء و الفرنسيين حين انتقلوا الى القنيطرة اخدوا.معهم من طنجة اختصاصين في الاستعلامات مغاربة. بعضهم ، في الظاهر عمال ولكن عملهم مراقبة نشاط العمال الذين كان لهم اتصال مع النقابيين الفرنسيين. و السي محمد المرابط عند انتقاله الى الدارالبيضاء و تعرف بابراهيم الروداني بحيث كانوا يعيشون في منزل واحد كان يملك من روح الوطنية عالية. المهم ان الحاج محمد المرابط كان قد تهيا للعمل الوطني وهو لا يزال بمدينة طنجة متحمل للمسؤولية. مفتخرا بجلبابه ولم يبدل كسوته وحتى النقابة لم تكن غايته و انما تحرير بلاده من رواسب الاستعمار الفرنسي ومن الناس الذين من كان للحاج محمد لمرابط فضل كبير عليهم في الوطنية ومن الامور الذي اسسها اشبال المسرح للبدوي. ومن الشباب الذين ساعدهم على اتمام دراستهم المعطي بوعبيد والدكالي وغيرهم و لكن لا يمكن ان نذكر عمل المرحوم السي محمد المرابط دون ان نذكر داره التي كانت دار الوطنية لان للسي محمد اخت الحاجة فاطمة اطال الله في عمرها الدارالبيضاء كلها تعرف الطنجاوية ولكن هذه الطنجاوية حاجة كبيرة اعمالها ومواقفها مع عائلة المعتقلين و اخفاء الاسلحة عند بداية حركة الوطنية . انني مسرور جدا، بعد ما بداتم تتذكرون عباد الله الصالحين.
عبد القادر البدوي ( قيدوم المسرح المغربي )
... و بالنسبة للحاج محمد المرابط ساحدثكم عن بعض الاشياء ربما يجهلها كثير من الناس لقد كان المرحوم استاذ في الدين. اولا واستاذا في السياسة ثانيا. وفي الرياضة ثالثا. وفي الفن رابعا. واذكر في مرحلة الشباب في سنة 1946 التي كانت من اخطر السنوات في الميدان السياسي بالمغرب . و اذكر بمناسبة هذا الشهر المبارك اتصل بعض الوطنيين بالمقيم العام بالدارالبيضاء بصفتهم ومواطنيين عاديين فابلغوه بان شهر رمضان يكون شهر دينيا. و المسلمون يحتفلون في الليل. فطلبوا منهم بان يرخص لهم بوضع منصات في بعض الشوارع وفي بعض الامكنة لتنظيم عروض مسرحية والقاء قصائد دينية. فاعتبر المقيم العام ان المسألة بسيطة و سمحوا لنا بان تقام اربع منصات احداها في درب الاحباس و اخرى في درب اليهودي وهذا الاخير كنا نسكن فيه. وكان يسكنه كذلك الحاج محمد المرابط. ومنصة في البلدية ومنصة في المدينة القديمة. وفي هذه المناسبة اخذني والدي الذي علمت فيما بعد انه يعمل في احدى الجماعات للحركة الوطنية ... قلت اخذني معه الى منزل الحاج محمد المرابط وهناك وجدنا مجموعة من الطلبة المعلمين يقومون ببعض وهناك وجدنا مجموعة من الطلبة المعلمين يقومون ببعض التداريب التمثيلية ويقرؤون قصائد شعرية وبعض الخطب
والمقاولات للاستاذ سعد زغلول وغيره. والذي كان يلقن هذه القصائد و يشرح مغزاها هو الحاج محمد المرابط. و بهذه المناسبة، يمكن ان اقول لكم بان انطلاقتي في المسرح بدات في سنة 1946 على يد الحاج محمد المرابط ...
واذكر بهذه المناسبة انه كان يحضر هذه الحفلات من حين لاخر في حي الاحباس الذي يوجد فيه القصر الملكي، صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني نصره الله ولي لعهد انذاك ومن هنا يظهر اهمية ومغزى هذه الاحتفالات الرمضانية التي كان لها بعد ديني وبعد سياسي.
وبعد انتهاء شهر رمضان، ودائما في اطار الحي الذي نسكن فيه تاسست فرقة مسرحية تحت اسم " فرقة الفوز" في بيت الحاج محمد المرابط . وكان يراسها السيد العبدي الركيبي و المخرج الاستاذ محمد التازي وهو سفير صاحب الجلالة في القاهرة. و المؤلف، كان هو الاستاذ محمد بلعربي الذي ذكرته سابقا. لانه في ذلك الوقت كان للثقافة شان متميز وكان العرض الاول بالمسرح البلدي وهذا المسرح كان انذاك تحت الرقابة الفرنسية. وقبل ان نقوم بالعرض، كانت المسرحية تخضع للرقابة التي كانت تفرض سحب بعض الفقرات او بعض المشاهد كما كانت الرقابة تشترط بان تكتب ملصقات باللغة الفرنسية ماله الاعتقال. و الحاج محمد المرابط هو الذي كان يقوم بهذا العمل وكان غالبا ما يخالف تعليمات المستعمر فيقضي الليالي في الكومساريات... و بالنسبة للميدان الرياضي كانت الحركة الوطنية قد دخلت ايضا هذا الميدان خاصة حينما رات ان الجامعة الفرنسية مسيطرة عليه وتستقطب الجماهير خاصة في مدينة الدارالبيضاء فكان المرحوم الحاج محمد المرابط و المرحوم عبد السلام بناني ومجموعة من القادة الوطنيين منهم من توفي ومنهم من لازال على قيد الحياة تدسسوا في الجامعة بل قاموا بتكوين جامعة كرة القدم و بدأت الفرق الوطنية تتبارئ فيما بينها، وبدأت الجماهير تهتم بها وبطبيعة الحال حينما تنتهي الكرة تكون اللقاءات و المذكرات، ثم الاجتماعات، والتسير، والتوجيه الوطني ...
... وبعد فترة اسسنا نحن الاشبال في المعمل فرقة اشبال العمال بمساعدة المرحوم الذي كان يعزني كثيرا و يحبني كثيرا لدرجة انه بكل صراحة ، وهذا للتاريخ اعتقد انه كان معجبا لاهتمامي بفن المسرح و انا صغير وكان يعتبرني جزءا من اسرته واحد ابنائه. وكان ذلك في اوائل شهر ديسمبر دعاني الى البيت فقال لي ينبغي ان تقوم باعداد مسرحية لا تتعدى نصف ساعة تكون وطنية وهزلية فقلت له لماذا ؟ فاجابني سوف نقوم بتجمع في مقر س.ج.ت وهو شارع فرحات حشاد الان واذا كنتم مارين من هناك ستجدون واحد المحل اسمه " العالم الرياضي" محل للرياضة هناك كان مقر س.ج.ت - قلت فاستترسل المرحوم سوف يكون هناك تجمع نقابي و سياسي كبير وسوف تحضره رموز وطنية وفي انتظار التجمع وحتى يمكن جمع الناس، تقومون انتم بالقاء قصائد وعروض تمثيلية و للتذكير فان العمل الوطني كان في ذلك الوقت بالفكر و بالثقافة وليس بالبنادر و التعارج... كنت قد اعددت تمثيلية كانت تحمل اسم " البياعة ما تشوفوا رسول الله " لان المشكل كان مشكل " لبياعة " اتينا ومعنا مجموعة من الطلبة، حضرنا ذلك التجمع الضخم ولما وصلت الواحدة زوالا سمعنا هديرا مرعبا ولم تمر دقائق حتى راينا الدبابات و الشاحنات وقوات هائلة من البوليس زاحفة نحو المقر فطوقت المنطقة وبدات المراقبة و التفتيش و الضرب بالارجل و بالبنادق. ومن هذا الحدث استعمل المستعمر لغة القهر و الاضطهاد بتوزيع العقوبات اما بالسجن و اما بالاعدام واما بالنفي. والغريب انه بالنسبة للمرحوم في احداث فرحات حشاد صدر في حقه قرار بالنفي الى مسقط راسه بطنجة في 1952 ورغم هذا القرار اعتقل مع رفاقه الوطنين وبعد خروجه من السجن في سنة 1954 ظل قرار النفي الى طنجة ساري المفعول. اذ بعد الافراج عنه مباشرة قال له الفرنسيون لا مكان لك بعد الان في الدارالبيضاء ويجب ان تسافر الى مدينتك طنجة لتقييم فيها الى الابد.
محمد التمسماني - ابن فطمة الطنجاوية -
في الحقيقة ، الكفاح المسلح ضد المستعمر لم يات بكيفية عفوية. وانما كان نتيجة وعي وتكوين وتوجيه من طرف وطنيين في الدرالبيضاء منذ الثلاثينيات. وبالنسبة للحاج محمد المرابط كان عمله، في البداية، بالارشاد والموعظة مع بعض الجيران ثم مع العمال. وحين ارتبط بالسي ابراهيم الروداني ، شرع في تنطيم اجتماعات داخل الدار ليلا وفي سرية تامة طبعا. ومما اذكر انه كان يسير الجماعات في مختلف الاحياء بالدارالبيضاء طيلة سنوات وكانت ثلاث محطات اساسية اثرت بشكل كبير على النضال الوطني.
اولا:الاستقبال الذي كان المغفور له محمد الخامس قد خصه لبعض القادة النقابيين وعلى راسهم الحاج محمد المرابط في سنة 1949 و الذي اوصاهم فيه رحمة الله بالاستمرار في عملهم و التمسك بقضية وطنهم.
ثانيا: احداث فرحات حشاد الدامية في مقر س.ج.تفي دجنبر 1952 و الاعتقالات التي شملت جميع القادة الوطنيين.
و ثالثا: نفي جلالة المغفور له محمد الخامس و العائلة الملكية الكريمة.
انذاك وقعت تحركات وبدا التفكير بالانتقال مع العمل السياسي الى العمل المسلح وبالنسبة الحاج محمد المرابط كان له ارتباط مع المناضلين وخاصة منهم الحاج " البوهالي" ومولاي التهامي وبوشعيب المنساوي و المكي العلمي ومصطفى خلخال المكنى ببوكرون ومحمد الجزائري و الحسين المزابي و الحاج محمد اوفاري ومحمد انور المكنى بالسرجان وطبعا ابراهيم الروداني الذي كان قد تطوع بداره لتنظيم الجماعات و اقتصر هنا على جانب المقاومة بعد اعتقال القادة الوطنيين لم نكن نعرف عن مصيرهم الا بعد ستة اشهر تقريبا اي بعد نقلهم من سجن اغلبية بالدارالبيضاء الى السجن المركزي بالقنيطرة - انذاك وبعد ماتم الترخيص بالزيارة رافق العائلة السيد محمد انوار المكنى ب " السرحان " كانت حالى القادة الوطنيين في السجن مؤثر جدا و يروي لنا سي محمد انوار الحديث الذي جرى بينه وبين الحاج محمد المرابط حيث قال له: " ان الفرنسيين سجلوا علينا تهم خطيرة واذا لم تتحركوا خارج السجن فاننا سنذهب الى القرصنة " ... باجابة السرجان " كانوا مطمئنين ، لانه بفضل تسييركم وبفضل توجيهاتكم. فانكم تركتم الرجال ".
وبعد ايام، اتصل محمد انور السرجان بالحاج محمد اوفاري وهو صاحب " الصاكة " بدرب اليهودي.
هذا المحل كان بمثابة محل للمخابرة بين المقاومين اقول اتصل به واخبره بانه لايزال يحتفظ بمسدس من حرب الهند الصينية ( كان السيد محمد انورعارفا في الجيش الفرنسي) ووقع الاتصال ما بين الاخوان بدرب السلطان يقودهم السرجان واخوان المدينة القديمة يشرف عليهم محمد الزرقطوني ووقع التنسيق بينهم وما ينبغي التاكيد عليه في هذه المرحلة الحاسمة في الكفاح الوطني، وهو دور والدتي الحاجة فاطمة الطنجاوية التي كانت منسقة للعمل الوطني من السجن الى خارجه حيث كان الحوار اثناء الزيارة مع اخيها الحاج محمد المرابط باللغة الريفية التي كانت تستوقف الحارس السجني في الممر الفاصل ما بين السجناء و الزوار وتبدو عليه علامات الترقب لانه كان يتكلم الدارجة وربما يفهم كلمات من اللغة الاميزيغية ويبدو عليه نوع من الاستغراب وهو يسمع لغة غريبة عنه وكانت التعليمات تتسرب بهذه الوسيلة الحاجة فاطمة كانت صلة الوصل مع الاخوان من جملتهم من هم حاليا موجودين في اللجنة المؤقتة للمقاومة وجيش التحرير من بينهم حسن الاعرج و الدكتور عبد الكريم الخطيب و الكولونيل المختار و المرحوم القائد محمد الناصري و الصديق صهر المرحوم العتابي و الداحوس وغيرهم ... وما ينبغي تسجيله هو ان الحاج محمد المرابط كان قد طلب من اخته ان تجعل منزلنا مقرا للمقاومة. ومحمد انور السرجان كان اول من اتى بالاسلحة من مخزنها الى بيتنا هو المرحوم محمد فكري الطنجاوي . وهذا المقاوم الذي كان في احدى الجماعات التي كان يسيرها الحاج محمد المرابط ، كان يعمل بالقنصلية الايطالية بالدرالبيضاء حيث كان يثق فيه القنصر الايطالي وياخده معه من حين لاخر الى ايطاليا.فكان ياتي بمسدسات صغيرة. وفيما يخص تدريب افراد الجماعات على استعمال الاسلحة كان يتم على يد محمد انور السرجان فكان يعلمهم كيف يدخل الرصاص ويخرجه وتصويب المسدس دون اطلاق النار. كيفية الاستعمار هذه كانت تتم داخل بيتنا. وبعد ذلك ، يخرجون لاماكن بعيدة وفي هذا العمل السري كانت تستعمل اسماء مستعارة من بينها بلعيد " درب غلف " مصطفى خلخال " محمد الصبان "، احمد بوزانبو" محمد اخبازة " ...
ومما اذكر ايضا ان بيت ابراهيم كانت تحضر فيها المؤمن للسجناء وكان المسؤول عن مد " جسور " هذه المؤمن هي الحاجة فاطمة و ابراهيم المكنى " بالتروست. و الخلاصة ان العمل الوطني بدا بالتدرج في البداية كانت الروح الاسلامية ثم الحركة الوطنية و التحسيس بقضية الوطن و استقلاله ومن اجل ذلك ضحى ثلة من الرجال براحتهم ووقتهم و بحريتهم و بحياتهم وهذه مرحلة من تاريخ المغرب ينبغي ان يسلط عليها مزيدا من الاضواء حتى لا يبقى هذا الخلط وللقادة السياسيين الذين عاشوا هذه المرحلة مسؤولية تاريخية من هذه الناحية.
هذه موجز احاديث في ما جرى في بيت ابراهيم الروداني و محمد المرابط الذي لم يتحدث عنه اليوسفي رغم ان بدايته في النقابة قبل السياسة و سنه انذاك لم يتجاوز العشرين انطلق في بيت ابراهيم من اجل التنسيق مع محمد المرابط بتكليف من النخبة الوطنية في الرباط وفي بيت ابراهيم في درب السلطان موطن الحرفيين و العمال الذين احتك بهم صاحب الاحاديث ردحا من الزمن و التحق بعد ذلك بالسياسيين الذين كان الكادحون البسطاء يسمونهم كما قال لي احمد الروداني بأصحاب الاناشيد ... لقد كان لي امل في رصد مزيد في ما جرى في بيت ابراهيم الروداني حين عرفني المرحوم محمد منصور بالسي عبد الرحمان في جلسات محاكمة نوبير الاموي حيث فاجأني حين قال لي لا اذكر اباك وحسب وانما اذكرك انت ايضا حين كنت صغيرا فترددت عليه في بيته اكثر من مرة علني " انتزاع " شهادة الماضي الدفين و ببشاشته المعهودة كان يكتفي بدعوتي الى شرب الشاي و تقديمي لضيوفه ولعل انشغاله انذك بتهيئه معنويا للدخول الى بيت الطاعة حان دون ذلك ، فانقطعت صلتي بالشاهد على ما جرى في دار ابراهيم الروداني من إحداث بصمة تاريخ مناهضة المستعمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.