"نشرة إنذارية".. هبات رياح قوية مع تطاير الغبار مرتقبة غدا الخميس    محكمة هامبورغ تقضي بتسليم بودريقة إلى المغرب بعد شهور من الترقب    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    مقاييس التساقطات المطرية وتوقع هبات رياح قوية مع تطاير الغبار مرتقبة غدا الخميس بعدد من أقاليم المملكة    الأسبوع الوطني للماء 2025: تعبئة وطنية لمواجهة التغيرات المناخية وضمان الاستدامة المائية    الأرصاد الجوية تحذر من رياح قوية مع تطاير الغبار بعدد من مناطق المغرب    فاس.. توقيف عشريني بشبهة إهانة هيئة منظمة    فضحها تحقيق فرنسي.. الجزائر تزور هويات مواطنيها في أوروبا وتقدمهم على أنهم مغاربة    سيدة مضطربة عقليا تدخل المسجد بملابس غير لائقة    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    هذه مواعيد مباراتي الجيش الملكي ونهضة بركان في ربع نهائي دوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    بركة يؤكد التزام حزب الاستقلال بالتماسك الحكومي ويدعو إلى تعزيز النقد الذاتي لتحسين الأداء الحكومي    ديمقراطية تركيا.. اعتقال عمدة إسطنبول منافس أردوغان في رئاسيات 2028 وتعطيل مواقع التواصل في البلاد    أوكامورا:الاقتصاد المغربي أظهر مرونة في مواجهة الصدمات السلبية    الPPS يشجب شراء الضمائر تحت يافطة "العمل الخيري" من طرف الأحرار    جريدة Argarica الاسبانية: اكتشاف كتابة بالامازيغية تيفيناغ في اقليم ألميريا بإسبانيا    نتنياهو يهدد بالتفاوض تحت النار.. وحماس تدعو للضغط على واشنطن    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    المغرب وروسيا يوقعان اتفاقًا جديدًا للصيد البحري لمدة أربع سنوات    اليوم العالمي للشخير    حكومة نتنياهو توافق على عودة بن غفير رغم معارضة المستشارة القانونية للحكومة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    المنتخب المغربي يواصل تحضيراته لمباراتي النيجر وتنزانيا قبل السفر إلى وجدة    أولمبيك آسفي يعلن انفراجا في أزماته بعد تدخل لقجع    العصبة والجامعة تحددان مواعيد كأس العرش واستئناف البطولة    الذهب يصعد لأعلى مستوى    مؤلم.. العثور على رضيع حديث الولادة قرب مسجد بمريرت    اللجنة الوطنية لحماية المعطيات تطلق برنامجا لضمان الشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي    المغرب يتحرك لتصنيف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية داخل الاتحاد الإفريقي    أرباح الأندية المغربية من بيع اللاعبين في 2024 تبلغ 8.27 مليون دولار    منخرطو الوداد ينتفضون في وجه الرئيس آيت منا    جامعة الكرة تصادق على تعديلات جديدة.. عقوبات لتخريب الفار وارتكاب الشغب    "التسوية الطوعية" تَخفض حاجة البنوك إلى السيولة بداية عام 2025    إسبانيا تعزز موقعها كشريك تجاري أول للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي    مسيرة بطنجة تندد بحرب الإبادة    مسؤول بحماس: لم نغلق باب التفاوض    شركة صينية تفوز بصفقة لتوسيع الطريق السيار بين الرباط والدار البيضاء    الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن: مشاورات غير رسمية مع الدول في مرحلة انتقالية سياسية    من اغتال كينيدي ؟ .. ترامب يكشف للعالم الحقيقة    إعادة الإدماج بنون النسوة: حفل إفطار جماعي لنزيلات السجن المحلي العرائش 2    جنيف : فاعلون صحراويون ينددون بالانتهاكات والقمع في مخيمات تندوف    تعرف إلى أغلى 8 لاعبين في المنتخب المغربي … وضمنهم حكيمي … ودياز    "دبلوماسية الطعام"    حِكم حَلاجِية..    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    أَكُلُّ هذا القتل من أجل تجويد شروط التفاوض؟    التمني في زمن التفاهة.. بين الحلم والواقع    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بذكراه الثلاثين ويكشف عن أعضاء لجنتي التحكيم    أيوب كريطع يتوج بجائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان مونس السينمائي    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    مختصون يناقشون راهن الشعر الأمازيغي بالريف في طاولة مستديرة بالناظور وهذا موعدها    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" ثقافة المقاطعة ... حراك من نوع اخر بين التخوين و المواطن "
نشر في أخبارنا يوم 24 - 04 - 2018

قبل بضع سنوات استيقظ الشعب الأرجنتيني، صباح أحد الأيام، وإذا بتجّار الدواجن والبيض قد اتفقوا جميعهم على رفع سعر البيض، حيث أجمع التجار "الجشعين" على ذلك دون أن يفكروا في لحظة واحدة أن هناك من لا يستطيع أن يجد قوت يومه وأن هناك من يعمل طوال النهار والليل ليوفر قوت يومه. ولكن المواطن الأرجنتيني عندما ينزل إلى البقالة ويجد سعر البيض مرتفعاً، فإنه يعيده إلى مكانه، كان هذا هو حال أغلب المواطنين الأرجنتينيين. وبعد عدة أيام وكالعادة وصلت سيارات التوزيع الخاصة بشركات الدواجن لتقوم بتنزيل الكميات الجديدة من البيض، ولكنهم فوجئوا بأن أصحاب البقالات يرفضون إنزال أي كميات جديدة فقام التجّار بإعادة الكميات إلى مستودعاتهم على أمل أن يعود المواطنون لشراء البيض، فتورط التجّار "الجشعين" بالبيض الذي تكدس في الثلاجات والمخازن والمستودعات والبقالات دون وجود مشترٍ له، وبطبيعة الأمر استمر الدجاج في المزارع وواصل إنتاجه من البيض وزاد الطين بلة، وكذلك أصحاب محلات البقالة لم يطلبوا أي طبق بيض، فالبيض الموجود لديهم بالأسعار الجديدة مازال عالقا في الرفوف. ولكن بعد عدة أيام اجتمع التجار واتفقوا على بيع البيض بسعره السابق قبل الارتفاع، ولكن الشعب الأرجنتيني الأبّي رفض أن يشتري البيض مرة أخرى، وذلك لكي يعطوا درسا للتجّار، فعاد التجّار وخفضوا من سعر البيض مرة أخرى، ولكن الشعب العظيم استمر في عدم شراء البيض فجن جنون التجار بسبب تفاقم الخسائر، وبسبب ذلك اضطر التجّار الخاسرين وهم مجبرون بأن يبيعوا البيض بربع سعره قبل الارتفاع مع تقديم اعتذار رسمي للشعب في الصحف الرسمية. ومن هذه القصة المعروفة لدى البعض سنتطرق لموضوع مهم وحساس ومؤثر لكافة فئات المجتمع ألا وهو المقاطعة الاقتصادية.
قيل لنا ان الخروج الى الشارع تمرد و عنف و مهلكة للارض و الوطن ، و قيل لنا ان من يعلو صوته بين الدروب و في عز المحن هو خائن او عميل او يبتغي من وراء تمرده دمارا و نارا من الفتن . قلنا ما لنا من وطن غيره فلنحارب فساده و لنستأصل خبيثه في سلم و امان.تعالت اصوات الكادحين و المقهورين و من اصابهم سهم الغلاء و اريقت دمائهم بين زيادات و شجع اللوبيات و تهافت الناس نحو البحث عن الخلل ، فقيل لن نخرج الى الشارع و لن نزعج نوم الساسة في البرلمان و لن نتعب شرطي تحت اشعة الشمس و لندع الكل في راحة و امان .فلنقاطع اسمى ما يكون من منتوج في هذا البلد و ما ارتفع ثمنه دون وجه حق بزيادة دون نقصان ، فالمقاطعة طريقة حضارية و عنوان للرقي و سبيل سليم للاحتجاج و تعبير عن الرفض من مواطن يهان.
ماذا هناك : لدينا محطات الوقود "افريقيا" وماء "سيدي علي" و كذا حليب "سانترال" ، لماذا هذا الثالوث و ليس شيل او طوطال و ليس سيدي حرازم او باهية و ليس نيدو او جودة او غيره.... الجواب بسيط جدا ، لان هذه المنتوجات الثالاث هي الاكثر مبيعا و الاكثر رواجا داخل السوق المغربية، و كان اختيارها موفقا كونها تمتلك الحصة و النصيب الاكبر من المبيعات مقارنة مع اقرانها من المنتجات ، و هدف اي مقاطعة هو اخضاع الباترونات او الدولة من تقليص ثمن البيع لهذه المواد ، لمواكبته و لمسايرة معدل الدخل الفردي للمواطن ، و كذا ليكون موازيا و طبيعة الاقتصاد المحلي و الوطني .

فلو اخذنا كمثال شركة المياه المعدنية سيدي علي و الذي تعود ملكيتها لمريم بن شقرون فسنجده يباع بثمن 6 دراهم للتر و نصف بينما ليتران من الماء باوروبا و امريكا يباع بدرهمان اي درهم للتر الواحد ، هذا قبل أن يتم اكتشاف عين ” سيدي علي ” من قبل عائلة بنصالح في قلب جبال الأطلس مطلع السبعينات، كان عبد القادر بنصالح والد مريم بنصالح مساهما في شركة “أوربونور” التي كانت تشتغل في الحبوب والنسيج، حيث قرر رفقة بعض أصدقائه تأسيس شركة واستغلال مياه “أولماس” التي تنبع من الأطلس الكبير. لكن بعد مدة ليست بالطويلة، أسس الأصدقاء شركة “اولماس”، قبل أن يشتري عبد القادر بنصالح أسهم شركائه، ويصبح المالك الوحيد ل”أولماس” التي تستغل الماء الطبيعي لسيدي علي، و هو اليوم اكثر المياه المعدنية تداولا بالسوق المغربية.
مثال اخر شركة افريقيا غاز و التي تدخل ضمن اطار مجموعة اكوا غاز و التي يراسها امين عام حزب الاحرار عزيز اخنوش ، تعتبر محطات وقودها الاكثر مبيعا للبنزين و الكازوال بالمغرب و قد احتلت المرتبة الاولى وطنيا ، فكون افريقيا كاز تحظى بالنصيب الاكبر من حيث عدد المبيعات فان اختيار مقاطعتها جاء معقولا و في المستوى لانها رسالة لباقي شركات بيع الوقود خصوصا و اننا نعلم الاثمنة الخيالية التي وصلت لها ثمن المحروقات بالمغرب دون وجه حق ، و التي بطبيعة الحال سياثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطن لا من حيث الخضروات او القمح او اي منتوج اخر يتم تحميله عبر شاحنات لنقل البضائع تستعمل احد انواع المحروقات .
فقد تجاوز سعر الكازوال و البنزين عتبة 10 دراهم في الوقت الذي تعرف فيه السوق العالمية تراجعا في سعر البترول لماذا اذا كل هذا الشجع الا توجد مراعاة لمعانات المواطن المقهور ؟
اما حليب سنتطرال و الذي يعد الحليب الاكثر مبيعا و رواجا بالمغرب، فنتذكر انه سنة 2013 أعلنت شركة "سنطرال ليتيير"، عن تغيير في ثمن بيع عدد من منتوجاتها من الحليب، حيث رفعت سعر منتوجها من "حليب سنترال المبستر"، بأربعين سنتيما للتر الواحد و تعد الزيادة الثانية ، حيث سبقتها زيادة قبل ذالك ، فباي وجه حق تتم هذه الزيادة و لماذا؟ .

كل هذا وسط غياب تام للحكومة المغربية بل و بمباركة منها ، و التي لم تنظر يوما الى مصلحة المواطن ، بل تركت السوق المغربية خبط عشواء دون مراقبة او محاسبة ، ليجد المواطن نفسه امام شجع و طمع لوبيات الاقتصاد ... فكان من ضمن الاساليب التي يمكن ان ينهجها دون ان يقلق راحة الحكومة هو التوجه نحو فكرة المقاطعة كنوع من الضغط لتعود الاثمنة الى مستوها المعقول و المنطقي الموازي للدخل الفردي للمواطن .

الا ان هذه الحملة قوبلت بالعديد من الانتقادات و التصورات اللامنطقية و التي اعتبرت انها حملة تحمل في طياتها حسابات سياسية او حزبية ضيقة استغلت المواطن المقهور من اجل انجاحها ، و في بعض الاحيان مستخدمين لغة السب و الشتم و وصف من يؤيدون المقاطعون بالشرذمة و الرجعيين ، لكن هنا نقف وقفة تامل ، اعتقد حتى لو كان ورائها حزب او تيار سياسي ما ، و كانت في صالح المواطن باخر المطاف فاهلا وسهلا بها. ففي النهاية الشارع هو من سيقرر و ليس الحزب و حبذا لو وجدنا احزاب تاطر الشارع ، فما دور الاحزاب من الاصل ان لم تاطر الشارع . ثم من يقرر اثمنة السلع اليس الوزير المكلف بالشؤون العامة و الحكامة و الذي هو من حزب من تتهمونهم انهم وراء الحملة ؟ ثم عن اي حسابات سياسية نتحدثهنا ، هل اثمنة هذه السلع معقولة و منطقية و تتماشى و دخل المواطن المغربي ؟ ثم عن اي ضرب للاقتصاد الوطني تتحثون عنه في حالة المقاطعة؟ هل لدينا حقا اقتصاد وطني ؟

لكن يبقى هذا مجرد احتمال فبعد تخوين اي احتجاج و مواجهته بكل الوسائل ، فان حرب المقاطعة اصعب و اقوى بكثير من اي حراك ، لانها تضرب في عمق الاقتصاد ، فلا يمكن مواجهتها او الزام المواطن ان يشتري سلعة ما بالقوة ، و المواجهة الوحيدة هي عبر الاعلام و فقط ، و المنتصر من يملك ارادة اقوى.

لان المقاطعة ثقافة مجتمع وأسلوب حضاري وسلاح قوي يغني عن الكثير من الأنظمة، ولكن يتهيأ للبعض صعوبة في مقاطعة سلعة أو خدمة ما، وقد لا تكون تلك الصعوبة حقيقية بل هي سراب لسلبية بعض المستهلكين ولمن يعتقد من الأشخاص السلبيين أن المقاطعة يصعب تطبيقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.