حذرت منظمة الصحة العالمية في تقرير جديد من ان مرضا زهريا خطيرا يصيب ملايين الأشخاص سنويا يزداد مقاومة ضد العقاقير ويمكن ان يصبح عما قريب عصيا على العلاج.
كان علماء أشاروا العام الماضي الى انهم اكتشفوا عام 2008 في اليابان سلالة ذات قوة فائقة من جرثومة مرض السيلان تقاوم كل المضادات الحيوية ولفتوا الى انها يمكن ان تحوِّل ما كانت حتى الآن التهابات سهلة العلاج الى خطر صحي يهدد العالم أجمع.
وقالت الدكتورة مانجولا لوستي ناراسمهان من قسم الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي في منظمة الصحة العالمية "ان هذه الجرثومة تزداد مقاومة ضد كل الأدوية التي رميناها بها" ، بما في ذلك مجموعة من المضادات الحيوية تُسمى سيفالوسبورين تعتبر حاليا خط الدفاع الأخير في مواجهة المرض. وأوضحت الدكتورة ناراسمهان في مقابلة مع وكالة اسوشيتد برس قبل إعلان منظمة الصحة العالمية يوم الأربعاء عن خطتها العالمية لمكافحة المرض ، ان جرثومة السيلان ستصبح في غضون عامين مقاومة لكل الخيارات العلاجية المتاحة الآن.
وقالت منظمة الصحة العالمية ان هذه المخاوف تأكدت الآن مشيرة الى ان بلدانا عديدة بينها استراليا وفرنسا والنرويج والسويد وبريطانيا تُبلغ عن حالات من السيلان المقاوم لمضادات سيفالوسبورين الحيوية.
وقالت الدكتورة ناراسمهان ان مرض السيلان أخذ يصبح تحديا صحيا عاما كبيرا وان أكثر من 106 ملايين شخص يُصابون سنويا بالمرض.
وأوضحت الدكتورة ناراسمهان في تصريح للصحافيين في جنيف ان جرثومة السيلان تطورت الى "سوبر جرثومة" مقاومة عمليا لكل صنف موجود من المضادات الحيوية. واضافت انه إذ اصبح الالتهاب ببكتير غونوكوكال gonococcal عصيا على العلاج فان العواقب الصحية ستكون وخيمة.
والمعروف ان السيلان مرض جرثومي ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي وإذا تُرك بلا علاج يمكن ان يؤدي الى مرض التهاب الحوض والحمل خارج الرحم وولادة الجنين ميتا والتهابات حادة في العين لدى الأطفال الرضع والعقم في الرجال والنساء على السواء.
وأصبح مرض السيلان الذي كان يُعد بلاء البحارة والجنود ، التهابا سهل العلاج مع اكتشاف البنسلين. وعاد الآن ليصبح ثاني اوسع الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي انتشارا بعد مرض الكلاميديا الجرثومي الذي يصيب الأعضاء التناسلية عند الرجل والمرأة.
وتقدر منظمة الصحة العالمية ان من اصل 498 مليون اصابة جديدة بالتهابات منقولة عن طريق الاتصال الجنسي في العالم تعود اسباب 106 ملايين اصابة سنويا الى مرض السيلان. كما ان المرض يزيد احتمالات الاصابة بأمراض أخرى مثل فيروس الأيدز.
ويُعد السيلان أكثر الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي انتشارا في جنوب وجنوب شرق آسيا وافريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ودعت منظمة الصحة العالمية الى اليقظة والحذر بشأن استخدام المضادات الحيوية استخداما صحيحا والى مزيد من البحث في العلاجات البديلة لما يُسمى التهابات البكتير غونوكوكال.
ويقول العلماء ان ظهور سلالات من جرثومة السيلان مضادة للعقاقير ناجم عن توفر المضادات الحيوية بلا ضوابط واستخدامها بإفراط ، الأمر الذي يساعد على حدوث طفرات وراثية في البكتيريا.
ويرى خبراء ان ما يزيد مشكلة السيلان تعقيدا ان سلالاته تحتفظ بمقاومتها الوراثية للمضادات الحيوية السابقة حتى بعد التوقف عن استعمالها.
وقالت منظمة الصحة العالمية ان سعة انتشار المقاومة للأدوية التي تعالج مرض السيلان في العالم لا تُعرف على وجه الدقة لأن كثيرا من البلدان تفتقر الى البيانات الموثوقة. وقالت الدكتورة ناراسمهان ان المعلومات المتوفرة لا تبين إلا الطرف الظاهر من جبل الجليد المغمور. وأكدت انه من دون مراقبة شديدة لن يُعرف مدى المقاومة للمضادات الحيوية ومن دون بحث في ايجاد أدوية بديلة فان من الجائز ان يختفي قريبا كل علاج فعال للمرض.
وقال الخبير السابق بالامراض التي تنتقل عن الاتصال الجنسي في منظمة الصحة العالمية فرانسيس ندووا ان مرض السيلان لم يتكيف للاحتيال على المضادات الحيوية فحسب بل أوجد اعراضا أقل ايلاما ليزيد بذلك فرص بقائه. وينصح خبراء بان أفضل طريقة للحد من خطر نشوء مقاومة حتى أقوى لمرض السيلان في جرثومته هي علاجه بمجموعة تضم نوعين أو أكثر من المضادات الحيوية في وقت واحد الى جانب الحاجة الملحة لتطوير عقاقير جديدة بطبيعة الحال.
وتُستخدم هذه الطريقة في علاج التهابات اخرى مثل التدرن الرئوي في محاولة لمنع الجرثومة من ان تتعلم بسهولة كيف تتغلب على الأدوية.
ويمكن الوقاية من مرض السيلان بالاتصال الجنسي المأمون. وقالت منظمة الصحة العالمية ان تشخيص المرض في وقت مبكر والعلاج السريع بما في ذلك علاج الشريكين الجنسيين ضروري للسيطرة على الالتهابات التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي.