ارتفعت مديونية الأسر المغربية بشكل كبير خلال العشر سنوات الماضية، إذ انتقلت من 8800 مليار سنتيم إلى أزيد من 35 ألف مليار سنتيم حاليا، أكثر من 80 بالمئة منها تغطي قروض السكن أو قبر الدنيا كما يسميه كثير من المغاربة، وهي قروض تتميز في غالبها بطول أمدها، وبارتفاع نسب فائدتها، ما يساهم في الضغط على مداخيل الأسر المغربية، والرفع من معاناة محدودي الدخل من موظفين ومستخدمين. ووفقا لمعطيات رسمية صادرة عن بنك المغرب، فقد عرفت قروض الإستهلاك بدورها إرتفاعا، وخصوصا قروض تمويل اقتناء السيارات التي وصلت قيمتها الى ازيد من 4000 مليار سنتيم، في حين أن قروض التجهيز المنزلي لم تتجاوز واحد في المائة من إجمالي قروض الاستهلاك. ووفقا لمتتبعين، فهذا النمو في وتيرة الإقتراض لدى لمغاربة، يرجع أساسا للارتفاع المتواصل للأسعار، وأيضا للتحول في العادات الاستهلاكية للأسر، وأيضا للمنافسة الشرسة بين الأبناك والشركات المقرضة والتي جعلت الولوج للإقتراض أكثر سهولة ويسرا من السابق، بل هناك من يتحدث عن دمقرطة الحق في القرض.. وضعية قد تظهر لنا وردية، لكن بولوجنا عالم المقترضين، وخصوصا الغارقين منهم في مستنقع الإقتراض تظهر لنا صورة أخرى أكثر مأساوية، حميد (إسم مستعار) أستاذ من مراكش، بسن قاربت الخمسين، وأجر جاوز 12 ألف درهم لا يحوز منها شهريا سوى 1900 درهم، والباقي مستحقات قروض... علما أن كراء شقة حميد وهو بالمناسبة متزوج وأب لطفلين يكلفه أكثر من 1500 درهم... وضعية متأزمة يعيشها حميد منذ 20 سنة، وستستمر إلى حين إحالته على التقاعد... ضغط القروض يدفع حميد للإستدانة الدائنة من الأشخاص أيضا، ما يدفعه كل مرة لتجديد عقد القرض كلما سنحت الفرصة لتسديد متراكمات الأفراد، حميد وصف لنا صيغة القروض الحالية ب"الإستعباد الحديث"، قبل مغادرتنا في اتجاه مقرض جديد...