رمضان، العطلة الصيفية، الموسم الدراسي، عيد الأضحى... كلها مواسم أصبحت تؤرق المواطن العادي خاصة ممن ينتمون إلى الطبقة الوسطى أو الفقيرة، فاقتراب كل موسم يعني أعباء مالية إضافية تفوق الأجرة الشهرية، الشيء الذي يؤدي في آخر المطاف بفئات من المجتمع إلى الالتجاء إلى القروض الاستهلاكية التي تعطيها الأبناك وشركات التسليف أو القروض الصغيرة جدا. «ميكروكريدي» التي تمنحها جمعيات القروض الصغرى، وبدلا من أن تصبح هذه القروض سببا لحل الأزمة المالية للأسرة المغربية أضحت مشكلا في حد ذاته بسبب ضغط أقساط القروض، فالمواطن المغربي الذي يلجأ إلى هذه القروض أصبح يحمل الأعباء الثقيلة لهذه الديون من أجل تحقيق رغبات آنية، فلم يعد يفكر هل يستطيع دفع ما عليه من ديون وأضحت مجرد حل لمشكل آني بآخر لاحق. ومن خلال لوحات وملصقات إشهارية، تتضمن آخر وأهم عروضها من القروض الاستهلاكية، وتشجع على الاقتراض من شركات القرض والبنوك، تلجأ فئتان واسعتان من المجتمع المغربي للاقتراض، فئة يقل دخلها الشهري عن حاجياتها الرئيسية خاصة في شهور محددة ،وفئة تقترض لزيادة الاستهلاك لا لسد الحاجة. بتزامن مع دخول رمضان هذا الموسم وأسعاره الملتهبة، وعطلة الصيف ، يضفي على المناسبتين سمة خاصة، تتطلب من زبناء الاقتراض التفكير مجددا في هذا الصنف من التمويل، لتعويض عجز الميزانيات. إذ يظهر الحل في اللوحات الدعائية ،التي تغزو جل شوارع المدن المغربية، خاصة منها تلك التي تحتضن أعدادا كبيرة من الموظفين والمستخدمين، تشجع على الاقتراض من شركات القرض والبنوك. وحسب مسؤول بإحدى مؤسسات القروض، فإن الاقتراض من المؤسسات البنكية شهد انتعاشا مهما هذه السنة، خاصة مع تزامن العطلة الصيفية وشهر رمضان ، واعتبر المتحدث أن للاقتراض مزايا كثيرة لا يمكن إنكارها، في ظل الأوضاع الراهنة، التي تتميز باستمرار تدهور القدرة الشرائية، بفعل الارتفاع المستمر للأسعار وجمود الأجور. وكل هذه المزايا يمكن أن تتحول إلى كابوس يؤرق المدين، ويؤثر بشكل سلبي على حياته الاجتماعية، متى وصلت الاستدانة من هذه المؤسسات حد الإفراط، الذي يصبح معه الشخص في حالة عجز عن الأداء، أي في وضعية المديونية المفرطة. ومع ذالك فالإقبال على القروض الصغرى يبقى في تصاعد، خاصة أن بعض الأسر المتوسطة والمحدودة الدخل، أصبحت تجد صعوبة في التخلي عن الاقتراض، عند حلول أي مناسبة من المناسبات أو دونها، لمواجهة ارتفاع الأسعار الذي بدوره في تصاعد في المناسبات و دونها. (كريم .ع)، مستخدم بالقطاع الخاص، أدمن الاقتراض، خصوصا مع الحكومة الجديدة . يقول مصطفى: «أجري البسيط لا يسمح لي بتسديد كل المستلزمات المنزلية، فأنا مضطر للاقتراض رغم أنني أود الاستغناء نهائيا عن مثل هذا الإجراء». المؤسسات البنكية، ورغم عروضها التي توصف بالمغرية، لم تعد وحدها مقصد المقترضين، خصوصا وانها تشترط قبول الملف وبالتالي شرط وجود أجر قار. مجموعة من النسوة التقتهن الجريدة بإحدى مؤسسات القروض الصغرى الموجهة في الأصل إلى المشاريع المدرة للدخل، وعند سؤالنا عن الهدف من القرض هل لاستثمار المبلغ أم للاستهلاك؟ حملت إيجاباتهن نفس الجواب . انه للاستهلاك وخصوصا أن من بين النسوة أرامل وأخريات أزواجهن عاطلون من العمل. وتضيف إحداهن انها أرملة وتعيل أربعة أطفال وكانت تنتظر حلا نهائيا من الحكومة خصوصا ما وعد به رئيس الحكومة الأرامل و المطلقات بدعم مادي مباشر كما وعد الفقراء عند كل مناسبة إنتخابية، تضيف. عبد العالي .ر، إطار بوزارة التربية الوطنية يقول« بالرغم من أجري المحترم، الا أنه لايكفي لسد الكماليات، بل اعتبرها تدخل ضمن الأساسيات كالسفر لقضاء العطلة الصيفية. ناهيك عن تغيير نمط الاستهلاك الذي عرفه المجتمع المغربي ». وحسب نتائج البحث المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط سنة 2013، فإن أكثر من ثماني أسر من كل عشرة (85,1%) صرحت بعدم قدرتها على الادخار خلال السنة الجارية وفقط 14,8 % توقعت عكس ذلك، وحسب المختصيين يعود ارتفاع نسبة التداين إلى غياب الوعي، في ظل الانفتاح الاقتصادي على الأسواق الخارجية ما ساهم في ترسيخ عادات جديدة للأسرالتي أصبحت تنفق أكثر من إمكانياتها ، ماعجّل بسرعة سقوط المواطن في دائرة الديون، والمجتمع اصبح استهلاكيا بامتياز، له متطلبات الدول المتقدمة وهو ما يتنافى ومعدل إنتاج البلاد التي تستورد أغلب حاجياتها. وهذا مايؤكده ما أفاد به بنك المغرب كون 20 في المائة من العدد الإجمالي لملفات طلب قروض الاستهلاك قدمها أشخاص يتجاوز دخلهم 10 آلاف درهم، علما بأن حصتهم لم تكن تتعدى 14 في المائة سنة من قبل.