يتوالى سقوط الأنظمة الدكتاتورية و قادتها الذين جثموا على صدورنا كشعوب عربية لعقود من الزمن ، نهبوا فيها خيراتنا و اموالنا ، و حولوا جزءا منها لحساباتهم السويسرية ، و الجزء الآخر لاقتناء أسلحة تسلط على رقابنا لقمع كل محاولات المطالبة بالتغيير و الحرية ، فسرقوا احلامنا و دمروا امالنا ووقعوا على اتفاقيات الذل و الهوان في السر و العلن مع اعدائنا، باعوا فيها ضمائرهم و خانوا أوطانهم و دماء شهدائهم ، مستغنين عن شرفهم و كرامتهم مقابل ضمان خلودهم على عروشهم ،فكرسوا التفرقة و التشرذم و تفننوا في نسف القمم العربية خدمة لمصالح غربية و صهيونية ، مضرمين النار في كل الأفكار الناصرية و الأحلام القومية ودعوات الوحدة العربية . اننا نشهد اليوم محطات حاسمة وأحداث ستدون بماء من ذهب في صفحات التاريخ العربي الذي خلا لعقود من كل فصول المجد ، فهاهي مصر قد تحررت و تونس الخضراء ، و ستليها بإذن الله ليبيا و البحرين و اليمن و الجزائر و كل الأنظمة الخليجية العملية التي صفقت للتدخلات الاجنبية ووقفت حجر عثرة أمام قيام الوحدة العربية . لقد حررت هذه الثورات الوعي العربي و نفضت الغبار عن الفكر القومي الوحدوي فارتفعت بكل تلقائية الأعلام العربية متجاورة في كل ميادين الاحتجاج ، و خرجت المظاهرات المساندة للثورة في جل الدول العربية ، و تمخض عن كل ذلك حراك شعبي ووعي عميق بأهمية ودقة المرحلة التي يجب استغلالها باعتبارها خطوة أولى فقط في درب النضال العربي الذي يجب إن يستمر الى غاية تحقيق الحلم العربي . لقد أثبتت شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي نجاعتها في كل هذه الثورات ، فبات السلاح الذي أوجده الغرب واستغلته الأنظمة العربية لجس نبض الشعوب سلاحا فتاكا مسلطا على رقاب الطغاة وسبيلا آمنا و فعالا للتواصل و التنسيق و التعبئة على كل المستويات ، و هكذا أضحى من الضرورة اعتماده على نطاق أوسع تماشيا مع حيثيات المرحلة الثانية من الثورة و التي يجب إن تستجيب لتطلعات كل الأحرار و لأحلام كل الثوار ، و ذلك بتشكيل مجموعات في العالم الافتراضي تغطي كافة الوطن العربي و تتواصل فيما بينها بشكل يومي لوضع أهداف محددة و رفع شعارات موحدة ، وتساهم في تعبئة الشارع العربي للخروج في تظاهرات حاشدة و متزامنة من أجل الضغط على كل الحكومات لجعل الوحدة أولى الأولويات و تجاوز كل الخلافات المتوارثة و النزاعات المفتعلة ، و تمهيد الأرضية لتشكيل وحدة عربية قادرة على الوقوف في وجه الهيمنة الغربية و الأحلام التوسعية الصهيونية ، فقد آن أوان إحياء القومية العربية