حين قبل الإتحاد الإشتراكي دعوة الحين الثاني من أجل إنقاذ البلاد من السكتة و عاد المناضل الكبير عبد الرحمان اليوسفي من منفاه الإختياري لم يكن يظن أن حال الإتحاد سيؤول لما آل إليه من تدن لمستوى نخبه و تيهان قيادته و اندثار شعبيته . الأكيد أن عبد الرحمان اليوسفي كانت نيته حسنة و كان راغبا في إخراج البلاد من النفق المسدود من خلال المشاركة الفعالة و المؤثرة في القرار السياسي على أعلى مستوى غير أن سياق الأحداث و تضارب الرغبات في المضي قدما في الإصلاحات بما يضمن ترسيخ الفعل الديمقراطي أو التراجع عن كل المكتسبات ، فضريبة الديمقراطية كبيرة و لا تخدم مصالح المتنفذين و المتعيشين من الإستبداد . بعد موجة " الربيع العربي " و استباق النظام في المغرب بشكل ذكي لكل تبعات لي الذراع التي نشاهد و نسمع كل يوم عن ضحاياها . اختار النظام المهادنة و كان نجم العدالة و التنمية ساطعا باعتباره قوة معارضة . أجريت التغيرات و انحنى الجميع للعاصفة .. مررت الدولة " إصلاحات " منهكة للطبقات المتوسطة و الفقيرة في ظل حكومة إسلامية و معها كان مسلسل التدجين الذي تعرض له الإتحاد الإشتراكي.. تدجين على مهل - يبدو أن المخزن يتقن فنونه حتى مع أشرس معارضيه - رغم أن تركيبته بسيطة قبول بالخصم و مشاركة في فتات الحكم ثم تطويع و تدجين عبر الإعلام الأصفر و رجال الخفاء أصحاب المهمات الصعبة . بعد الإنتخابات الأخيرة و التي استطاع فيها حزب المخزن أن يحقق نصرا مبهرا من خلال الضرب فوق و تحت الحزام ، تراءى لنا و بالملموس أن الدولة دائما ما تصل لى ما تريد، و أنها تطحن كل من يقف أمامها معارضا أو يحاول معاكستها . هكذا يتم الآن ترويض صقور العدالة من خلال منحهم وزارت ذات قيمة ثانوية و تحصينه للتقنوقراط المحسوبين على الدولة في حكومة لم تحترم صوت الشعب ، و ذلك في انتظار حشره في نفس النفق الذي حُشر فيه الإتحاد الإشتراكي ، بعدما فقد الكثير من التعاطف الشعبي و الكثير من الأنصار. لذلك يبدو أن عزوف جماعة العدل و الإحسان عن المشاركة السياسية له مبرراته التي ذكرناها , فبداية مشاركتها تعني شهادة وفاتها ليبقى المخزن هو الحزب الذي لا يموت .