أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية السيد محمد نبيل بنعبد الله، مساء اليوم الجمعة بالدار البيضاء، أن الرهانات التي يواجهها المغرب على المستوى البيئي تفرض تقديم نموذج تنموي جديد يوازي بين متطلبات النمو الاقتصادي وضرورات المحافظة على البيئة كإطار للعيش المشترك. وأضاف السيد بنعبد الله، في مداخلة له خلال ندوة وطنية نظمها الحزب في موضوع "حزب التقدم والاشتراكية والاختيار الإيكولوجي"، أن الحزب، ومواكبة منه للتقدم الكبير الذي حققه المغرب في مجال المحافظة على البيئة والجهود التي يبذلها دوليا على هذا المستوى، بادر إلى بلورة تصور جديد وإدخال تعديلات جوهرية على مشروعه المجتمعي، لينتقل من إنتاج اقتصادي يقوم على استنزاف الثروات، إلى اقتصاد أخضر يعتمد مقاربات بديلة للحفاظ على الموارد الطبيعية في إطار تضامن الأجيال. وأبرز أن حزبه، ودائما ضمن استراتيجيته المجتمعية التقدمية والحداثية المؤمنة بقيم العدالة والمساواة، يطمح من خلال الأرضية التي تمت المصادقة عليها خلال المؤتمر الوطني الاستثنائي المنعقد في شهر أبريل الماضي، إلى تكريس التوجهات المتنورة المرتبطة بالحفاظ على البيئة في بعدها التنموي، ليس فقط على مستوى تضامن الأجيال، لكن في ما يمكن أن يشكله هذا المجال كقطاع منتج جديد، داعيا إلى العمل على إخراج قانون توجيهي يحدد التوجهات الرئيسية للدولة في المجال البيئي ويضمن الاستمرارية للسياسات العمومية في هذا المجال. وفي هذا الصدد، شدد على أنه لابد من القطع نهائيا مع المقاربات التي كانت تنظر لهذا القطاع كقطاع مكلف ماديا، واستبدالها باستراتيجيات مبتكرة، تجعل من البيئة قطاعا ذا قيمة اقتصادية مضافة، قادر على استقطاب استثمارات مهمة، وخلق الثروة وتوفير المزيد من مناصب الشغل، مستدلا على ذلك بالمشاريع الكبيرة التي استثمر فيها المغرب في ميدان الطاقات المتجددة. من جانبه، أبرز الكاتب العام للوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة السيد عبد الواحد فكرت أن المغرب قطع أشواطا جد متقدمة في مجال حماية البيئة، معززا ذلك بترسانة قانونية استمدت قواعدها من دستور 2011، منوها إلى أن مشاركة المغرب المتميزة خلال مؤتمر أطراف اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 21) بباريس منحت زخما قويا للجهود المبذولة على الصعيد الوطني لضمان حق المواطنين في بيئة سليمة. وشدد على أن البيئة أصبحت اليوم تحديا مطروحا على العالم أجمع، ويفرض تعبئة جميع المتدخلين من مسؤولين ومؤسسات ومجتمع مدني لإحداث تغييرات كبيرة على مستوى السلوك الاستهلاكي ونمط الإنتاج في اتجاه النهوض بالطاقات المتجددة النظيفة كقطاع واعد ومنتج. فيما استعرض عضو المكتب السياسي للحزب السيد أحمد زكي أهم المنطلقات التي جعلت الحزب يفكر في اعتماد استراتيجية بيئية جديدة اختار لها اسم "الاشتراكية الخضراء" في خطوة تروم تأكيد حضور الحزب في كل النقاشات الوطنية ذات الراهنية. وذكر، في هذا الصدد، أن المشروع الذي صنفه ضمن "الايكولوجية السياسية" يسعى إلى تقديم مقترحات ملموسة لتدقيق المشروع المجتمعي المبني على التناغم بين الطبيعة والإنسان والإجابة على أهم الأسئلة المرتبطة بمدى قدرة النماذج الاقتصادية الراهنة على تقديم حلول بيئية ملائمة للتحديات التي يواجهها العالم، وصفات النموذج الوطني القادر على استيعاب خصوصيات المجتمع المغربي، وكيفية تحقيق الموازنة بين التنمية وتحقيق الربح، وبين الحفاظ على الموارد الطبيعية والمحيط البيئي من الاستنزاف، وغيرها من القضايا المتصلة بالموضوع. وشهدت هذه الندوة تقديم عرضين آخرين هما "البيئة .. قضايا وإشكالات قانونية وحقوقية ومجتمعية" و"التغيرات المناخية .. الجهود الوطنية والدولية" للباحثين الجامعيين السيدة حسنة كجي والسيد رشيد باجي، حيث استعرضا المسار القانوني للنصوص المؤطرة للقطاع البيئي، وأبرزا المبادرات في هذا المجال، مع تقديم أهم المحطات الدولية التي حددت تعاطي دول العالم مع التحديات والرهانات البيئية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وإلى قمة باريس الأخيرة للمناخ، إلى جانب تقديم جملة من الملاحظات المتصلة بالسياسات العمومية المعتمدة في القطاع. ويأتي عقد هذه الندوة، حسب المنظمين، لتكون منطلقا لانخراط أقوى للحزب بكل مكوناته التنظيمية من مجالس جهوية وفروع إقليمية ومحلية ومنظمات موازية في وضع تصورات للسياسات البديلة في مختلف مجالات الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وطنيا ومحليا، في المجالين القروي والحضري.