اختارت المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين هذه السنة شعار "الاستهلاك المستدام مسؤولية الجميع " لتخليد اليوم العربي للبيئة ، الذي يحتفل به يوم غد 14 أكتوبر ، بغية " تكريس الجهود التي تبذلها مؤسسات العمل العربي المشترك في سبيل الحفاظ على البيئة وضمان استدامتها". وأوضحت المنظمة أن تركيزها هذه السنة على هذا الشعار يأتي في سياق " تنفيذ الإجراءات الضرورية لزيادة توعية المواطن العربي بأهمية دوره في الحفاظ على البيئة من خلال تهذيب نشاطات الاستهلاك بعد أن مرّت عبر سلسلة من التحويلات الصناعية والإنتاجية ، أثرت كلها بشكل مباشر أو غير مباشر على المحيط البيئي ". + المشكلات البيئية في العالم العربي وسبل معالجتها+ تتنوع المشكلات البيئية في العالم العربي وكذا جهود حماية البيئة من دولة إلى أخرى اعتبارا لظروفها الطبيعية ، وحجم وتنوع الموارد المتاحة، وكثافة السكان ،وتنوع التنمية الاقتصادية ونظمها الاجتماعية . فحسب دراسة أنجزها مجموعة من الخبراء العرب في مجال البيئة ،فإن تفاقم مشكلات البيئة وتدهور أوضاعها في العالم العربي يعود بالأساس إلى أساليب التنمية السريعة والاستغلال المكثف للموارد الطبيعية باستخدام تقنيات الإنتاج الحديثة التي لا تلائم في كثير من الأحيان الظروف البيئية . وقد زكى هذا الطرح المعهد العربي لإنماء المدن حيث قام بحصر المشاكل البيئية في العالم العربي أساسا في عدم كفاية شبكة الصرف الصحي، وقرب مطارح النفايات العمومية من المناطق السكنية، وعدم وجود معالجة جذرية للنفايات المنزلية والصناعية،ووجود المناطق الصناعية بالقرب من الكتل السكنية ،وانعدام مراكز معالجة النفايات والاستفادة منها ،فضلا عن انجراف الشواطئ والواجهات البحرية وقذف النفايات في البحر، و عدم توفير السكن الصحي مع الخدمات والمرافق المرتبطة به ، وأيضا خدمات مكافحة التلوث. ونتجت هذه الأوضاع البيئية في العالم العربي بسبب عدم تنسيق سياسات وبرامج تحسين البيئة ،وعدم ملائمة جزء كبير من الأماكن السكنية للمقاييس الدولية ،وتدمير البيئة الطبيعية وإزالة الكثير من المساحات الخضراء إلى غير ذلك . وأمام هذا الوضع المنذر بالخطر ، بادرت الدول العربية ، ضمن مخططات تنموية ، إلى اتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لحصر التدهور البيئي وانعكاساته من خلال جعل معطى البيئة ضمن أبعادها الاستراتيجية التنموية ،وإطلاق حملات تحسيسية ودورات تدريبية لوقف الإضرار بالطبيعة ،والتوازن والاعتدال في استغلال الموارد المتجدّدة وغير المتجدّدة ،واتخاذ خطوات إيجابية لإعادة التوازن البيئي للإنسان. + البعد البيئي في صلب الاستراتيجيات التنموية في المغرب + لمواجهة تحديات الألفية الثالثة وإدخال الأبعاد والمؤشرات البيئية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضع المغرب إطارا جديدا للشراكة في الميدان البيئي وإدماجه في البعد التنموي المستديم من أجل وقف تدهور البيئة الذي يفقده سنويا 2 بالمائة من الناتج الإجمالي الخام حسب تقييم كتابة الدولة المكلفة بالبيئة التي تقدّر تكاليف معالجة الوضعية الحالية ب 0،8 مليار درهم سنويا و تقدّر التكاليف المخصّصة بصفة مستديمة ب 4،6 مليار درهم سنويا. وفي هذا الإطار أكد جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير أن " استكمال مقوّمات النموذج التنموي الديمقراطي (...)،يعزّز التضامن الإجتماعي وقوامه تنمية مستدامة تراعي مستلزمات الحفاظ على البيئة ومنهجية الحكامة الجيدة " ، وأضاف جلالته أن " (...) ذلك لن يتأتى إلا من خلال النهوض بالتنمية المستدامة وفي صلبها المسألة البيئية باعتبارها قوام النمو الأخضر والاقتصاد الجديد (...)" ، ودعا الحكومة إلى " تجسيد التوجهات الكبرى للحوار الواسع بشأن إعداد ميثاق وطني لحماية البيئة والتنمية المستدامة في خطة عمل مندمجة بأهداف مضبوطة وقابلة للإنجاز في كل القطاعات ". وهي التوجهات التي شدّد عليها جلالته يوم الإثنين الماضي من جديد خلال جلسة عمل حول التقدم الحاصل في الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة . كما أبرز جلالة الملك في الرسالة التي وجّهها يوم السبت الماضي إلى المشاركين في الندوة الدولية بطنجة حول " التدبير المستدام للساحل : دورة التربية والتحسيس " ، والتي تلتها صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء ، رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة وسفيرة الساحل لدى خطة العمل للبحر الأبيض المتوسط التابع لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة، أن المغرب حقّق خطوات متقدمة ومؤسّسة وقانونية هادفة لإدماج قضايا البيئة في السياسات العمومية للتنمية . وأوضح جلالته أن المغرب "اتخذ العديد من المبادرات لتطوير التنمية النظيفة من خلال إطلاق برامج وطنية كبرى ، وإقرار التشريعات اللازمة للنهوض بالبيئة وحمايتها ومحاربة تلوث الهواء ، وتدبير النفايات (...)، واعتماد قانون حول الطاقات النظيفة والمتجدّدة (...) عبر مشروع إنتاج الطاقة الشمسية" الذي يعتبر أضخم مشروع جهوي وقاري سيمكّن المغرب من إنتاج 42 في المائة من الطاقة الكهربائية في أفق سنة 2020. فالمغرب الذي يتقاسم مع الدول العربية نفس الانشغالات والمشاكل البيئية ويسجّلها بدوره ضمن استراتيجيات تنميته المستدامة يتوفر على قوانين بيئية متقدمة تستجيب للمعايير الدولية ، كما أنه يعد رائدا في مجال التدبير البيئي على مستوى مجموع المنطقة الإفريقية والشرق الأوسط بشهادة السيدة كاترين روجيرس ، رئيسة شبكة " إيرث داي نيتوورك'' . من جهة أخرى يعتبر اختيار مدينة الرباط من طرف جمعية شبكة يوم الأرض " أيرث داي نيتوورك" ، ضمن احتفالية الذكرى الأربعين ليوم الأرض والبيئة في مارس الماضي ، بمثابة اعتراف بالمجهودات الكبيرة التي يقوم بها المغرب تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في مجال البيئة . ولاشك أن التزام الدول العربية باتباع أسلوب التنمية المستدامة الرامية إلى الامتناع عن الإضرار بالبيئة كفيل كذلك بالمساهمة في الحماية من كوارث طبيعية محتملة وضمان بيئة نظيفة .