تمكن صحافي فرنسي مجهز بكاميرا خفية، من التسلل طيلة 6 أشهر داخل خلية متطرفة تعمل في باريس وضواحيها، فواكب استعداداتها لارتكاب اعتداء، قبل أن يلقى القبض على جميع أفرادها تقريباً في نهاية العام 2015. وتبث القناة الفرنسية الخاصة "قنال" هذا التحقيق الصحافي مساء الإثنين، ومدته ساعة ونصف ساعة، يروي كيف تمكن الصحافي المسلم في القناة سعيد رمزي (اسم مستعار)، من كسب ثقة المجموعة، خاصة وأنه من نفس جيل قتلة اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني). وإذا كانت الاتصالات الأولى عبر فيس بوك بمجموعات تدعو إلى الجهاد سهلة، كان لا بد من انتظار بعض الوقت للالتقاء بشخص قدم نفسه على أنه "أمير" مجموعة من 10 شبان، بعضهم مسلم بالولادة، وبعضهم الآخر اعتنقوا الإسلام. وتجري الأحداث في بداية الشريط في مدينة شاتورو وسط غرب فرنسا، في حديقة تابعة لقاعة تسلية مهجورة في الشتاء. وابتداء من هذه المرحلة، تكشف تسجيلات الحوارات الدائرة بين أفراد المجموعة بعض دوافع هؤلاء المتجددين في الجهاد، الذين رغم مراقبتهم من قبل أجهزة مكافحة الإرهاب يتمكنون من الالتقاء والتخطيط لارتكاب اعتداءات. ميول انتحارية وقال سعيد رمزي: "هدفي كان محاولة فهم ما يدور في رؤوسهم، وما استطيع أن أؤكده أنني لم أر إسلاماً في كل هذه القضية، إنهم مجرد شبان محبطين ضائعين أصحاب ميول انتحارية يمكن التلاعب بهم بسهولة، ومن سوء حظهم أنهم عاشوا في مرحلة ظهر فيها تنظيم داعش، الأمر محزن للغاية، إنهم يبحثون عن قدوة وهذا ما وجدوه". وخلال لقائهم الأول، حاول أمير المجموعة وهو شاب فرنسي من أصل تركي يدعى أسامة، إقناع الصحافي الذي لم يكن يعرفه سوى باسم أبو حمزة، أن "الجنة بانتظارهم في حال قاموا بعملية انتحارية في سوريا أو فرنسا". واقترب الأمير من الصحافي وقال له همساً كاشفاً عن ابتسامة مخيفة: "إن كنت تنشد الجنة إليك الطريق"، مضيفاً "لنترافق إلى الجنة يا أخي، الحوريات بانتظارنا وسيكون الملائكة خدامنا، سيكون لك قصر وحصان مجنح تمتطيه مصنوع من الذهب والجواهر". وخلال لقاء إمام مسجد في ستان في ضواحي باريس، التفت عضو في المجموعة إلى طائرة تقترب من مدرج مطار بورجيه وقال: "بواسطة قاذفة صواريخ صغيرة بإمكانك أن تسقطها، تقوم بذلك وتعلن تبني داعش، فترتجف فرنسا لقرن من الزمن". وبعضهم مثل أسامة يحاولون الوصول إلى "أرض الخلافة" في سوريا، اعتقلته الشرطة التركية وسلمته لفرنسا حيث أمضى 5 أشهر في السجن قبل أن يطلق سراحه. ارتكاب اعتداءات ورغم وضعه تحت المراقبة، وإجباره على المرور يومياً على مقر للشرطة، تمكن من العمل مستخدماً تطبيق "تليغرام" للتواصل، وإعطاء المواعيد للتخطيط لارتكاب اعتداء في فرنسا. ويقول أسامة في أحد اللقاءات: "لا بد من ضرب قاعدة عسكرية، وعندما يتناولون الطعام يكونون جالسين على مستوى واحد، ولن يكون علينا سوى إطلاق النار عليهم، كما بالإمكان ضرب الصحافيين مثل (بي إف إم) و(أي تيلي)، فهم في حرب ضد الإسلام، وكما حصل مع شارلي إيبدو لا بد من ضربهم بقوة، وإذا فاجأناهم لن يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم، لأن الحماية المؤمنة لهم ليست قوية، لا بد من أن يموت الفرنسيون بالألاف". وتسارعت الأمور عندما عاد المدعو أبو سليمان، الذي لم يلتق به الصحافي على الإطلاق، من الرقة في سوريا، وأعطاه موعداً في محطة لقطار الانفاق السريع، هناك قامت امرأة مرتدية النقاب بتسليمه رسالة تتضمن خطة اعتداء جاء فيها: "استهداف ملهى ليلي، واطلاق النار بهدف القتل، وانتظار وصول قوات الأمن لتفجير الأحزمة الناسفة". وقال أعضاء في المجموعة في أورليان، أنهم تمكنوا من الحصول على رشاش كلاشنيكوف، إلا أن الخناق كان بدأ يضيق عليهم. وهنا بدأت الاعتقالات، وأرسل أحد أفراد المجموعة الذي أفلت من قبضة الشرطة، رسالة نصية إلى هاتف الصحافي يقول له فيها "أنت ميت أيها الحقير". وخلص الصحافي إلى القول "أن تسللي انتهى هنا"، مضيفاً أن هدفه كان "الكشف عن خلفيات تنظيم يعرف كيف يصنع صورته"، وتحقق هدفه هذا.