نبيل باها: من أجل التتويج باللقب لابد من بذل مجهودات أكثر    مالي تتهم الجزائر بعمل عدائي بعد إسقاطها طائرة مسيرة فوق تراب مالي    ابتهال أبو السعد.. مهندسة مغربية تهز العالم بشجاعتها وتنتصر لفلسطين    المغرب.. قوة معدنية صاعدة تفتح شهية المستثمرين الأجانب    طقس الاثنين.. سحب متفرقة وكتل ضبابية مع تطاير الغبار بأقصى الجنوب الشرقي    توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس اليوم الإثنين بالمغرب    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    انخفاض أسعار النفط وسط مخاوف من حدوث ركود جراء حرب تجارية عالمية    رئيس مجلس المستشارين يشارك بطشقند في أشغال الجمعية العامة ال150 للاتحاد البرلماني الدولي    ماراثون مكناس الدولي "الأبواب العتيقة" ينعقد في ماي المقبل    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    الولايات المتحدة الأمريكية تحظر منتوج ملاحة في كوريا    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    روعة مركب الامير مولاي عبد الله بالرباط …    تفاعلا مع الورش الملكي لإصلاح المنظومة الصحية.. مهنيو الصحة 'الأحرار' يناقشون مواكبتهم لإصلاح القطاع    النظام الجزائري.. تحولات السياسة الروسية من حليف إلى خصم في مواجهة الساحل الإفريقي    ولد الرشيد: المغرب يدافع "بكل حزم" عن احترام الوحدة الترابية للدول    أمم إفريقيا : منتخب U17 يضرب موعدا مع جنوب إفريقيا في ربع النهائي بعد فوزه على تنزانيا    خريبكة تلاقي تطوان بكأس العرش    تحطم طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي.. التحقيقات تكشف إسقاطها بهجوم صاروخي من الجيش الجزائري    الذكاء الاصطناعي في الصفوف الأمامية خلال المؤتمر 23 لجمعية مكافحة الأمراض المعدية    عطاف يستقبل دي ميستورا بالجزائر    عشرات آلاف المغاربة يتظاهرون في الرباط "ضد الإبادة والتجويع" في غزة    رولينغ ستونز إفريقيا في قلب صحراء امحاميد الغزلان    الإيطالي 'لوتشيانو دارديري' يتوج بلقب النسخة 39 من جائزة الحسن الثاني الكبرى للتنس    وقفة تضامنية حاشدة في الحسيمة نصرة لفل سطين وتنديداً بالعدوان على غ زة    وزير الخارجية الفرنسي يعلن الاتفاق على بناء "شراكة هادئة" مع الجزائر    العربية للطيران تطلق خطا جويا جديدا بين الناظور ومورسيا    تأجيل تجمع "مواليد 2000 فما فوق"    بعد انخفاض أسعار المحروقات وطنياً.. هذا هو ثمن البيع بمحطات الوقود في الحسيمة    آلاف المعتمرين المغاربة عالقون في السعودية    "أساتذة الزنزانة 10" يعلنون الإضراب    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تواجه رفضا واسعا للتعديلات القانونية الجديدة    جدل الساعة الإضافية : كلفة نفسية على حساب اقتصاد طاقي غير مبرر    الرصاص يوقف هائجا ويشل حركة كلبه    بوزنيقة: المكتب الوطني المغربي للسياحة: افتتاح أشغال مؤتمر Welcom' Travel Group'    لاف دياز: حكومات الجنوب تستبعد القضايا الثقافية من قائمة الأولويات    وزان تحتضن الدورة الأولي لمهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي    الجسد في الثقافة الغربية 11- الجسد: لغة تتحدثنا    المغرب يحدد منحة استيراد القمح    سجل عشاق الراكليت يحطم رقمًا قياسيًا في مدينة مارتيني السويسرية    دش الأنف يخفف أعراض التهاب الأنف التحسسي ويعزز التنفس    "قافلة أعصاب" تحل بالقصر الكبير    أوبك بلس تؤكد عدم إجراء أي تغيير على سياسة إنتاج النفط    الرباط تصدح بصوت الشعب: لا للتطبيع..نعم لفلسطين    لسعد الشابي: الثقة الزائدة وراء إقصاء الرجاء من كأس العرش    توضيحات تنفي ادعاءات فرنسا وبلجيكا الموجهة للمغرب..    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    ترامب يدعو لخفض أسعار الفائدة: الفرصة المثالية لإثبات الجدارة    طنجة .. وفد شبابي إماراتي يطلع على تجربة المغرب في تدبير قطاعي الثقافة والشباب    دعم الدورة 30 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ب 130 مليون سنتيم    بحضور عائلتها.. دنيا بطمة تعانق جمهورها في سهرة "العودة" بالدار البيضاء    الوديع يقدم "ميموزا سيرة ناج من القرن العشرين".. الوطن ليس فندقا    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في خفايا التدخل الروسي في سوريا
نشر في أخبارنا يوم 26 - 10 - 2015

بعد مرور شهر ما زالت التحليلات والتفسيرات تتباين حول عودة الروس إلى المنطقة من البوابة السورية وبهذا الشكل العسكري العنيف ،بعد اعتقاد بأن النفوذ وأية تطلعات روسية في المنطقة العربية قد انتهى مع سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 ومع نهاية الثنائية القطبية والصراع الأيديولوجي بين الشرق والغرب . عندما نقول تدخل عسكري عنيف لأنه لم يحدث في تاريخ علاقة الروس مع المنطقة سواء في عهد الاتحاد السوفيتي أو في عهد روسيا الاتحادية أن أخذ التدخل الروسي في المنطقة هذا الشكل العسكري والمباشر . كان التدخل السوفيتي حتى في أوج الحرب الباردة لا يتجاوز إرسال سلاح وخبراء ومساعدات لوجستية للحلفاء العرب ، أما التدخل الحالي فهو مشاركة فعلية في الحرب ضد ما تسميها موسكو جماعات إرهابية ، حيث الطائرات الروسية تقصف مواقع ومناطق متعددة في سوريا ،والصواريخ تنطلق من بحر قزوين لتضرب في العمق السوري ،بالإضافة إلى التزايد الكبير في عدد الخبراء الروس وحجم الأسلحة التي يتم تزويد سوريا بها ، وقد بدأت بوادر مشاركة عسكرية روسية في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق .
فسر كثيرون سبب التدخل الروسي بأنه دفاع عن النظام السوري الحليف الوحيد المتبقي من المرحلة السابقة وخصوصا أن الروس يملكون قاعدة بحرية في مدينة طرطوس السورية ،وآخرون فسروه بأنه محاولة من الروس للتخريب على المخططات والسياسة الأمريكية والغربية في المنطقة العربية كرد على التدخل الغربي في مناطق نفوذ تاريخية لروسيا في البلقان وخصوصا في أوكرانيا ،أو رد على نشر الغرب للدرع الصاروخية هناك في محاولة لعزل ومحاصرة روسيا ، وتفسير ثالث ذهب إلى القول بأن التدخل محاولة يائسة من الروس للظهور بمظهر القوة العظمى للتغطية على أوضاعها الداخلية السيئة وخصوصا مع العقوبات الاقتصادية الغربية ومحاولة الغرب تدمير الاقتصاد الروسي من خلال التلاعب بأسعار النفط .
روسيا من جهتها بررت تدخلها بأنه ليس دفاعا عن نظام الأسد وليس من منطلق البحث عن مصالح ومناطق نفوذ في سوريا ومنها في الشرق الأوسط ، بل لضرب الجماعات الإرهابية وخصوصا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) . التفسير الروسي صحيح ، ولكنه غير كامل ولم يضع النقاط على كثير من الحروف .
صحيح أن روسيا لا تهدف فقط للدفاع عن نظام الأسد بل نذهب لحد القول بأن روسيا مستعدة للتضحية بنظام الأسد إن ضمنت بأن البديل ليس جماعات إسلامية تسيرها وتمولها واشنطن والغرب،وروسيا صادقة بقولها بأنها تهدف لضرب والقضاء على الجماعات الإسلامية وخصوصا تنظيم الدولة الإسلامية ، ولكن ليس من اجل تثبيت نظام الأسد بل لأهداف إستراتيجية روسية داخلية أو كنوع من حرب استباقية ضد جماعات إسلامية متطرفة.
فكيف ذلك ؟ ولماذا تتصادم وتتعارض السياسية الروسية مع السياسة الأمريكية ما دام الطرفان يزعمان بأن هدفهما محاربة الإرهاب وخصوصا تنظيم الدولة الإسلامية ؟ ولماذا يعتبر تنظيم الإخوان المسلمين بأن التدخل الروسي في سوريا بمثابة احتلال وحرب على الإسلام بينما يبارك الإخوان التحالف الغربي بقيادة واشنطن الذي يقصف مواقع جماعات إسلامية بما فيها داعش في سوريا وليبيا ؟ .
حتى نفهم خفايا التدخل الروسي يجب معرفة خصوصية العلاقة المركبة والمعقدة بين الدولة الروسية ومسلميها من جانب ، وحقيقة العلاقة بين واشنطن والجماعات الإسلامية المتطرفة وخصوصا تنظيم الدولة الإسلامية من جانب آخر؟ .
أولا : العلاقة المركبة والمعقدة بين الدولة الروسية ومسلميها (المسلمون كخطر كامِن )
بداية لا بد من الإشارة إلى تزايد القلق في الغرب وفي عديد من دول العالم خارج المنظومة العربية والإسلامية من التزايد الملفت لأعداد المسلمين في العالم مقارنة بالديانات الأخرى . فقد توقع خبراء بأبحاث نمو الديانات في العالم أن يصل عدد المسلمين في العالم عام 2050 إلى 2.8 مليار من مجموع سكان العالم الذي سيصل إلى 9.3 مليار نسمه ،أي ما يقارب عدد المسيحيين في العالم بينما عدد اليهود في العالم سيصل إلى 16 مليون .
لا شك أن المسلمين منتشرون في كل دول العالم تقريبا ، ففي الصين يبلغ عددهم 135 مليون نسمة أي حوالي 10% من السكان وفي الهند يفوق 200 مليون نسمة أي حوالي 14.5% من تعداد السكان، أما في بريطانيا فعدد المسلمين حوالي 2.5 مليون أي 5% من السكان وفي الولايات المتحدة الأمريكية تتفاوت التقديرات ولكن المرجح أن عددهم ما بين 8- 10 مليون . ما يقلق الغرب ودول أخرى ليس تزايد عدد المسلمين بحد ذاته بل انتشار جماعات إسلامية متطرفة أدلجت وسيست الدين وتمارس العنف باسم الدين وتتبنى قيم وثقافة تتعارض مع قيم المجتمعات التي تعيش فيها .
أما بالنسبة لروسيا الاتحادية فيوجد وضع خاص سواء من حيث العدد أو بالنسبة لتمركزهم الجغرافي أو بالنسبة للتجربة التاريخية . فعدد المسلمين في روسيا 21 مليون حوالي 20% من عدد السكان وهم يتزايدون بوتيرة أسرع بكثير من زيادة أصحاب الديانات الأخرى بسبب الزيادة الطبيعية، لدرجة أن بعض الخبراء يتوقع بأن يشكل المسلمون الأغلبية في روسيا خلال سنوات قليلة قادمة . المشكلة لا تكمن في العدد فقط بل أيضا في تمركز المسلمين في مناطق وجمهوريات يمثلون فيها الأغلبية ،بالإضافة إلى تاريخ من الصراع بل والعداء ما بين المسلمين والحكم الشيوعي سابقا ،أو بينهم وبين دولة روسيا الاتحادية كما جرى في حرب الشيشان من 1994- 1996 زمن الزعيم الشيشاني جوهر دوداييف الذي قتله الروس .
قد يتساءل البعض ما علاقة كل ذلك بالتدخل الروسي في سوريا ؟
ما تطرقنا إليه يجعل القيادة الروسية قلقة جدا ليس فقط من تزايد أعداد المسلمين في روسيا واحتمال تكرار تجربة الشيشان في أماكن أخرى من الاتحاد الروسي ،بل القلق أن توظف واشنطن والغرب ورقة التطرف الديني وهشاشة الوضع الروسي بهذا الشأن في حربهم المستقبلية ضد روسيا ، وذلك من خلال تحريك واشنطن لجماعة داعش الموالية لها أو صنيعتها أو جماعات أخرى شبيهة لتمارس إرهابها داخل الأراضي الروسية .
ثانيا : أكذوبة الحرب الأمريكية الغربية على الإرهاب
يبدو أن موسكو لم تعد قادرة على الصبر على أكذوبة محاربة أمريكا للإرهاب أو وجود تحالف غربي لمحاربة داعش في سوريا والمنطقة ،ولو كانت موسكو تعلم أن واشنطن تحارب داعش بالفعل ومعنية بالقضاء على الجماعات المتطرفة في المنطقة ما كانت تدخلت عسكريا ، ولكن موسكو تعلم جيدا طبيعة العلاقة التي تربط الغرب بالجماعات الإسلامية منذ تأسيس الإخوان المسلمين في بداية القرن لمحاربة ومواجهة الشيوعية ،إلى تأسيس القاعدة لمحاربة الغزو السوفيتي في أفغانستان نهاية سبعينيات القرن الماضي ،إلى اختلاق توظيف جماعات الإسلام السياسي لتمرير مخطط الفوضى الخلاقة لتدمير وتفتيت الدول العربية تحت عنوان (الربيع العربي ) ،إلى تأسيس أو السكوت على تنظيم داعش لاستكمال ما عجز عن تحقيقه (الربيع العربي) .
فهل يعقل بعد كل هذه السنوات وبعد 12 سنة من الاحتلال الأمريكي للعراق ووجود تحالف دولي لمحاربة الإرهاب ... أن تستمر هذه الجماعات في العمل في العراق وخلال ثلاث سنوات يظهر تنظيم الدولة الإسلامية ويسيطر على مدن في سوريا والعراق وينتشر في عديد الدول العربية وخارجها ؟ . إن كل متابع لمجريات الأحداث منذ إعلان واشنطن عن الحملة العسكرية لمواجهة الإرهاب بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 سيلمس بوضوح أن هدف واشنطن ليس القضاء على ما تسميه إرهاب جماعات الإسلام المتطرف بل احتواء هذه الظاهرة وتوظيفها لتحقيق مصالح الغرب وإسرائيل في المنطقة، بل إن واشنطن تهيئ بعض هذه الجماعات لنقل نشاطها إلى دول جديدة ،وموسكو تعلم أن واشنطن تجهز داعش لينتقل لساحات أخرى وخصوصا داخل الأراضي الروسية .

وكخلاصة يمكن القول بأن أسباب عودة الروس للمنطقة الآن مغايرة لما كان عليه الحال في زمن الاتحاد السوفيتي ،فموسكو تقوم بحرب استباقية في مواجهة ما تعتقد بأنه خطر قادم يهدد أراضيها ووحدة كيانها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.