قدرت مصادر رصد في برلين أن شرق البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الشام تشهد حشدا عسكريا ضخما ومتنوعا لم يسجل له مثيل منذ عقود وهو ما يفرض على كل الأطراف التزام حيطة كبيرة لتجنب صدام. إذا كانت القوات البحرية والجوية والبرية الروسية هي القادم الجديد الذي تتركز عليه أعين وسائل الإعلام الدولية وتعليقات الكثير من السياسيين، ففي المقابل تقوم الولاياتالمتحدة وبعض حلفائها بتعزيز وجودهم العسكري خاصة في تركيا وقبرص وشرق البحر الأبيض، بينما رفعت إسرائيل من درجة استنفار قواتها وخاصة الطيران الذي ألغيت أكثر من نصف إجازات أطقمه وكذلك الأمر بالنسبة لقوات الدفاع الجوي والوحدات المشتركة لمختلف أفرع الجيش الإسرائيلي في المنطقة العسكرية الشمالية التي تشكل هضبة الجولان مركزها. إذا لم يعد الحديث يتكرر كما كان في السابق عن أن هذه الحشود وما وراءها من صراع سياسي عسكري تحمل في طياتها خطر نشوب حرب عالمية ثالثة فإن ذلك لا يعني أن هذا الإحتمال لم يعد موجودا. روسيا وضعت بتدخلها الذي لا يزال في بدايته خطا أحمر أمام مشاريع التحالف الذي تقوده واشنطن لتغيير الوضع في بلاد الشام واستكمال فصل جديد من مشروع الشرق الأوسط الجديد. عدد من حلفاء الولاياتالمتحدة لا يريدون الذهاب بعيدا في مواجهة الكرملين ويقرون أن فرص إسقاط دمشق قد تضاءلت وأنه يجب التوصل إلى تسوية، ولكن هناك معارضين وفي مقدمتهم إسرائيل وحتى في داخل الأجهزة الحاكمة سواء في واشنطن أو لندن أو باريس وغيرها، فهؤلاء لا يستطيعون استيعاب فكرة تقول أنه بعد كل ما بذلوه من جهد عسكري وسياسي ومالي لتبديل الوضع في بلاد الشام يجب التراجع. الغرب والتخلي عن التدخل يوم الأحد 27 سبتمبر 2015 قال رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق فرانسوا فيون إن لدى الغرب على أرض الواقع في سوريا معسكرين متواجهين، وهذا يعني إما اختيار أحدهما أو عدم التدخل إطلاقا في هذا الشأن. وأوضح فيون خلال مقابلة مع قناة "بي إف إم" أن أحد المعسكرين يتمثل في الرئيس السوري بشار الأسد والمعسكر الآخر يتمثل في تنظيم "داعش" وغيره من الجماعات التي تنبثق منه، وعلى الغرب في هذا الحالة قتال تنظيم "داعش" بالاشتراك مع المعسكر الذي يواجهه. وقال "يحزنني جدا أن فكرة إنشاء تحالف لتسوية الوضع في سوريا تنبثق من روسيا وليس فرنسا أو الاتحاد الأوروبي، ومنذ عام ونصف ظللت أكرر أهمية مثل هذا الاتحاد، لكن الآن سيتقدم فلاديمير بوتين بهذه المبادرة، ومن الجلي تماما أن الاتحاد الأوروبي ضيع مرة أخرى إمكانية الإقدام على خطوة مهمة في عملية يجب أن تعتبر بصدق تاريخية". وأكد فيون إن "داعش" تهديد للعالم كما كانت النازية قبل عقود، وهذه المشكلة ليس على الإطلاق مشكلة محلية "وكانت آخر مرة تظهر فيه مثل هذه المشكلة في الحرب العالمية الثانية، عندها توحد الغرب مع الاتحاد السوفييتي بقيادة ستالين. وأضاف أن الغرب حينها فعل الشيء الصحيح تماما بسبب أنه بهذه الطريقة فقط كان بالإمكان هزيمة هتلر ذلك النظام الذي كان سيبقى لفترة أطول بكثير لو كان العكس، مشيرا إلى أن الوضع الحالي مشابه تماما لزمن هتلر، وأن الغرب يحتاج إلى روسيا لتسوية الأزمة السورية بفعالية. وأكد فيون أن التسوية في سوريا غير ممكنة إذا ما استمرت القيادة الفرنسية كما في السابق في رفض التعامل مع الرئيس السوري واكتفت بالتحاور مع روسيا على مضض. وذكر فيون مجيبا عن سؤال حول الضربات الجوية الفرنسية التي وجهتها على معسكرات "داعش" في سوريا، إن الضربات هذه لن تؤثر كثيرا على التنظيم، وفقط ستضعفه قليلا وتبطئ تحركه. وأكد أن هذه الضربات رمزية فقط ولا يمكن أن تكون حاسمة بسبب أن هذه الضربات ستكون نسبيا قليلة بالإضافة إلى أن الضربات الجوية عموما لا تسمح بالتوصل إلى تفريق جموع المقاتلين في "داعش". لندن وحل الأزمات حكومة لندن التي توجد في موقف حرج داخليا وأوروبيا بسبب تقلص قدرتها على التحرك بإستقلال عن الإرادة الأمريكية، تترك لبعض مسئوليها حتى ولو كانوا من السابقين إمكانية منحها مسافة لاسترجاع الأنفاس. سفير بريطانيا الأسبق لدى روسيا توني برينتون صرح يوم الأحد 27 سبتمبر إن الأيام كشفت تقييم موسكو الصحيح للوضع في سوريا، وكذلك لدور اتفاقيات مينسك في تسوية الأوضاع في أوكرانيا، داعيا الغرب إلى الاعتراف بأن أساليبه في حل النزاعات لم تكن ناجحة. وأشار إلى أن اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي باراك أوباما في إطار الدورة ال70 للجمعية العامة للأمم المتحدة سيحمل خصوصية بالغة بسبب أن الزعيمين لم يجتمعا مع بعضهما البعض ما يقرب العامين والنصف بسبب احتدام المواجهة بين الدول على الساحة الدولية. وقال السفير الأسبق إنه يعتبر محادثات يوم الاثنين بأنها تشير إلى تغير جذري على الرغم من أن كلا من روسياوالولاياتالمتحدة تقرآن الاجتماع بشكل مختلف، فمن جهة تقول واشنطن إن موسكو هي من تتطلع إلى الاجتماع وإن الموضوع الرئيسي للمحادثات الثنائية سيكون حول أوكرانيا، ومن جهة أخرى تؤكد روسيا أن الاجتماع كان باتفاق الطرفين وأن موضوع المحادثات فيه سيكون سوريا. وأضاف: "وكما يقول بوتين إن هدف روسيا الرئيسي هو منع تنظيم "داعش" من تعزيز قدراته، والذي يمثل تهديدا مباشرا داخليا لروسيا في مناطق القوقاز وغيرها من المناطق"، مشيرا إلى أنهم الروس رأوا كيف تصرف الغرب بشكل "أخرق" على وجه الخصوص في العراق وليبيا، وإلى أن الدعم الغربي للمعارضة المعتدلة في سوريا مجرد وهم. وأشار برينتون إلى أن الخط السياسي الذي يسير عليه الغرب هو في الاتجاه الذي يريده بوتين، موضحا أن الوضع الغربي الحالي هو اختيار "بين حكم الأسد و بين هيمنة "داعش". ويقول السفير إن "اختيار الرئيس الروسي في هذه الحالة واضح". وأضاف أن "الولاياتالمتحدةوبريطانيا طالبتا لعدة سنوات برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، أما الآن فتدرسان إمكانية بقائه كحالة مؤقتة"، مشيرا إلى أن وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر، الذي قطع اتصاله مع نظيره الروسي سيرغي شويغو لعام، عقد معه الأسبوع الماضي محادثات لتنظيم التعاون في المسألة السورية. أما ما يخص المسألة الأوكرانية، فقال برينتون إنه من المرجح أن تجرى المفاوضات حولها برؤية المقترحات الروسية، مشيرا إلى أن كلا من بريطانياوالولاياتالمتحدة حتى اللحظة كانتا ترفضان اتفاقات مينسك التي وقعت في فبراير2015 واعتبرها الطرفان حينذاك قصيرة الأمد. وقال إن واشنطن ولندن وضعتا على رأس الطاولة السياسية ضرورة تغيير سياسة الرئيس الروسي وفرضتا العقوبات التي كان من المقرر لها "إجبار روسيا على التراجع". ويرى برينتون أن ذلك لم ينجح حتى مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاقتصاد الروسي يمر بذات السبب بوقت صعب، ويرى أيضا أن اتفاقات مينسك حتى مع الانتهاكات التي تحدث ساعدت في وقف الأعمال القتالية ووضعت وقف إطلاق نار حيز التنفيذ، مضيفا أن العقوبات لم تغير موقف الرئيس الروسي فقط بل أنها عززت من موقفه في عيون مواطنيه. حالة اضطراب في واشنطن تسود حالة من الاضطراب على الصعيد السياسي تعكس تضارب التقديرات والمواقف للمتحكمين في تحديد مواقف الولاياتالمتحدة وهي تواجه إنتكاسة جديدة لمشاريعها في منطقة الشرق الأوسط الكبير، كما تفضح الخوف من خطر كشف تفاصيل تعامل الأجهزة الأمريكية وتحالفها مع عدد من القوى المشاركة في الصراع والتي تدعي إدارة البيت الأبيض أنها تتواجه معها. يوم الثلاثاء 22 سبتمبر صرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن تقييما للجيش الأمريكي يشير إلى أن نوع الطائرات الروسية في سوريا يتسق مع مهمة لحماية القوات الروسية ودعا روسيا وإيران إلى المساعدة في إنهاء الحرب الدائرة رحاها. وقال للصحفيين "في الوقت الحالي تقدير جيشنا وخبرائنا هو أن المستوى والنوع يمثل بالأساس حماية للقوات". واستدرك بقوله إنه بناء على قرارات روسيا في المدى البعيد فإن وجود الطائرات الروسية في سوريا ربما يثير بعض التساؤلات عن نوايا موسكو. وأضاف كيري إن الولاياتالمتحدةوروسيا كلتاهما تريدان هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا لكن واشنطن تعتقد أن مساندة موسكو للرئيس السوري بشار الأسد تجتذب المقاتلين الأجانب الذين يريدون رحيل الأسد. وكرر كيري أن نويا روسيا في سوريا غير واضحة. وأضاف "إذا كان وجود روسيا هناك لدعم الأسد ولجعل الأسد يشعر دوما أنه غير مضطر للتفاوض فإني أعتقد أنها مشكلة لسوريا ومشكلة لكل من يريد إنهاء هذا الصراع الذي طال أمده". وكرر كيري قوله إن الولاياتالمتحدة مستعدة أن تبدأ على الفور مناقشات بشأن حل سياسي للأزمة في سوريا. بعد أربع وعشرين ساعة تقريبا ويوم الأربعاء 23 سبتمبر صرح وزير الخارجية الأمريكي إن الدعم العسكري الروسي للرئيس السوري بشار الأسد قد يثير خطر حدوث مواجهة مع قوات التحالف التي تقاتل تنظيم داعش هناك. وفي مقابلة مع صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية قال كيري إنه أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بأن الولاياتالمتحدة تشعر بالقلق من دعم موسكو العسكري للأسد في الحرب السورية التي دخلت عامها الخامس. وذكر كيري "هذه التصرفات قد تفضي لمزيد من التصعيد في الصراع وقد تؤدي إلى فقد المزيد من الأرواح البريئة وستزيد تدفق اللاجئين وتخاطر بمواجهة مع قوات التحالف التي تقاتل داعش في سوريا" مشيرا إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وتحدثت إسرائيل أيضا عن قلقها من دخول روسيا الصراع إلى جانب الأسد والذي قد يؤدي إلى وقوع مواجهات بالخطأ بين القوات الروسية والإسرائيلية هناك. ويقول مسئولون أمريكيون إن روسيا حشدت قوات من مشاة البحرية ومعدات ثقيلة بينها دبابات وطائرات هليكوبتر في قاعدة اللاذقية الجوية الأمر الذي يثير احتمال تنفيذ مهام قتال جوية في المجال الجوي السوري. روسيا بدأت مهام استطلاع يوم الإثنين 21 سبتمبر صرح مسؤولان أمريكيان إن روسيا بدأت تنفيذ مهام استطلاع بطائرات بدون طيار في أجواء سوريا فيما يبدو كأول عمليات عسكرية جوية لموسكو داخل سوريا منذ أن عززت وجودها العسكري في قاعدة جوية هناك. ويسلط بدء موسكو رحلات مستخدمة طائرات بدون طيار حسب الغربيين الضوء على المخاطر التي قد يسببها قيام طائرات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة وطائرات روسية بعمليات في المجال السوري المحدود دون الاتفاق على تنسيق أو أهداف في الحرب السورية. ورفضت وزارة الدفاع الأمريكية التعليق خلال إفادة صحفية حين سئلت عن تقرير "رويترز" وقالت إنه لا يمكنها مناقشة أمور تتعلق بالمخابرات. لكن الوزارة قالت إنها "على دراية كاملة" بما يجري على الأرض في سوريا. واعترف البيت الأبيض أن نوايا موسكو ليست واضحة وأن آفاق زيادة الدعم العسكري الروسي للأسد تبعث على القلق. بينما ذكر المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست "لقد أوضحنا جهرا وسرا أن زيادة موسكو الدعم للأسد رهان خاسر". وأفاد مسئول أمريكي اشترط عدم نشر اسمه إن عدد الطائرات الروسية ذات الأجنحة الثابتة التي يقودها طيارون روس في القاعدة الجوية قرب اللاذقية قد زاد بشكل كبير خلال الأيام الماضية. وشمل ذلك قيام روسيا بنشر 12 طائرة هجومية متقدمة من الطراز "فنسر" و12 مقاتلة من النوع "فروغفوت" تستخدم للدعم الجوي القريب. هذا غير الدفعة الأولى من المقاتلات الروسية التي نشرت الأسبوع الماضي. وقتلت الحرب المتعددة الأطراف في سوريا ما يقدر بنحو ربع مليون شخص ولا يزال كثيرون يهربون من منازلهم بعدما فر أربعة ملايين لاجئ إلى خارج البلاد ونزح 7.6 مليون داخلها. ولم يتضح أيضا إن كانت موسكو ستستهدف في نهاية المطاف قوات المعارضة التي تدعمها الولاياتالمتحدة وبعض دول الخليج العربي علنا في سوريا وتصفهم بالمعتدلين وترى فيهم موسكو خطرا على الأسد مثل متشددي تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن محللين يقولون أن ما يسمى بالمعارضة المعتدلة لا يمثلون أي ثقل عسكري وآخر دفعات القوات المعتدلة التي دربتها وسلحتها واشنطن إنضمت إلى داعش وجبهة النصرة الموالية للقاعدة. واتفق قادة عسكريون أمريكيون وروس يوم الجمعة 18 سبتمبر على البحث عن سبل لتجنب أي تداخل غير مقصود. لكن تلك المناقشات وصفت بأنها لا تزال في البداية. ولم يتضح إن كانت المحادثات الأمريكية الروسية قد تكتسب زخما إضافيا خاصة بعدما بدأت موسكو رحلات الطائرات بدون طيار. وقال مسئولان أمريكيان إن العمليات الروسية بهذا النوع من الطائرات نفذت على ما يبدو انطلاقا من قاعدة عسكرية قريبة من مدينة اللاذقية التي نقلت إليها موسكو معدات عسكرية ثقيلة بينها مقاتلات وطائرات هليكوبتر مقاتلة وقوات من مشاة البحرية خلال الأيام الماضية. وأضاف المسئولان الأمريكيان أنه لم يتضح على الفور عدد الطائرات الروسية بدون طيار التي تشارك في مهام الاستطلاع أو نطاق مهامها. ضربات جوية بينما يضرب المسؤولون في واشنطن وباريسولندن أخماسا في أسداس، قالت شبكة بلومبرغ الإخبارية والإستخباراتية الأمريكية نقلا عن مصدرين مطلعين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعد لتنفيذ ضربات جوية من جانب واحد ضد تنظيم داعش في سوريا اذا رفضت الولاياتالمتحدة اقتراحه بتنسيق جهودهما سويا. وذكرت بلومبرغ أن بوتين يفضل أن توافق الحكومة الأمريكية وحلفاؤها على تنسيق حملتهم ضد متشددي الدولة الإسلامية مع روسيا والجيش السوري. ونقلت ذلك عن شخص مقرب من الكرملين ومستشار في وزارة الدفاع في موسكو. ونسبت بلومبرغ إلى شخص ثالث قوله إن اقتراح بوتين يدعو إلى "مسار مواز" لعمل عسكري مشترك يرافقه حل سياسي. وأضافت إن روسيا نقلت الاقتراح إلى الولاياتالمتحدة. لكن مصدرا أبلغ بلومبرغ بأن بوتين شعر بالاحباط من احجام الولاياتالمتحدة عن الرد بسرعة ووضوح وأضاف أن الرئيس الروسي مستعد للتحرك بمفرده في سوريا إذا دعت الضرورة وهو غير مستعد لأن يقبل فرض تسويات خارجية على دمشق. مصادر رصد أوروبية ذكرت أن أكثر ما يقلق الإدارة الأمريكية أن تتدخل موسكو عسكريا بكثافة وبالتعاون مع الجيش السوري وقوات حزب الله اللبناني ضد تنظيمات داعش والنصرة وغيرها وهو ما من شأنه أن يبدل الموقف العسكري على الأرض وبسرعة، كما أنه سوف يكشف نفاق البيت الأبيض عندما يتحدث عن التحالف الذي يضم 60 دولة والذي يدعى أنه يقاتل داعش ومع ذلك يستمر التنظيم في التوسع وهو ما يخدم بالضبط المخططات الأمريكية. في وقت متقارب نشرت صحيفة "ذي ناشينال إنترست" الأمريكية يوم 25 سبتمبر تصنيفا لأسلحة روسية تعتقد حسب الخبراء الأمريكيين أن بوسعها القضاء على مقاتلي "داعش". ويمكن أن تتسم بأهمية في هذا المضمار حسب الصحيفة الطائرة المدرعة الروسية "سو 25" المخصصة لدعم القوات البرية. وتشير الصحيفة إلى أن تلك الطائرة ستكون أكثر فاعلية في أيدي الروس، إذ انها طورت تطويرا كبيرا، ناهيك بالمستوى الراقي والسهل لعملية صيانتها وفاعلية القوات الروسية الخاصة التي سبق لموسكو أن استعرضتها في حرب الشيشان وفي معركة القرم ضد الجيش الأوكراني. أما مروحية "مي 24" "الدبابة الطائرة" فيمكن أن تلعب دورا محوريا في مكافحة المتطرفين، علما أنها تتصف بقدرة فائقة على المناورة ونقل القوات ويمكن استخدامها كدبابة طائرة أيضا. وتضم القائمة أيضا ناقلة الأفراد المدرعة "بي تي أر 82 آ" التي يمكن أن تضمن حماية أفراد القوات البرية والدعم الناري للمشاة. وفي الختام تذكر الصحيفة أن طائرات روسية من دون طيار من شأنها أن تلعب دورا هاما في العمليات البرية المشتركة للقوات الروسية والسورية. علما أن معلومات الاستطلاع الواردة من الطائرات الأمريكية المحلقة في المنطقة من دون طيار لا تحيط الجيش السوري علما بمواقع "داعش" بل بالعكس تقوم بالتشويش عليه. سوريا مركز الثقل في الشرق الاوسط بينما يبدأ فصل جديد من الحرب على أرض الشام، تكثر التحليلات حول الأهداف البعيدة المدى للكرملين. وكالة "فرانس بريس" نشرت يوم 25 سبتمبر تحليلا جاء فيه: يثير الوجود الروسي القوي في سوريا قلقا لدى الغربيين الذين يتساءلون عما غذا كانت أهداف الرئيس فلاديمير بوتين تتضمن إنقاذ الرئيس بشار الأسد وهزيمة تنظيم داعش فقط أم ترسيخ حضوره في سوريا، مركز الثقل في الشرق الاوسط. ففي أواخر يونيو 2015، اقترح بوتين تشكيل تحالف عسكري كبير يستند جزئيا إلى الجيش السوري لمحاربة التنظيم المتطرف. وبموازاة ذلك، كان وزير خارجيته سيرغي لافروف يحاول ترويج الفكرة لدى نظيريه الأمريكي والسعودي، فضلا عن مختلف مجموعات المعارضة السورية، في حين بدأ المجمع الصناعي العسكري الروسي تسريع عملية تسليم الاسلحة إلى الجيش السوري. وبعد ذلك، شهد مضيق البوسفور في اسطنبول مرور سفن حربية روسية متجهة إلى ميناء طرطوس السوري، حيث تحظى روسيا بمرافق لوجستية. وفي الأسابيع الأخيرة، سجلت الأقمار الصناعية الأمريكية نشاطا عسكريا روسيا مكثفا في مطار آخر إلى الجنوب من اللاذقية. ووفقا لواشنطن وحلف شمال الأطلسي، فان وجود المروحيات والقاذفات والطائرات الهجومية والدبابات والجنود، يؤشر إلى أن الجيش الروسي يبني قاعدة جوية عسكرية. وفي حال تم تأكيد هذا رسميا، أو في حال استخدام هذه المعدات،، فسيكون أول انخراط رسمي لروسيا خارج حدودها منذ التدخل السوفياتي في أفغانستان أواخر عام 1979. ولم يغامر الجيش الروسي منذ تفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991 سوى مرة واحدة في جورجيا عام 2008. وفي موسكو، يلخص مصدر دبلوماسي روسي رفيع المستوى الذهنية السائدة في الكرملين قائلا "ليس هناك من وقت للمماطلة، قررنا الانتقال من الأمور النظرية إلى التطبيق العملي لمقترحاتنا". وهذه الخطوة ليست الأولى لبوتين في الأزمة السورية. ففي أواخر أغسطس 2013، تراجع الرئيس الأمريكي باراك اوباما عن الضربات الجوية التي اقترحتها فرنسا على مرافق النظام السوري، وتحصن بوجهة نظر الكونغرس. فاقترح الرئيس الروسي تدمير الأسلحة الكيميائية السورية. وكانت النتيجة أن النظام تجنب الضربات التي كانت تستهدف إسقاطه. وبعد ذلك بعامين، تركز موسكو جهودها على الهدف ذاته، دعم الجيش السوري وترسيخ وجودها في سوريا، البلد الواقع على مفترق طرق القضايا الجيوسياسية الشائكة في الشرق الأوسط، القريب من لبنان المتعدد الطوائف والعراق حيث تسود الفوضى، كما انه يجاور الأردن وتركيا، الباب الواسع إلى أوروبا. وتقول المتحدثة باسم الدبلوماسية الروسية ماريا زاخاروفا ان "تكثيف أنشطتنا بدأ عندما أدركنا أن التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة مصيره الفشل فضلا عن عدم وجود خطة واضحة للمستقبل". من جهته، يقول الخبير العسكري الروسي الكسندر غولتس انه اذا كان الجيش الروسي ينشر قوات في سوريا، فانه سيستخدمها. ويضيف إن الأمر "مماثل لمسرح تشيخوف. فإذا كانت هناك بندقية في الغرفة، فينبغي استخدامها". بدوره، يقول مسؤول سوري رفيع المستوى، إن التدخل العسكري يشكل "نقطة تحول" مضيفا ان "موسكو تريد تذكير الولاياتالمتحدة بأن علاقاتها مع دمشق تمتد لأكثر من خمسين عاما، وأن هذا البلد يقع ضمن مناطق التأثير على أمنها. كما انه رسالة أيضا إلى دول في المنطقة تعتزم روسيا العودة إليها كلاعب رئيسي". ويقول توني كوردسمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان "بعض الطلعات البسيطة، والتدخلات الصغيرة جدا من شانها ان تزيد من مكانة روسيا وقوتها". لكن للتدخل العسكري الروسي في المنطقة حدود. فمقابل مرفأ طرطوس وما يبدو انه قاعدة روسية في اللاذقية، فان للولايات المتحدة قواعد عسكرية في المملكة العربية السعودية وتركيا والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. نظريات في بعض العواصم التي راهنت على إسقاط نظام دمشق تطرح نظريات تفسير تعكس مدى الحسرة، جاء في إحداها: انقسمت أوساط المحللين والخبراء الروس بشدة في شأن نتائج اللقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي باراك أوباما. واعتبر طرف أن أقصى ما سيخرج عن اللقاء مصافحة وابتسامات عريضة وصور للذكرى، تترك انطباعا بأن الرئيسين يحافظان على جسور التواصل على رغم الخلافات العميقة، وهو ما أوحى به التلاسن الذي سبق القمة حول أجندتها وآلية تنظيمها. بينما رأى طرف آخر أن الأرضية باتت مهيأة لتحقيق تقدم مهم قد يبدأ من سوريا ولا ينتهي في أوكرانيا. وحتى قبل أن يتضح الموقف، سارع كثر إلى اعتبار أن بوتين سجل جولة لمصلحته، لمجرد أن القمة انعقدت، فأوباما امتنع عن لقاء نظيره الروسي لأكثر من عامين بسبب الأزمة الأوكرانية، والقمة الأخيرة تدفن نهائيا مساعي عزل روسيا، وتعكس إقرارا بأنها لاعب عالمي أساسي لا يمكن تجاوزه. ذهب سيد الكرملين إلى نيويورك وفي حقيبته أوراق قوية غيرت إلى حد بعيد، قواعد اللعبة حول سوريا، فالتدخل العسكري المباشر قلب المعادلات وفرض واقعا لا يمكن تجاهله، وهكذا برز التبدل الواضح في مواقف عدد من البلدان الغربية حيال احتمال التفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد. وإقليميا، مهدت روسيا بترتيب أجواء إقليمية مرحبة بسيطرتها. لكن بوتين لن يكتفي بالورقة السورية فهو مهد للدور الروسي بتدخل "سياسي" في السودان، عبر عقد لقاءات أخيرا، في موسكو على مستوى وزراء خارجية السودان وجنوب السودان وروسيا، وتشكيل مجموعة اتصال لدفع الاتفاقات بين الطرفين وهو ما يخدم مصالح مصر حليف موسكو القديم الجديد، وفي اليمن بإعلان استعداد موسكو ل "الوساطة" بين الأطراف، وفي لبنان ب "توضيح" موقف لإخراج بيروت من حال الفراغ الرئاسي. ويبدو التمهيد الروسي للحديث عن "الجهود المشتركة" المحتملة لمواجهة تمدد الإرهاب لافتا أيضا، فبينما يتم تعزيز الوجود العسكري المباشر في سوريا، تبرز معطيات عن "تحالف" روسي إيراني عراقي، قوامه تأسيس مركز في بغداد لحشد وحدات لمحاربة "داعش". في حين أن هناك اتصالات سرية بين موسكو والمقاومة العراقية التي يقودها حزب البعث وتخشى واشنطن وتل أبيب من عودته إلى السلطة. ويذكر ذلك ب "تدرج" المواقف الروسية، من إطلاق "بالونات اختبار" قبل الوصول إلى الاعتراف جزئيا ثم كليا بالأمر الواقع الجديد، الذي ترسم ملامحه الدبلوماسية الروسية بدقة وهدوء شديدين. ومثلا، تدرجت موسكو في الاعتراف بالتحضير لوجود عسكري دائم في سوريا، من حديث عن "تنفيذ عقود عسكرية سابقة"، إلى "دعم كامل للحكومة السورية في محاربة الإرهاب" باعتبارها الحكومة الشرعية، وصولاً إلى تبدل نوعي في اللهجة يغدو بموجبه "شرط تسوية الأزمة" هو "دعم الحكومة الشرعية" كما أعلن بوتين أخيرا. أيضا، تدرجت موسكو في تحديد موقفها من مصير النظام بالإشارة إلى أنه "ليس حليف"، و "موسكو لا تدافع عن أشخاص"، وبعد ذلك الإصرار على أن "جنيف1" ينص على ضرورة "اتفاق الأطراف على شكل الهيئة الانتقالية" قبل أن يصل الموقف الروسي إلى إعلان استعداد الأسد ل "إشراك المعارضة البناءة" مع ما تحمله عبارة "استعداد لإشراك" من مضامين تقوض تفاهم "جنيف". ذهب بوتين للقاء أوباما مسلحا باستنتاجات "المطبخ السياسي" في الكرملين بعد التطورات الدراماتيكية على الأرض، وأهم عناوينها أن روسيا لن تسمح بتكرار تجربة ليبيا، وأنها تدخلت في سوريا حتى "لا تفاجأ بذلك السيناريو في آسيا الوسطى"، كما أن الحديث من وجهة نظر موسكو لا يقوم على مواجهة مشتركة للإرهاب، بل على "تفاهم لتفادي الصدام". حظوظ السيناريو الجديد كتب المحلل والصحفي عبد الباري عطوان يوم الأحد 27 سبتمبر: هناك تقارير تقول ان تدفق الأسلحة والجنود والمعدات الروسية الحديثة إلى سوريا بهذه الكثافة، جاء نتيجة اختراق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الخطوط الحمراء بدعم دخول "جيش الفتح" لادلب وجسر الشغور، والاقتراب من اللاذقية، مما شكل تهديدا للقوات والمصالح الروسية، وان تراجعه الذي عبر عنه قبل ثلاثة أيام بالتخلي عن المطالبة برحيل الرئيس الأسد جاء تعبيرا عن تكفيره عن هذا الخطأ، ولكننا نذهب إلى ما هو ابعد من ذلك ونقول، أن روسيا بالتفاهم مع أمريكا، وضعت كل تفاصيل السيناريو الجديد للتدخل العسكري في سوريا، وأدرك الرئيس اردوغان أن السير عكس هذا التيار محفوف بالمخاطر، عليه شخصيا، وحزبه، وتركيا نفسها، فقرر التخلي عن المعارضة السورية كليا او جزئيا، وحلفائه العرب السعودية وقطر، تماما مثلما تخلى عن الرئيس الليبي معمر القذافي، وانضم إلى تدخل حلف الناتو في ليبيا. السوريون، سواء الذين يقفون في خندق النظام بصمودهم، او الذين يقفون في معسكر المعارضة "الدولة الاسلامية والنصرة"، او حتى المهاجرين منهم، الذين تدفقوا بمئات الآلاف نحو أوروبا عبر البر والبحر، هؤلاء، وكل حسب موقعه وطريقته، هم الذين فرضوا كل هذه المتغيرات على ارض بلادهم. السؤال هو عما إذا كان حظ السيناريو الجديد أفضل من كل السيناريوهات السابقة التي رأيناها تطبق في سوريا على مدى الأعوام الخمسة الماضية ؟. عمر نجيب [email protected]