إلى حد كتابة هذه السطور، تكون قد مرة أربع سنوات بالتمام والكمال على الإقرار باللغة والثقافة الأمازيغية، لغة رسمية ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة، في الفصل الخامس من الدستور المعدل لواحد يوليوز 2011. وكما يعرف الجميع فالإقرار برسمية الأمازيغية، جاء مباشرة بعد أول ظهور لحركة 20 فبراير في شوارع وساحات وأزقة ما يفوق سبعون مدينة وقرية مغربية، تهتف جميعها بصوت واحد موّحد نريد التغيير ولا بديل عنه، وما أن إنتهى ذاك الصباح الممطر من يومه الأحد 20 فبراير 2011، حتى سارع النظام المغربي والدائرين به، إلى الإعداد والإستعداد بسرعة البرق للخروج بخطاب سمية في ما بعد بأنه تاريخي وأنه ثوري ... وهلم جرا من التوصيفات. خطاب كان في 9 مارس من ذات السنة، أي بعد أقل من أسبوعين من إحتجاج زهور الربيع المغربي، أعلن من خلاله على الخطوط العريضة لما بعد رياح الربيع الديمقراطي، تفنّن فيه في الالتفاف على روزمانة مطالب الحركة العشرينية، ومن بين هذه المطالب، طبعا مطلب الإعتراف الحقيقي والمنصف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية، المخزن أقر بها كذلك في الفصل الخامس من الدستور لكن بطريقته، وأضاف إليها بأنها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة. طبّل منّا كإمازيغن من طبّل، وغنّى من غنّى، ورقص من رقص، ورددّ منا البعض بأن الأمازيغية صارت رسمية ومحمية بأعلى قانون في البلاد ألا وهو الدستور، فهنيئا لنا بهذا الإنجاز، هكذا وصفوه في حينه. اليوم يكون قد مرة أربع سنوات على هذا الإقرار المقيد بقوانين سميت بأنها تنظيمية، والتسمية الحقيقية هي أنها تكبيلية، لنكن بذلك أول شعب في العالم تقيد لغته في وطنه، وبالتالي نريد أن نتساءل: هل فعلا تمت دسترة الأمازيغية لغة رسمية في الدستور المغربي؟ وهل هناك مغربي واحد يشعر بأن المغرب صارت له لغتين رسميتين في دستوره؟ وهل حال الأمازيغية اليوم أحسن من الماضي القريب؟ وأين الحماية القانونية للغتنا كما رددّ البعض من أبناء جلدتنا على مسامعنا في أكثر من مناسبة وغير مناسبة، طبعا، الجواب واضح هنا للعيان، فلا منع الأسماء الأمازيغية توقف، ولا تدريس الأمازيغية حتى في المستوى الإبتدائي إستمر بل بالعكس تمت هناك تراجعات كثيرة في مجال التعليم، في عهد الدسترة، رؤية 2030 لإصلاح المنظومة التعليمية كما قدمها الوزير الوصي على القطاع، لا مكان فيه للأمازيغية المدسترة، لا يافطات والتشويرات الطرقية مكتوبة باللغة الرسمية، ولا واجهة عدد كبير من المؤسسات التابعة للدولة مكتوبة بها، لغة سكان المغرب الأوّلون الأقدمون ممنوع حتى الحديث بها داخل البرلمان المغربي والحجة المستفزة هي تأجيل لغة الأم للمغاربة إلى حين توفير "اللوجيستيك" الخاص بترجمتها إلى" العربية"، الأمازيغية آخر الاهتمامات التي تفكر فيها الأحزاب السياسية من واحد إلى أربعين، رئيس الحكومة المعروف بمعارضته الشديدة للأمازيغية وسبق له أن وصفها "بالشينوية" يرمي بكرة الفصل الخامس من الدستور في ملعب الجهات العليا والله وحده وبن كيران من يعرف من تكون هذه الجهة التي دائما في الأعلى، سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني للحزب الذي يقود الحكومة قال قبل أيام في ندوة بأنه شخصيا لا يعرف أين وصل ملف القوانين التنظيمية الأمازيغية ويا لا العجب العجاب!! النماذج كثيرة في هذا الصدد. المؤكد هو أن الأمازيغية اليوم في حاجة إلى 20 فبراير أخرى تصدح حناجرها في شوارع المملكة، حينها فقط يمكن الإسراع في إلإعتراف الحقيقي بالأمازيغية كلغة رسمية للمغاربة، وحينها فقط يمكن أن يعود لنا الأمل في التغيير المنشود في وطننا وإنصاف لغتنا وثقافتنا وهويتنا الأصلية المبنية على القيم الإنسانية النبيلة وثقافة التسامح والإعتدال وحب الحياة، لا ثقافة القتل وأكل قلوب البشر وبيع النساء وإعدام الأطفال الذي يحاول البعض أن يستوردها لنا ليقتل فينا روح الإنسانية، الأمازيغية في حاجة إلى 20 فبراير في ظل ما تعيشه الحركة الأمازيغية من الصراعات والتشتتات والانزواء للوراء ومتابعة المشهد التراجيدي الذي تعيشه لغتنا وثقافتنا من بعيد، وفي حاجة إلى 20 فبراير أخرى في ظل حملات مجانية يقودها أطراف منّا، وعلينا، كلما تحرك أحد منّا في شكل من أشكال المطالبة بحقوقنا المشروعة والمهضومة في وطننا، ببساطة نحن في حاجة لشكل احتجاجي آخر يجمع كل أطياف المجتمع المؤمنة بحقوقنا طبعا من أجل شوط ثاني من التحركات من أجل التغيير المنشود، مقدمته دستور ديمقراطي حقيقي يقر برسمية الأمازيغية على أرضها.