حين وضع الملك في خطاب يوم التاسع من مارس المنصرم عن المرتكزات السبعة لورش الإصلاح الدستوري، لم يغفل الملف الأمازيغي، بل أعلن أن الدستور الجديد سيكرس « الطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة». ذلك ما فتأت العديد من الجمعيات تؤكد عليه في مذكراتها في مناسبات شتى خاصة أثناء التفكير في التعديلات الدستورية منذ ميثاق أكادير و والمذكرة التي رفعت الى الديوان الملكي سنة 1996 وأيضا سنة 1992، لكنها لم تؤخد مأخد الجد، وعاودت الجمعيات التأكيد على ذات المطلب في مختلف المناسبات خاصة أثناء اجتماعات حركة من أجل دستور ديمقراطي، ووضع المطلب ذاته من بين المطالب الرئيسية لحركة 20 فبراير أيضا التي ساهم في صياغتها عدد من الفعاليات الأمازيغية. في نفس الإطار وجهت الجمعيات الأمازيغية منذ أشهر مذكرة مطلبية من أجل ترسيم الأمازيغية في الدستور، إلى الديوان الملكي وقعت عليها كل من جمعية »أمريك» ومنظمة تاماينوت وكنفدرالية الجمعيات بالجنوب المغربي وكنفدرالية الجمعيات بالشمال وتنسيقية تونفيت ومنظمة الأطلس لحقوق الإنسان. واقترحت الجمعيات المذكورة تنصيص ديباجة الدستور على البعد الأمازيغي كبعد أساسي للهوية الوطنية، واقرار اللغة الأمازيغية كلغة رسمية للمملكة. مايبرر المطالب الأمازيغية بضرورة توفير الحماية الدستورية للأمازيغية لغة وثقافة وهوية هو مآل ملف الأمازيغية اليوم والكثير من التراجعات التي تعرفها مختلف الأوراش خاصة في التعليم والإعلام وغيرها بسبب السياسات الحكومية، رغم أن الخطاب الرسمي، ما فتئ يعلن في كل مناسبة على الحرص على القطيعة مع سياسات التهميش والتحقير للمكون الأمازيغي، والعزم على إعادة الإعتبار للأمازيغية لغة وثقافة. الستور الجديد حسم في الفصل الخامس في وضعية الأمازيغية، وورد فيه أنه «تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء»، ويوفر الفصل حماية قانونية للأمازيغية من خلال التنصيص على إصدار قانون تنظيمي سيحدد «مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها, بصفتها لغة رسمية»، كما وفر حماية للامازيغية على المستوى المؤسساتي من خلال التنصيص على إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية سيعمل على «حماية وتنمية اللغات العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا». اطمأنت نفوس جل النشطاء الأمازيغيين لدسترته الأمازيغية وتنصيص الدستور الجديد على المكون الأمازيغي للهوية المغربية، لكنهم لا يزالون يطالبون ب«تحقيق إدراجها الفعلي في كافة مجالات الحياة العامة وفق برنامج وجدولة زمنية معقولة». نقطة الانطلاق، هي التعليم، وهو القاعدة التي ينهض عليها صرح الترسيم الحقيقي لدوره في استمرارية اللغة وتعليمها للأجيال القادمة، ثم توسيع الحضور في مجال الاعلام وفي الفضاء العمومي وواجهة المؤسسات، بالاضافة المحاكم، ثم الإدارة العمومية، وذلك هو التحدي الجديد لاختبار مدى جدية طي عهد التهميش والأقصاء للغة والثقافة الأمازيغية بالمغرب.