الفيلم المعنون ب"الزين اللي فيك" ينبغي في الحقيقة ان يسمى "القبح اللي فيهم" أي ذلك القبح الفضائحي الذي هيمن على نفوس كل المساهمين في الفيلم ، فلم يجدوا في انفسهم بقية حياء فتعاونوا على الإثم والعدوان ومعصية الرسول فجسدوا واقعهم الفضائحي على شكل تشويه وتقبيح لسمعة المغرب والمغاربة من خلال ترصيف كلمات فاحشة ملتقطة من كلام الشواذ والعاهرات مصحوبة بإيقاع متنافر قبيح لايمت للفنون الجميلة بأية صلة ، مع صور ساقطة مأخوذة من الشارع ومحلات الدعارة لايشتغل بأخذها إلا من كان في نفسه مرض، ولذلك فهذا الفيلم لايستحق التسمية التي وضعت له، لأن كلمة الزين تعني الجمال، والجمال من القيم الانسانية ، وقد ربطها الدين الاسلامي وكثير من المذاهب الوضعية بقيم جميلة اخرى، تتمثل في الطهر والعفاف والعقل والاخلاق الفاضلة، فمتى انعدمت هذه القيم انعدم الجمال وتحول الى قبح ،إذ لايستقيم ان نقول عاهرة جميلة، فالعهر قيمة سلبية يتناقض مع الجمال الذي هو قيمة ايجابية ، والفن الحقيقي هو الذي يجسد الجمال في طهره وعفافه ، ويرسخ القيم الفاضلة في نفوس الناس، أما الفن القبيح أو العفن الذي جاء به هذا المخرج وممثلوه فهو يعمل على تجسيد الفواحش والرذائل، ويسعى للتطبيع مع العهر بدعوى نقل الواقع كماهو، ومن قال له ان الفن السينمائي دوره هو أن يجسد الواقع كماهو ، فما الفرق إذن بينه وبين المصورة (الفوتوغراف)؟، ثم ألا يعلم هذا وأمثاله أن كثيرا من المخرجين الغربيين لايرضون لأنفسهم ان يكونوا من مروجي البورنوغرافيا ويعتبرون ذلك من الاعمال التي لاتليق بكرامتهم واخلاقهم . اليس افلام العنف هي الأخرى قد توسلت بدعوى تجسيد الواقع فماذا استفدنا منها سوى المزيد من العنف واستفحال انتشار الجريمة ، ولطالما حذرونا من التطبيع مع اسرائيل وهم يبصمون بأصابعهم العشرة على اتفاقيات التطبيع مع الفساد باسم حقوق الإنسان تلك الاتفاقيات التي بتطبيقها تتهيأ التربة الخصبة للفساد بجميع أنواعه واذا واجهناهم بحقيقة مايجري كانوا يتذرعون بالاكراه حتى أن منهم من لايستحي ان يدافع عن الدعارة بأنها مهنة وانها تحل مشاكل بعض الشرائح الاجتماعية ودافعوا باسم العمل الجمعوي عن كل قبيحة ظهرت في المجتمع ووصل بهم الامر الى تزييف الواقع حين اخفوا عالما من الانحراف والفساد تحت ستار الأمهات العازبات، إننا لسنا ضد مساعدة من تتوب عن الدعارة لكن شريطة ان نسمي الأشياء بمسمياتها ونحمل المسؤولية لمن ينبغي ان يتحملها حتى لاتنخدع امرأة او تفهم الأمر على غير ماهو عليه او تقتحم عالم الفساد لانها تعتقد ان هناك من سيقدم لها الدعم اذا فشلت في مغامرتها و الغاية المرجوة في الأخير هي التطبيع مع الدعارة داخل المجتمع المغربي، و التعريف بمحلاتها والإغواء بها من اجل تحويل المغرب إلى وجهة مفضلة للداعرين من كل مناطق العالم. ان انعدام التكوين الفني الحقيقي وغياب الثقافة الفنية الكافية لدى المخرج جعله يلتجئ الى مثل هذه الأعمال الهابطة التي لاتنم على أي شيء من الفن ،بل تتميز بالرداءة ،ويكفيه دناءة انه لم يحفل به احد في مهرجان كان ، ولم ينل أيا من جوائزه، ثم ان المسؤولية يتقاسمها مع المخرج كل المشاركين في الفيلم من مصورين وممثلين وغيرهم لايستثنى احد، فلكل امرئ منهم مااكتسب من الإثم. ولست ادري كيف نختلف حول مثل هذه الأشياء و مرجعيتنا في الدستور هي الإسلام فيكفي ان نستحضر الحديث المشهور :" من ابتلي فليستتر"لأن المعصية اذا سترت ضرت صاحبها فقط، اما اذا جاهر بها ضرت العامة اي عموم الناس .والحديث الآخر الذي يقول :"إن من المجانة (اي الجنون) ان يعمل الرجل عملا بالليل (اي مما يعصى به الله) فيصبح يحدث به الناس ،وقد بات ربه يستره". فمن أصر على المجاهرة فقد أوعده المصطفى بحرمانه من العافية والشفاء من الآفة التي يجاهر بها فقال :"كل أمتي معافى الا المجاهرين " فلايخفى على احد ان الافلام والمسلسلات التي اصبحت تعرضها قنواتنا منذ مدة ليس بالقصيرة قد أنتجت تطبيعا واضحا مع الفساد وبسبب تأثيرها أصبحت المجاهرة بالمعاصي امرا طبيعيا في المجتمع ابتداء من التدخين والتبرج والاختلاط والمخاللة وفي الآونة الاخيرة اصبحت مشاهد العناق وتبادل القبل في الحدائق والأ ماكن المنزوية ،وتبادل ارقام الهواتف والحوارات من اجل الدعارة، وركوب سيارات الداعرين من المشاهد الطبيعية التي اصبحت تغزو شوارعنا ومجتمعنا، دون ان يتدخل احد ، ومن المعلوم ان هذه المشاهد لابد ان يكون لها تأثير في الصغار والكبار . وهناك من يقول بأن الفيلم الذي ملأ الإعلام وشغل الإعلاميين والقراء ، ماكان ليأبه به أحد لو همشه الإعلام ولم يحفل بذكره ، وكأن كل الإعلام في نظر هؤلاء قد رحب بالفيلم ونوه به وهم بذلك يقلبون الأمور فلا يرون بأن السكوت علامة الرضا ،وهل ينتظر هؤلاء حتى يعرض الفيلم على شاشات القنوات الوطنية ثم بعد ذلك نتكلم وماينفع الكلام بعد ذلك . وإلى كل أولئك الذين اعتراهم شذوذ عن الفطرة ولم يعودوا يجدون في انفسهم حرجا من الوقوف في صف صاحب الفيلم والدفاع عن فضائحه : ماأنتم إلا كما قال القائل :ومن اتخذ الغراب دليلا قاده الى الجيف . وأقول لهم: أين الحياء ؟ ألا تستحيون من أبنائكم وبناتكم وأمهاتكم وآبائكم؟ أترضون لهم أن يشاهدوا مثل هذه الأفلام الساقطة، فإن كان قد زال الحياء فتلك علامة واضحة على الإفلاس، وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك في قوله الشريف :" إذا لم تستح فاصنع ماتشاء ". والى كل المسؤولين عن الإعلام اقول : إلى متى تتبنون سياسة الهدم بدل البناء وسياسة العهر بدل الطهارة ، أما آن الأوان لتطهير اعلامنا من كل الشوائب التي لاتتناسب مع هويتنا الاسلامية ، وجعله أداة لبناء النفوس الزكية والعقول الذكية والضمائر الحية، بالمنهج الرباني الذي ينتج لنا العلم والإيمان والتقدم ، ويربينا على الطهر والعفاف بدل مانراه من تمييع وإسفاف.