تابعت بكثير من الإهتمام ما دار ولازال يدور من نقاش ساخن حول فلم الزين" العهر" اللي فيك للمغربي نبيل عيوش ، الفيلم الذي قال عنه مخرجه أنه يعري على واقع معاش في مجتمع منافق بما تحمل الكلمة من معنى، وبأنه فيلم يحاول إظهار الوضعية المزرية لممتهنات الدعارة في المغرب، طبعا كافلامه السابقة لم بنسى نبيل عيوش وحاشا لله ان يكون نبيلا كإسمه، لم ينسى هذا الشخص ان يضيف لمسته السحرية على فيلمه الداعر العاهر من خلال ادخال تعديلات المراد بها ومنها زيادة الطين بلة ، بحيث ادخل كل الكلمات الفاسقة الموجودة في قاموس مجتمعنا واخرى من اختراعه في سيناريو فيلمه ليظهره اكثر واقعية وأكثر بؤسا، كل هذا ليس لمعالجة ظاهرة تتواجد في كل بلدان العالم وما بلدنا الا جزء من قاعدة أكبر، بل فقط ليضعه ضمن قائمة الافلام المرشحة للعرض في مهرجان يقام " بأمه" فرنسا، فلو كان هدفه معالجة مشاكل المجتمع المغربي لتوجه لمعالجة الدعارة والعهر الحقيقيان في بلادنا، دعارة التعليم، دعارة القطاع الصحي، دعارة الدين، دعارة السياسة، دعارة الفساد، وهلم جراً، هاته هي القضايا التي ينبغي مناقشتها ومحاولة معالجتها وليس انتاج فيلم عن دعارة نعلم بوجودها ولا نحتاج لشخص " كاري حنكوا" كهذا ليبين لنا افة تنخر مجتمعنا ولا ننكرها، الدعارة في بلادي قائمة ولا ينكر ذلك الا احمق جاهل، وفي كل بقعة بالارض هناك تواجد للدعارة حتى في اطهرها " مكة" ولكي نعالج هذه الظاهرة التي يدعي مخرج فيلم العهر اللي فيك انه يريد معالجتها، لكي نعالجها علينا أن نعالج أولا مسبباتها، ومن اول المسببات ضعف الحالة المعيشية لأغلب ممتهنات هذه المهنة، المسبب الثاني هو اختلال ميزان التربية في مجتمعنا بحيث صار مجتمعا منحلا يدعي الكمال والعفة وينكر الانحلال ويرفض معالجة العلة، مجتمع يحتاج لجرعة زائدة من الغيرة والوطنية، مجتمع يعالج مشاكله بحلول تطبيقية لا بأفلام وندوات ترسخ للإنحلال وتزكيه. لكي نعالج هذه الافة علينا ان نعالج اولا الافات الاكبر في هذه البلاد التعيسة، واهمها المجال التعليمي، هذا الاخير عوض ان يقوم بدوره التاريخي ويخرج لنا دكاترة واساتذة واطباء صار يخرج لنا اطفال شوارع و"مشرملون، وعاهرات بدءا من فصوله الابتدائية ولا تكاد الفتاة فيه تصل للمستوى الثانوي حتى تحصل على رتبة عاهرة مع مرتبة الشرف إلا ما رحم ربك، وكل هذا بتزكية من الهيئة التعليمية في بلادنا ومباركة منها، ويكفي ان تقوم بجولة في احدى الثانويات او الإعداديات في بلادنا لترى بأم عينك كيف تنتشر الدعارة بين القاصرات. موضوع الدعارة في بلادنا اكبر بكثير من أن يعالجه فيلم ركيك يتميز برغبة كبيرة في تشويه مجتمع محافض اكثر مما يرغب في معالجة آفة من آفاته. ولكي لا نكون مجتمعا منافقا كما نعتنا اللا مغربي نبيل عيوش فإننا لا ننكر وجود الدعارة في بلادنا ولا نغطي " الشمس بالغربال" كما يدعي ايضا بل نعترف بتفشيها ومن الصعب معالجة هذه الافة خصوصا في ضل مساهمة الدولة في انتشارها بشكل مباشر او غير مباشر، وتتجلى هذه المساهمة في السماح لكل من هب ودب ان يدخل ارضنا ويبث فيها سمومه وغرائزه الحيوانية بدون رقيب او حسيب، ويكفي ان يمتلئ جيبه بالعملة الخضراء ليدرأ عنه كل الشبهات ويقرب اليه كثيرا من العازبات والتلميذات، والضحية دائما هي الفتاة المغربية الطاهرة الشريفة العفيفة التي صانت نفسها وعرضها لتأتي لبنى أبيضار وتشوهه بفيلم در عليها دريهمات سرعان ما ستنتهي لتفطن بعد ذلك الى كون تلك الدريهامات لم تكن ثمنا للمشاركة في فيلم بقدر ما كانت ثمنا لأخر قطرة من ماء وجهها، ورصاصة الرحمة على شرفها. فيلم العهر اللي فيك جاء ليبين لنا ان بلادنا تعاني من اشكال كبير جدا ، اشكال انعدام الحس الوطني عند الكثير من ابناء هذا الوطن ، بدءا بمخرج هذا العمل الى اصغر شخص ساهم في انجازه مرورا بالدولة نفسها كيف لا وهي التي سمحت بتصويره وتصوير جميع مشاهده دون اي رقابة او محاسبة، أين كانت الدولة و وزارة الاتصال حين كان هذا ال"عهر" يصور في بلادنا، أين كانت حين كانت هذه السموم تطبخ على نار هادئة في فيلات مراكش؟ منع عرض الفيلم في المغرب لا جدوى منه سيدي الوزير فقد صارت سمعتنا بالحضيض فعلا فقد شاهده الالاف في مهرجان كان وسيشاهده الالاف في مهرجانات اخرى ولسان حالهم يقول: وشهد شاهد من أهلها.. في النهاية الجميع يتحمل مسؤولية ما وصل له مجتمعنا من نفاق اخلاقي وسياسي وديني بدءأ من المؤسسة الاسرية مرورا بالمؤسسة التعليمية ثم الدينية، فلا احد من هذا الثالوت يحمر الوجه في بلادنا والنتيجة كما ترونها الآن أمامكم " العهر اللي فيك".