دافع جزء كبير من الصحافة الفرنسية عن نبيل عيوش، مخرج فيلم "الزين اللي فيك"، والذي أثار جدلا عارما حتى قبل عرضه في القاعات السينمائية بالمغرب، بسبب مشاهد منتقاة من الشريط تم بثها على موقع يوتوب، حيث اتهم الكثيرون المخرج بتصوير "وقائع ساخنة ولغة صادمة". وفيما أثار فيلم عيوش حنق عدد من النشطاء والنقاد والممثلين أنفسهم، فضلا عن أحزاب سياسية ودعاة إسلاميين وخطباء مساجد بالمغرب، فإن جرائد فرنسية احتفت كثيرا بالفيلم الذي تم عرضه أخيرا ضمن أسبوع المخرجين بمهرجان "كان" السينمائي الدولي، منتقدة شتم المغاربة للفيلم رغم عدم مشاهدتهم له". وفي هذا الصدد قالت جريدة "لوموند"، في عددها اليوم، إن فيلم بخلاف مدلول عنوانه باللغة الإنجليزية "much loved"، الذي يحيل إلى الحب، فإنه أثار موجهة من الغضب والكراهية في المجتمع المغربي، مردفة أن الفيلم يصور واقع أربع عاهرات في فنادق ومراقص وشقق مخصصة لبيع اللحم الآدمي. وأثنت الصحيفة الفرنسية الشهيرة على رسالة الفيلم المثير للجدل، باعتبار أنه أدان نظاما اجتماعيا كاملا، وعرى عنه ورقة التوت التي تغطيه، وجعل منه مجتمعا مدانا ومنافقا، بدء من الأم، وسائق سيارة الأجرة، وشرطي، ونادل المقهى، وحارس الملهى الليلي، وآخرين انخروا في عالم الدعارة الموبوء. وقالت الجريدة إن عيوش لم يقم سوى بنقل واقع عاملات الجنس في مدينة مراكش، مستدلة بتصريحات المخرج "كانت لدي رغبة في قول الحقيقة بعيدا عن الأكليشيهات الجاهزة، وإظهار الواقع بدون طهرانية زائفة، ولا تنازلات في حرية التعبير"، وأشار إلى أن "رفع الحجاب عن صناعة الدعارة يعني وضع كل شخص أمام مسؤولياته". وأبدت الصحيفة استغرابها من شن المغاربة هجوما عنيفا على المخرج وبطلة الفيلم، حتى دون مشاهدته كاملا، بالنظر إلى أنه لم يتم عرضه بعد في القاعات السينمائية بالبلاد، مبرزة أن هذا الفيلم أدى إلى تكسير "طابو" النرجسية الجماعية في بلد محافظ يسير وفق ثلاثية "لا أدري، لا أرى، لا أتكلم". ومن جهته أورد "لوجورنال دوديمانش" أن فيلم عيوش يشبه شريطا وثائقيا لمعاناة عاملات جنس مغربيات، يحاولن نسيان واقعهن من خلال اللجوء إلى الخمر، والكوكايين، والحفلات الراقصة، بعد أن رفضتهن أسرهن بسبب "الأخلاق"، مضيفة أن الفيلم أظهر نفاق المجتمع المغربي إزاء ظاهرة الدعارة. ويتمثل نفاق المجتمع المغربي، تبعا لذات الجريدة الفرنسية، كونه مجتمع محافظ يتسامح تجارة الجنس عندما يكون مُدرا لعوائد مالية واقتصادية، ولكنه في نفس الوقت يعلن رفضه للعاملات في هذا المجال، بينما حاول عيوش أن يكون أكثر عطفا على شخصيات فيلنه، عبر جرعة من الشجاعة والإنسانية. وبدا المخرج المغربي ميالا للدفاع عن قضايا عاهرات مغربيات دفعهن البؤس الاجتماعي إلى مهنتهن تلك، دون رغبة منهن، وهو ما قصده عيوش وهو يصرح للصحافة الفرنسية بأنه يتعين النظر بكثير من الإنسانية للنساء الداعرات، لكونهن يعلن أسرهن، ولا يحصلن على أي مقابل، سوى نظرات الازدراء من المجتمع.