طه العيسي يبدو أن مباحثات تشكيل الحكومة المغربية المقبلة قد دخلت في الربع ساعة الأخيرة وأن الاعلان عن تشكيلها أصبح قاب قوسين أو أدنى. ورغم أن تصريحات قياديين بارزين في حزب العدالة والتنمية تؤكد أن لاشيء حسم في شأن توزيع الحقائب والأسماء المرشحة للاستوزار,الا أن بعض الاشارات والتسريبات توحي بتقدم كبير في الاتفاق على الهيكلة وربما الحصص. فالتوافق حول رئاسة مجلس النواب التي آلت لحزب الاستقلال-صاحب الرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة-يدل على أن أشواطا كبيرة قد قطعت من أجل انضاج الطبخة الحكومية خصوصا وأن المنصب يعد الثالث من حيث الأهمية في المملكة. ولاشك أن المنهجية "التشاركية"-بحسب قياديي حزب "المصباح"- التي اتبعها رئيس الحكومة المكلف كان لها دور أساسي في "اذابة الجليد" بين المكونات الحكومية وتعبيد الطريق نحو الاتفاق حول مجموعة من النقط العالقة من توزيع الحصص-المتناسبة مع عدد المقاعد في مجلس النواب- مرورا بمعايير الاستوزار,الى تغيير الوجوه وتقليص عدد الحقائب الوزارية-التي لن تتجاوز 30 -بالاضافة الى مبدأ التداول حول الوزارات و اعطاء الأولوية لملفات السكن والتشغيل والتعليم والصحة بالاضافة الى محاربة الفساد باعتباره "شوكة" تعيق الاقلاع الاقتصادي والاجتماعي للبلد. واذا كانت أطراف في المعارضة تطالب حزب العدالة والتنمية -اضافة الى احزاب الائتلاف الحكومي- بتطبيق ما أعلنته في الحملة الانتخابية -خصوصا وأن الاسلاميين قد أعلنوا سابقا عن رفع مؤشر التنمية الى 7 في المئة- فان الحزب يرد بأنه لو كان حصل على أكثرمن 50 في المئة من مقاعد مجلس النواب لكان ملزما بتطبيق برنامجه كاملا و حصوله على 27 في المئة من المقاعد النيابية يفرض عليه التحالف مع أحزاب أخرى وبالتالي لا يمكنه تطبيق برنامجه وفي هذا الصدد تم استحداث لجنة مشتركة لملائمة برامج الأحزاب المشاركة في الحكومة التي لاشك ستتبنى نقط القوة في مختلف البرامج. كما يلفت قياديون بارزون في العدالة والتنمية الانتباه الى أن الحكومة قادرة على تحقيق مؤشر التنمية في حدود 7 في المئة, في المرحلة الأخيرة من عملها وأن محاربة الفساد ستسهم في فتح أبواب التنمية وأن عنوان المرحلة المقبلة سيكون محاربة الفساد واعلان القطيعة مع"المرحلة السابقة " وتكريس الديمقراطية. فالحكومة اذن وعلى رأسها حزب "المصباح" عازمة على محاربة الفساد من خلال اقتحام مجال الاقتصاد غير المعقلن(اقتصاد الريع) وهو ما سيضعها وجها لوجه أمام "جيوب مقاومة " متمثلة في بعض المنتفعين ,ما ينبئ بمواجهة قوية ستدخلها الحكومة متسلحة بعدة عوامل 1-الصلاحيات الدستورية غير المسبوقة التي يمنحها الدستور الجديد للحكومة بالاضافة الى استقلالية القضاء. 2-الأغلبية المريحة في مجلس النواب 217 نائبا من أحزاب الحكومة (مآزرين من طرف 7 نواب من الأحزاب الصغرى) بالاضافة الى الرصيد الشعبي الذي كرسته صناديق الاقتراع. 3- حركة 20 فبراير- في الشارع- التي ترفع شعار محاربة الفساد. الأكيد أن الحكومة المقبلة ستعمل جاهدة على رد تحية الناخبين بأحسن منها لكن التحدي الأكبر لها سيكون اساسا هو اقناع المواطنين في الانخراط في التغيير من خلال اعادة الثقة للعمل الحكومي برفع مردوديته و تحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين.