و أنا أتجول بمدينة أكادير راعني منظر غريب على المدينة الجنوبية و لربما على أغلب المدن المغربية, فرأيت نساء و أطفالا سوريين يتسولون على جنبات الطرق عَلَّهُمْ يجدون ما يَسُدّ رَمَقهم و بينما كانت حركة السير ,بالتزامن مع إلحاحهم على النقود, سريعة و غير عابئة بهم و لا أحد عابئ بهم بالمرة أيضا. و هكذا شُرِّدت العوائل العربية السورية في مشارق الأرض و مغاربها كما شُرِّدَتْ من قبل الفلسطينية و بعدها العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين في 2006 و لعل ذلك يحدث شرخا اخر في بنية المجتمعات, الديمغرافية, و التي استقبلت هؤلاء اللاجئين و السؤال المطروح إذن هو من كان السبب في تشريدهم بهذه الطريقة البشعة؟؟ سيجيب أحدهم بالقول أنهم هم أنفسهم السبب!!! لكن الظاهر أنهم أُرْغِمُوا على استكمال ثورتهم ضد الطاغية بشار الاسد ففي الوقت الذي كانت لقطر و الامارات و السعودية مصلحة في دحر النفوذ الايراني الشيعي في المنطقة, كانت تمدهم بالمال و السلاح و العتاد و بمباركة غربية و عربية,و نادى الشيوخ في المساجد بالجهاد و أقيم مؤتمر خاص بذلك في مصر ,عهد الرئيس مرسي, بمشاركة أغلب المنظرين و الفقهاء و من مختلف الدول العربية و الاسلامية ... لكن ما إن ظهر لهذه الدول بوادر صعود نظام اخر ستفرزه هذه الثورات و هو الاخوان المسلمين بسوريا و العراق و اليمن و ليبيا و أيضا مصر سارعت بالتالي بالهرب من الساحة السياسية و كأن لاشيء يعنيها البتة و منعت اللجوء لديها كما فعلت الاردن مخافة انتقال الفكر الإخواني إليها رغم ضآلة وجوده في بلادها و بالتالي إحداث نعرة الثورة أو بعبارة أخرى الفكر الثوري, بل انضم بعض هذه الدول الخليجية ضمن ما يسمى بالتحالف الدولي و بالتالي صار السوريون و من معهم من العراقيين ضحية تحايل و صفقات مبرمة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية و الدول البترودولارية بالحفاظ على منابع النفط الرئيسية المزودة للغرب و تضييق الخناق على روسيا و لعل الشاهد للوفد الأمريكي الرفيع المستوى و الذي زار المملكة العربية السعودية مؤخرا يدرك حجم الصفقات المبرمة بين الجانبين فالزيارة لم يطبعها تقديم العزاء فقط بقدر ما تخللها أيضا مناقشة الأوضاع الميدانية بالمنطقة المضطربة و التي كانوا هم السبب في اندلاع الازمات بها. فلماذا مباركة الثورة السورية منذ البداية ضد بشار و تهميش اللاجئين السوريين فيما بعد؟ و لماذا معاداة الأسد في بداية الثورة على نظامه و التقرب إليه الان بعد ظهور خريطة أخرى للعرقيات بالمنطقة؟ ما السبب في تجييش السنة ضد الشيعة و ضد الأكراد و الدروز و إحداث نعرة الإقتتال و الثأر بينهم؟