اندلس برس عرفت العلاقات المغربية/الإسبانية في الآونة الأخيرة توترا وبلبلة، إثر المشادات الكلامية التي تمت بين الطرفين بشأن إثارة قضية سبتة ومليلية المحتلتين، خلال التصريح الحكومي الذي أدلى به الوزير الأول أمام البرلمان، فصدر رد رسمي عنيف من إسبانيا ضد هذه المطالبة المباشرة، باغتتها، وهي التي تعودت من المغرب التريث في المطالبة بأراضيه المغتصبة وإرجاءها كل مرة إلى أجل غير مسمى ...، فهذه المبادرة غير المتوقعة والتي اعتبرتها إسبانيا "في غير أوانها"، نظرا للأزمة الاقتصادية التي تمر بها، جعلت وتيرة الغضب تفور لدى المسؤولين الإسبان مما حدا بهم إلى التفوه بعبارات تلمّح إلى إعلان الحرب كما صرحت بذلك رئيسة مقاطعة مدريد إسبرانسا أكيري في حال كان المغرب صادقا في طرحه لهذا الموضوع !!!، متهمة إياه باغتنام الفرص كلما كانت إسبانيا تعاني من مشاكل داخلية، مثلما حدث في قضية المسيرة الخضراء التي ارتبطت أحداثها بمرض فرانكو وموته . لقد تعودت إسبانيا منذ عهد الحماية التسلط على المغرب وعلى خيراته الطبيعية وموارده البشرية واستعماله كورقة انتخابية أو وسيلة لتعديل مكانتها في أي مشكل يعترضها كلما اهتزت صورتها أمام نظيراتها بأوربا، كما لو كانت لا تعترف باستقلاليته كدولة قائمة بذاتها، بل تعتبره تابعا لها يخدم مصالحها ويسد الثغرات المشوهة لصورتها أمام العالم على حسابه ليبقى دائما في الصفوف الأخيرة بإيعاز منها، حيث لا تريد له الظهور واتخاذ مكانته كباقي الدول النامية في حوض المتوسط، وتحاول إبقاءه تحت المراقبة لعرقلة كل تحركاته، مما يثير حفيظته فتزداد بذلك فجوة التباعد بينه وبين جارته اتساعا، مع العلم أن الحكومة المغربية تحاول جاهدة معاملة جارتها معاملة أخوية يسودها التفاهم ومحاولة التغلب على المشاكل المشتركة، كمشكل تهريب المخدرات والهجرة السرية والإرهاب وغيرها من الأمور التي تنال رضا إسبانيا، في هذه الحال نجدها تشيد بتعاونها مع المغرب وتذكر مناقبه ومنافعه، ففي تصريح لوزير الخارجية الاسباني ميغيل أنخيل موراتينوس لصحيفة إلكترونية إسبانية "إيكوإسطريشو " قال أن المغرب يشكل بالنسبة لاسبانيا والاتحاد الأوروبي "شريكا أساسيا من أجل تحقيق أهداف الأمن والاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي، والنهوض بالاندماج والحوار بين الثقافات، وهي الأهداف التي يعمل من أجلها الاتحاد الأوروبي من خلال الشراكة الأورومتوسطية"، وقال "نحن نتقاسم نفس الرغبة في تعزيز التفاهم المتبادل والتعاون من أجل مواجهة التحديات المشتركة الناشئة عن ترابطنا الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي"، كما أشاد السفير الإسباني بالتطور الملحوظ الحاصل في العلاقات المغربية الإسبانية خلال السنوات الأخيرة، والإقبال المتزايد للشركات الإسبانية للاستثمار بالمغرب"، هذا في حال خدمت الأعمال المشتركة مصالح إسبانيا، لكن من جهة أخرى تتدفق الهجمات إثر أي تحرك من المغرب تعمل على الإطاحة بكل ما يمكّنه من التقدم باقتصاده ومشاريعه التنموية، فليس بعيدا أقامت إسبانيا الدنيا وأقعدتها مطالبة بمحاكمة المغرب لغزوه أسواق فرنسا بالفراولة،كما أعرب الحزب الشعبي الإسباني عن قلقه بسبب الطماطم المغربية، لكون المغرب منافسا مباشرا للمنتجات الفلاحية الإسبانية، وهي أسباب وضعتها الهيئات الزراعية، التي تعتبر نفسها متضررة من المنتجات المغربية ذات الجودة العالية، لإفشال الاتفاقيات المبرمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي كمحاولتها تنظيم مظاهرات للمطالبة بإلغاء القمة المغربية الأوروبية، الذي تمت في شهر مارس بمدينة غرناطة، كما تحاول الحكومة الإسبانية جاهدة تكسير الأنظمة التي يسير عليها المغرب لحماية ثرواته الطبيعية باختلاقها مشاكل حول الصيد البحري عندما رفض المغرب تجديد اتفاقيته مع الإتحاد الأوربي لحماية ثرواته السمكية، ومشاكل أخرى اصطنعتها لتصعيد التوتر بين البلدين مثل دفْعها للملك خوان كارلوس لزيارة المدينتين المحتلتين، لخرق العرف المتبع منذ سنين بعدم دخول كِلا الملكين إلى الأراضي المتنازع عليها لكي لا تثار حولها المشاكل، ومؤازرتها للجزائر في قضية الصحراء المغربية، ودعمها للبوليساريو بسماحها لقيام التنظيمات الخاصة به على الأراضي الإسبانية، والتصريحات المبهمة للحكومة الإسبانية حول الاقتراح المغربي لحل النزاع في الأقاليم الجنوبية، ثم ضغط البرلمان الإسباني على المغرب لإجباره على السماح بعودة "أميناتو حيدر" إلى الوطن، كل هذه المناوشات افتعلتها وتفتعلها كلما سنحت لها الفرصة لإرباك وحدة المغرب وزرع الشكوك بين الشعب والحكومة.