دخلت إسبانيا مجددا في دائرة الحلقة المفرغة وأدخلت معها الأسواق في حالة من القلق تجعل الأوضاع الاقتصادية والمالية في وضع أكثر صعوبة، وتدفع بمدريد إلى الاستدانة بمعدلات على الفوائد تحقق أرقاما قياسية يوما بعد يوم. ومع بداية الأسبوع الإثنين ارتفعت الفوائد على سندات الخزانة الإسبانية لمدة عشر سنوات إلى 7.466 في المائة، وكانت قد وصلت في لحظة في اللحظات إلى 7.5 في المائة وبات الفارق مع الفوائد على سندات الخزانة الألمانية للفترة ذاتها 6.43 في المائة. وتسببت الأزمة الإسبانية في انهيار البورصات الأوروبية من دون أي استثناء حتى بورصة نيويورك بدأت تعاملاتها على انخفاض وتراجع اليورو من جديد أمام الدولار الأمريكي والين الياباني. وهنا سألت «الاقتصادية» الدكتور بيار قبطي المختص في الشأن الاقتصادي عما إذا كانت مدريد ستجد نفسها مضطرة لطلب المساعدة الخارجية وعن قلق الأسواق من ذلك؟ تعتبر الأسواق أن المساعدة الأوروبية لإنقاذ المصارف الإسبانية والمقدرة ب 100 مليار يورو لن تكفي لإنقاذ الاقتصاد الإسباني برمته، فمشكلة إسبانيا أن المصارف تواجه صعوبات والآن الدولة الإسبانية ستواجه عجزا كبيرا ليس فقط بسبب تراجع عائدات الخزانة العامة نتيجة الركود الاقتصادي وبالتالي المزيد من العجز، ولكن أيضا بسبب الولايات الإسبانية خاصة أن فانيسيا طلبت مساعدة الدولة وسبقتها ولاية كشتلانيا بالقول إنها قد تعجز عن تسديد ديونها، وهناك حديث بأن عدة ولايات تتجه في الاتجاه نفسه. إذا الحكومة الإسبانية تواجه الصعوبة بالتوفيق بين المعادلة بين إيراداتها ونفقاتها وهي لن تتمكن من مواجهة هذا العبء. واليوم الأسواق تعتبر أن إسبانيا ستلجأ إلى طلب مساعدة أكبر من الدول الأوروبية تقدر ب 500 مليار يورو كتقديرات أولية. المشكلة بالنسبة للسلطات الإسبانية هي مشكلة سياسية بمعنى أن السلطات الإسبانية منذ البداية كانت تعلن أنها ليست في حاجة إلى أي دعم أوروبي، وإذا بدول منطقة اليورو تقرر تقديم 100 مليار يورو للحكومة الإسبانية لدعم المصارف المتعثرة. وأعلنت الحكومة أنها حصلت على هذه المساعدات الخاصة من دون شروط وسرعان ما تبين أن هناك شروطا واليوم الأسواق تقدر أن إسبانيا غير قادرة على الصمود في وجه الضغوط على سندات خزانتها من دون المساعدات الأوروبية. وستجد الحكومة الإسبانية نفسها مضطرة لطلب المساعدات لأنه إذا ما استثمرت مدريد بالاستدانة بفوائد تصل على 7.5 في المائة فإن العجز في الميزانية العامة يمكن أن يصل إلى 150 في المائة من الناتج الداخلي الخام. علما أن الديون السيادية الإسبانية ليست مرتفعة كثيرا وهي تصل اليوم إلى حدود ال 86 في المائة وهذه المسألة ستضغط على الفوائد. وبالتالي فإن الأسواق لن تلبي احتياجات إسبانيا والفوائد ممكن أن ترتفع إلى 8 في المائة، و9 في المائة و10 في المائة. وستضطر الحكومة الإسبانية إلى طلب المساعدات من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، كما أن الحكومة الإسبانية يمكن أن تطلب من حملة السندات الإسبانية التخلي عن جزء من ديونها على الطريقة ذاتها مع اليونان. ولكن الفارق بين أثيناومدريد هو أن اليونان تشكل 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام من منطقة اليورو، بينما إسبانيا تشكل 15 في المائة والاقتصاد الإسباني يوازي اقتصادات اليونان، والبرتغال وإيرلندا مجتمعة، ولذلك فإنني أتوقع خطة كبيرة في الأسواق. ولا أحد يعرف إلى أين يمكن أن تتجه الأمور. فوزير المالية الألماني صرح بأنه من الأفضل لليونانيين أن يدفعوا رواتب موظفيهم بالدراخمة، أي أنه من الأفضل لأثينا أن تنسحب من منطقة اليورو، والألمان يرون الأزمة الإسبانية تتفاعل وتكبر مثل كرة الثلج. وإذا سقطت إسبانيا فإن إيطاليا ستليها، وستكون المسألة آلاف المليارات. وبالتالي لا أرى كيف بمقدور الألمان الاستجابة إلى هذه الاحتياجات. ولا أرى أي مخرج إلا إذا أقدم المصرف المركزي الأوروبي على خطوة ما لا أعرف طبيعتها.