خيمت أجواء التوتر والترقب الأمني على جميع أنحاء مدينة العيون بعد إعلان جبهة البوليساريو وفاة أحد أبرز زعمائها ورئيس «برلمانها»، المحفوظ علي بيبا، نهاية الأسبوع الماضي. فرغم وفاته وتشييع جنازته أول أمس بعيدا في مخيمات تندوف، تسببت وفاة المحفوظ علي بيبا في أحداث عنف سبقت حفل العزاء الرسمي الذي نظمته السلطات في مدينة العيون أول أمس الأحد. ففي الساعات الأولى من النهار، بدأت أعداد كبيرة من الراغبين في إقامة صلاة الغائب على روح الراحل، في التوافد على حي المطار حيث يقطن عدد من أفراد عائلته، لتقوم قوات الأمن بتطويق الحي ومنع حركة الدخول إليه والخروج منه. وأوضحت مصادر من عين المكان أن أقرباء الراحل تطوعوا لمساعدة عناصر الأمن في تنظيم عملية الدخول إلى الحي، حيث وقف كل منهم في أحد المداخل، وقاموا بإدخال الزوار المنتمين إلى أسرة المحفوظ علي بيبا، لينفلت الأمر من قبضتهم ويتمكن جميع الراغبين تقريبا في الدخول من تحقيق مبتغاهم. ومع اقتراب منتصف النهار، توترت الأعصاب وبدأت بوادر المواجهة في الظهور، حيث وصلت العديد من النساء إلى المكان المخصص لإقامة العزاء وهن يحملن أعلاما للبوليساريو وعددا من نسخ الجرائد التابعة لها. هنا عادت أسرة الراحل لتتدخل، حيث تم إدخال هؤلاء النساء إلى أحد البيوت، وطُلب منهن التخلي عن تلك المنشورات والأعلام «لأن الأمر لا يحتمل التسييس»، حسب مصدر حضر هذه الوقائع. لكن، وفي تلك الأثناء، كان عدد من الشبان الموالين لجبهة البوليساريو يتجمهرون في الخارج، ويرددون شعارات انفصالية، لتتدخل قوات الأمن بقوة لتفريقهم وإبعادهم عن المكان. المواجهات العنيفة أدت أيضا إلى تمزيق بعض من حبال خيام رسمية تم نصبها من أجل احتضان حفل العزاء الرسمي. توتر آخر خيم على الموقف حين أراد البعض إقامة صلاة الغائب ترحما على المحفوظ علي بيبا، وهو ما رفضه البعض الآخر، ليتم الاكتفاء بالدعاء له بشكل جماعي والترحم على روحه، قبل مغادرة المكان، فيما حملت هيئات موالية لما يُعرف بانفصاليي الداخل، مسؤولية عدم إقامة صلاة الغائب إلى السلطات الأمنية، كما اتهمتها بمنع وصول عدد من النشطاء الانفصاليين إلى مكان العزاء، أمثال محمد ددش وأميناتو حيدر... أحداث تطلبت عقد اجتماع بين مسؤولي ولاية العيون وبعض أفراد عائلة الراحل، تحضيرا لحفل العزاء. وفيما كانت بعض المصادر المحلية تتوقع وصول مسؤولين مغاربة سامين لحضور حفل العزاء الرسمي، والذي أقيم على نفقة الدولة مساء الأحد، تم الاقتصار على وفد قاده والي المدينة محمد جلموس، والوالي الملحق بالإدارة المركزية لوزارة الداخلية رشيد الدويهي، ورؤساء الأقسام والمصالح في عمالة العيون بالإضافة إلى منتخبين محليين... من جانب آخر، تتواصل تفاعلات الغموض الذي يلف سبب الوفاة المفاجئة للمحفوظ علي بيبا، وتتناسل الروايات حول وقوف جهات معينة وراء «اغتيال» محتمل للقيادي السابق في جبهة البوليساريو. مصدر موثوق قال ل»أخبار اليوم» إن المؤكد من بين كل تلك الروايات هو ذلك الخلاف الحاد الذي وقع بين الراحل وضابط سام في الجيش الجزائري مكلف بمخيمات تندوف، أدى إلى نشوب تلاسن حاد بين الرجلين في اجتماع روتيني جمعهما قبل أسبوع من وفاته. المصدر نفسه قال إنه وإن كانت هذه الواقعة مؤكدة، «فإن فرضية تصفيته من طرف المخابرات الجزائرية تبقى مستبعدة، نظرا لعلاقات المرحوم الوثيقة بالجزائريين وخدماته الكثيرة رغم عناده وصلابته». في الضفة الأخرى، وموازاة مع ما عاشته مدينة العيون أول أمس الأحد، أقامت جبهة البوليساريو جنازة رسمية للراحل المحفوظ علي بيبا في تندوف، حضرها قياديون من الجبهة ألقوا كلمات تأبينية، تقدمهم زعيم الجبهة محمد عبد العزيز، والذي كان قد أزاح الراحل من القيادة بعيد رحيل الولي مصطفى السيد. كما حضر البرلماني الجزائري الطيب الهواري، رئيس «المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائرية الصحراوية».