في خطاب لم يخل من رسائل سياسية مباشرة وغير مباشرة، انتقد فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب أداء الحكومة الحالية، واصفا إياها ب"الحكومة الأضعف في تاريخ المغرب المستقل". وشدد فريق الأصالة والمعاصرة، في معرض تعقيبه على مضامين التصريح الحكومي، أمس الخميس على أنه "لم يسبق أن عرفت بلادنا حكومة مفككة الأوصال، وبدون أي رابط، منفصلة عن امتدادها البرلماني، فاقدة لأية هوية سياسية أو مذهبية، بخارطة طريق غير معروفة، بتدبير يعطي الأولوية لليومي في غياب منظور استراتيجي للعمل...". وأثارت هذه العبارات والأوصاف حفيظة الوزير الأول، الذي كان يستمع إلى التعقيب، ودخل مباشرة بعد ذلك في حديث لم يخل من إيماءات الغضب مع وزير الدولة محمد اليازغي. وشدد فريق الأصالة والمعاصرة، في هذا الصدد، على أن "الثقة الملكية" في الحكومة الحالية ينبغي ألا توظف خارج سياقها ومدلولها، ذلك أن "الثقة المولوية"، يؤكد أحمد التهامي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، "لا يمكن أن تكون مبررا للاستكانة والانتظارية، كما أنها ليست حجة يمكن التذرع بها لصد النقد البناء الراصد لمكامن خللها وخصاصها". وأشار خطاب الفريق أيضا إلى أنه "لا يعقل بتاتا أن تشهر الحكومة واقعة "الثقة المولوية"، بالنظر إلى تخلفها عن وتيرة واشتغال المؤسسة الملكية ومبادراتها الجريئة، وفلسفة عملها المحكومة بالقرب والانصات..."، مستغربا كيف يمكن لحكومة بهذه المواصفات "القدرة على الاستمرار في تدبير الشأن العام لما تبقى من ولايتها وهي التي تعاني من أدواء وعلات مزمنة، وعدم رضى عارم يخترق خطاب السياسي والجامعي والإعلامي والراصد بل والمواطن العادي". وطالب الفريق الوزير الأول ب"تحمل المسؤولية السياسية لنتائج تدبير الحكومة وتنزيل الاستراتيجيات الاقتصادية والمالية والاجتماعية" وأن "تمتلكوا الشجاعة في قادم الأيام على إعلان فشلكم، وأن تكفوا عن التحجج بخطاب واه، وعليكم أن تتحملوا مسؤولية كل مكونات الحكومة عوض فقط الوزراء المنتسبين إلى حزبكم، يقينا منا بأن بلادنا في حاجة إلى حكومة قوية ومنسجمة، وذات رؤية واضحة وامتداد شعبي حقيقي وأغلبية منسجة ومنضبطة، داعمة لأهداف الحكومة وأولوياتها"، على حد تعبير أحمد التهامي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، الذي ألقى التعقيب. إلى ذلك، وجه حزب الأصالة والمعاصرة خمسة انتقادات إلى تصريح الوزير الأول أمام البرلمان، يتعلق الأول بكون الخطاب "بمثابة خطاب تنصيب جديد بأرقام ورهانات واستراتيجيات مختلفة عن الالتزامات المعبر عنها قبل سنتين ونصف، لا خطابا للحصيلة محكوما بمرجعية خطاب نيل الثقة"، فضلا عن "تفكك التصريح وإغراقه في الإنشائية، في غياب المنظور الاستراتيجي والتضامني الذي يجب أن يحكم عمل الحكومة ومؤسسة الوزير الأول الذي يقودها". ومن الانتقادات التي وجهها حزب "البام" إلى خطاب الوزير الأول "تأطيره بخطاب الأزمة الاقتصادية، في تناقض صارخ مع الخطاب التفاؤلي وخطاب الخروج من الأزمة، فضلا عن تحديد زمن سياسي جديد للحكومة الحالية خارج فترة ولايتها، عبر الإحالة على تواريخ 2015 و2020"، وهو ما يعبر، برأي حزب الأصالة والمعاصرة، "عن سياسة القفز إلى الأمام ضدا على الالتزامات المعلنة والأجندة المحددة". وأشار خطاب البام إلى أنه "قبل سنتين ونصف من الآن، قرر فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب دعم الحكومة، والتصويت الإيجابي على تصريح تنصيبها، وكان الدافع آنذاك منح فرصة لها للاشتغال وعدم محاكمة نواياها، وتمكينها من مساحة زمنية كافية قصد بلورة رؤيتها"، مشيرا إلى أن هذا الموقف السياسي كان متميزا في حينه، حتى من أقرب مواقف الشركاء السياسيين في الحكومة الذين فضل بعضهم صيغة "المشاركة النقدية"، و"بالرغم أيضا من كوننا صوتنا على خطاب تنصيبكم بالنظر إلى الآمال العريضة التي فتحها"، يقول الخطاب، "فإننا تلقينا منكم ما يمكن أن ننعته تحديدا ب"سوء الجزاء"، حيث اختلقتم وبدون موجب قانوني أو سياسي أو أخلاقي عشية الانتخابات الجماعية الأخيرة أزمة سياسية كان يمكن أن تؤدي، لولا حكمة وتدبير قيادتنا في حزب الأصالة والمعاصرة، إلى أشياء ننزه أنفسنا عنها". وفي السياق ذاته، شدد حزب الأصالة والمعاصرة على أن فترة سنتين ونصف "قد بينت ضعف تفاعل الوزير الأول مع مؤسسة البرلمان وغيابه الممنهج عن أشغالها"، فضلا عن غياب الأغلبية الساحقة من أعضاء الحكومة عن المجلس. واعتبر فريق الأصالة والمعاصرة أن أداء الحكومة خلال النصف الأول من ولايتها قد وسم ب"ضعف أداء مؤسسة الوزير الأول، في مستويات الإشراف والتنسيق بين المكونات الحكومية، وغياب الخيط الناظم لمختلف مكونات الحكومة، والهيمنة المفرطة لمنطق التدبير القطاعي في منهج اشتغال المكونات الحكومية، فضلا عن عدم الاستقرار الحكومي، حيث عرفت الحكومة تعديلين جزئيين، وتحالف حزبين بموقعين برلمانيين مختلفين... وكذا الفشل الواضح في تدبير الأزمات الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية". وعدد فريق الأصالة والمعاصرة مجموعة من النواقص الأخرى، من ضمنها ترجمة إصلاح القضاء وعدم التفاعل الإيجابي مع مضامين تقرير المجلس الأعلى للحسابات، والتدهور المستمر في قطاعي الصحة والسكن. على صعيد آخر، انتقد فريق الأصالة والمعاصرة بشدة التعامل السلبي للحكومة مع فوضى الفتوى، التي لها إطاراتها المؤسساتية الخاصة بها، واستمرار تهديدات الأمن الروحي للمغاربة في صور أعمال التشيع والتنصير واعتناق المذاهب الدخيلة، وكذا "عدم تذكير بعض الفرقاء السياسيين والجمعيات المدنية بكون السياسي والديني لا يجتمعان في بلادنا إلا في شخص أمير المؤمنين، وتوظيف خطاب أخلاقي لغايات سياسوية ضيقة في كل مناسبة ثقافية أو فنية أو دينية، وبقاء العديد من العلماء بعيدا عن وظيفتهم التنويرية والضابطة لاختيارات المذهبية الوسطية المعتدلة المتسامحة، كما أن توتر العلاقة مع بعض المنابر الصحفية وطريقة التعامل معها أحيانا، بعيدا عن المقتضيات القانونية المنظمة، قد خلق جوا من الاحتقان واللاثقة".