في تطور مفاجئ لملف ثورة شباط الأخيرة على سلطات ولاية فاس وخروجه الإعلامي لمهاجمة حزب الأصالة والمعاصرة، قرر والي جهة فاس، محمد غرابي، في كتابه الموجه إلى الأمين العام الإقليمي لحزب الأصالة والمعاصرة، بداية الأسبوع الجاري، جوابا عن استفسار للأخير، إلغاء المقررات التنظيمية الخمسة التي سبق لشباط أن أقرها بمعية أغلبية المجلس خلال دورة شهر فبراير 2010، ويتعلق الأمر هنا بقرارات عمدة فاس الهادفة إلى إغلاق الملاهي الليلية ومحلات التعاطي الشيشة وألعاب الرهان وحانات بيع الخمور، وحظر بيع الخمور وتداولها في دور الضيافة الواقعة بتراب المثلث الذهبي لضريحي المولى إدريس وأحمد التيجاني وجامع القرويين. وتقول الرسالة، التي حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منها: "... فإن هاته السلطة وتطبيقا لمقتضيات المادة 73 من الميثاق الجماعي سبق لها أن أعلنت تعرضها على هذه المقررات في حينه لعدم مشروعيتها، كما رفضت التأشير على القرارات التنظيمية المتخذة من طرف رئيس المجلس الجماعي بناء على المقررات سالفة الذكر، وذلك لمخالفتها للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل طبقا لمقتضيات المادة 76 من الميثاق الجماعي. وعليه فإن هذه المقررات والقرارات المذكورة أصبحت غير قابلة للتنفيذ، وقد تم إبلاغ رئيس المجلس الجماعي بذلك ". أولى ردود الأفعال على قرارات سلطات ولاية فاس، التي أحدثت هزة في صفوف الاستقلاليين وعموم متتبعي الشأن العام المحلي بفاس، كانت لجواد يعقوبي، الأمين العام الجهوي لحزب الهمة بفاس، في تصريح خص به "أخبار اليوم"، حيث قال: "لقد حان الوقت لوقف هستيريا شباط الذي ظل على الدوام يردد مقولة: إن "القانون وُجد لكي يُخرق"، فهذا السلوك المعادي لدولة الحق والقانون والمؤسسات لم يعد مقبولا". وأضاف القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة أن "قرار والي جهة فاس بإبطال مقررات شباط كان أضعف الإيمان، لأننا كنا ننتظر أن تعلن سلطات ولاية فاس إلغاء دورة الحساب الإداري الخصوصي لشباط، لأنه تم تمريرها في أجواء غير صحية، تحت ظلال ذوي العضلات المفتولة الذين يعول عليهم شباط في تنفيذ قراره القاضي بمنع الخمور بمدينة فاس، حيث يبدو أن عمدة فاس يرى أن أهل فاس شياطين وقد تحول هو إلى "رابعة العدوية"، الزاهدة بعد قضائها لسنوات طوال في المجون واللهو، واللعب بالماء الزلال الذي ساقه إلى أغلبية مريحة بفاس وكرسي مترنح في النقابة العمالية". من جهته، قال مسؤول بولاية جهة فاس، في اتصال هاتفي مع "أخبار اليوم"، تعليقا على قرار هذه الأخيرة: «إن قرار الوالي إلغاء المقررات التنظيمية لرئيس المجلس الجماعي لفاس، المدرجة في جدول أعمال دورة فبراير 2010، ورفض السلطة الولائية التأشير عليها جاء بناء على قناعة إعمال القانون، ذلك أن ملفات الشيشة والخمور والملاهي الليلية ومحلات الرهان كلها تُدبر من قبل سلطات ولاية جهة فاس والسلطات الأمنية بالمدينة التي يعود إليها الاختصاص". من جهته، قال الدكتور علال العمراوي، نائب عمدة فاس، إنه لا علم لهم بقرار الولاية، قبل أن يعود، في اتصال ثان مع "أخبار اليوم"، ليقول معلقا على القرار: "هذه شكليات مسطرية عادية من قبل سلطات ولاية فاس، المهم بالنسبة إلينا نحن في الجماعة الحضرية لفاس هو أن بيئة العاصمة العلمية والروحية للمملكة أضحت يوما عن يوم تنقى من كل الشوائب المضرة بسمعتها.. وأن أهل فاس يدركون هذا جيدا، بعد أن لمسوه خلال الأيام القليلة الماضية. نحن كمسؤولين عن تدبير الشأن المحلي نرى أننا تقدمنا خطوات كبيرة إلى الأمام في هذا الصدد، وسنبقى يقظين في التعامل مع هذه الملفات التي تضر بمنظومة حماية مدينة فاس وتاريخها في السياحة، خاصة أن فاس تقصدها نخبة من السياح ذوي الطبيعة الخاصة، الدينية والثقافية، وأن أهلها سكان محافظون يأملون أن يروها في صورة تشرفهم في الداخل و الخارج". يذكر أن شباط سبق له، في حوار أجرت معه "أخبار اليوم"، أن كشف عن احتفاظه بحقه في اتخاذ هذه المقررات وتنفيذها، حيث قال: «إن الميثاق الجماعي واضح ويعطي مهام الشرطة الإدارية للمجلس، من أجل الحفاظ على صحة المواطنين، ونحن نتصرف وفق هذا الميثاق، وليس شيئا آخر. لقد أصدرنا قرارا بإغلاق كل المحلات التي تمس بصحة المواطن، ولا يتعلق الأمر هنا بالفنادق التي تستقطب السياح، لكنها أوكار بقيت منذ زمن الاستعمار، وتحولت إلى مكان للجريمة. وأود أن أشير إلى أننا في مدينة فاس ننسق بشكل تام بين المجلس والسلطات الولائية والأمنية والإدارية، إذن لا وجود لأي صراع مع السلطة. السلطات تعلم أن المحلات المعنية تخلق فتنة كبيرة في المدينة. وفي ما يخص رخصة بيع الخمور فهي من اختصاص السلطة الإدارية وهذا نعرفه، والمجلس قرر رفع ملتمسات إلى الولاية من أجل إيقافها. والمجلس لديه الحق في أن يتدخل في ما يخص صحة المواطنين، لأن هذه الأوكار لا تتوفر على الشروط الصحية، ومن حقنا أن نقرر إغلاقها.. وأظن أن هذه الشوائب التي تمس الشعب المغربي، وتمس السياحة، علينا أن نتحلى بالجرأة للتصدي لها".