قرر الاتحاد الأوربي توقيف مشروع "أوروميد عدالة" مع المغرب، هذا ما كشفه مسؤول باللجنة الأوربية، متخصص في الشؤون المغربية وقضايا المغرب العربي، وأكد، في تصريحات ل"أخبار اليوم"، أن مرد هذا القرار يرجع إلى "عدم تقديم المغرب لمشروع واضح المعالم لإصلاح القضاء واستقلاليه وترسيخ العدالة في المغرب"، كما أكد هذا المسؤول الأوربي أن "اللجنة الأوربية منزعجة جدا من الأوضاع التي يعرفها المغرب ومن التراجعات في قضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير وعدم استقلالية القضاء". واستطرد هذا المسؤول قائلا: "المسؤولون المغاربة يجب أن يفهموا أن الوضع المتقدم للمغرب ليس غاية في حد ذاته، بل، على العكس، صارت أمام المغرب أجندة مسؤوليات كبيرة إذا لم يلتزم بها فقد يسحب منه الوضع المتقدم". مشروع "أوروميد عدالة" وقعه الاتحاد الأوربي مع المغرب سنة 2008، وفي نفس الوقت انطلق هذا المشروع مع ثماني دول أخرى وهي: الجزائر ومصر وإسرائيل والأردن ولبنان و"الأراضي الفلسطينية المحتلة" وسوريا وتونس، وخصص له الاتحاد الأوربي مبلغ 5 ملايين أورو لتنفيذه في هذه البلدان، كما منحها ثلاث سنوات لأجرأته (من 2008 إلى 2011)، حيث كانت الأهداف التي اتفق على تحقيقها مع المغرب تتمثل في: "تقوية الإمكانيات المؤسساتية والحكامة الجيدة لمؤسسة القضاء في المغرب، وتحديث النظام القضائي المغربي، وتطوير الولوج إلى مؤسسة القضاء، وتسهيل الإجراءات القانونية، وتبني قوانين مطابقة للمعاهدات الدولية في الفصول الجنائية المغربية"، وحسب المصدر الأوربي المسؤول، والذي رفض الكشف عن اسمه أو صفته، فإن "أغلب ما اتفق عليه مع المغرب لم يتحقق". من جهة أخرى، وجه العديد من المسؤولين باللجنة الأوربية انتقادات لاذعة إلى المغرب في اللقاء الذي يجمعهم بالعديد من صحافيي بلدان البحر الأبيض المتوسط في بروكسيل، والذي سيستمر إلى يوم الأحد المقبل، وكانوا يرددون نفس الانتقادات: "المغرب لا يلتزم بتعهداته مع الاتحاد الأوربي، ولا يطبق ما اتفق عليه في المشاريع التي نمولها"، فيما اتفق بعض المسؤولين باللجنة الأوربية على أن "تقارير المنظمات غير الحكومية تؤكد، بالنسبة إلينا، تراجعات خطيرة على مستوى حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان". وكشف المصدر الأوربي نفسه أنهم في الاتحاد الأوربي تابعوا كل الخطابات الملكية التي كانت تدعو إلى إصلاح شامل للقضاء في المغرب، كما تابعوا إعلان الملك محمد السادس عن قراره إطلاق "إصلاح شامل وعميق للقضاء"، وذلك في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة الذكرى ال56 ل"ثورة الملك والشعب"، حيث دعا الملك محمد السادس الحكومة، وخصوصا وزارة العدل، إلى "بلورة مخطط كامل ومضبوط لإصلاح القضاء"، لكن، وحسب المسؤول الأوربي دائما: "الخطاب كان قويا لكن واقع اللاعدالة وعدم استقلالية القضاء في المغرب مستمر"، وأكد المصدر كلامه بالإحالة على التقارير الأخيرة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي يشير بعضها إلى أن القضاء يبقى "سبب الانتهاكات اليومية لحقوق المواطنين".