بدأت بوادر استنزاف حزب التجمع الوطني للأحرار، من طرف حزب الأصالة والمعاصرة، تظهر منذ انتخاب صلاح الدين مزوار رئيسا جديدا للحزب، إثر الانقلاب على مصطفى المنصوري. فقد أعلن عدد من رؤساء الجماعات، والمنتخبين المحليين في إقليمالفحص أنجرة، التابع لمدينة طنجة، عن استقالتهم الجماعية، والتحاقهم بحزب الأصالة والمعاصرة، وبلغ عدد المستقيلين من الحزب حوالي 36 منتخبا محليا بمن فيهم رؤساء جماعات. كما أن اللقاء الذي عقده الشيخ بيد الله، الأمين العام لحزب "البام"، في مدينة سطات الخميس الماضي عرف حضورا مكثفا لقيادات حزب الأحرار، مما فسر على أنه مؤشر على هجرة جماعية إلى حزب الهمة. ويأتي هذا الاستنزاف في وقت كان صلاح الدين مزوار، قد تعهد بعد انتخابه بأنه سيعمل على استعادة كل الذين غادروا الحزب وترشحوا لفائدة أحزاب أخرى. المستقيلون من حزب الأحرار في الشمال وقعوا على بيان، حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه، يشيرون فيه إلى أنهم عقدوا لقاء مع مسؤولي الأصالة والمعاصرة في الجهة، "تخلله نقاش مستفيض حول برنامج الحزب ومشروعه المجتمعي"، فكان قرار "الالتحاق بحزب الأصالة والمعاصرة"، ويوجد ضمن الموقعين على البيان: رئيس المجلس الإقليمي، الفحص أنجرة، مصطفى العيروس، والنويبو رضوان رئيس جماعة القصر الصغير، والحسن الهيشو رئيس جماعة قصر المجاز، وعبد السلام الخياط رئيس جماعة أنجرة، ومحمد الشاطر رئيس جماعة ملوسة، ومحمد الحنشوف رئيس جماعة تاغرمت، فضلا عن عدد من المنتخبين المحليين. وأكد محمد بوهريز، منسق حزب التجمع الوطني للأحرار في منطقة طنجة، ل"أخبار اليوم"، أن "حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي كان يتوفر على 40 منتخبا محليا في الفحص أنجرة، لم يبق معه سوى 4 مستشارين"، معلقا بحسرة: "هؤلاء الذين ساندناهم ودعمناهم في الانتخابات قرروا فجأة أن يغادروا الحزب باتجاه الأصالة والمعاصرة"، وأكد بوهريز، أنه شخصيا أبلغ صلاح الدين مزوار رئيس الحزب بهذه "الهجرة الجماعية"، لكن دون نتيجة. كما أكد بوهريز، أنه اتصل، بدون جدوى، بالكاتب الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة لإقناعه بالتراجع عن القرار. ومن سياق آخر، أكدت مصادر مقربة من الملتحقين بالأصالة، أنهم "فهموا أن قيادتهم الجديدة موالية لحزب الهمة، فقرروا الذهاب مباشرة إلى الحزب الأساسي". ويأتي هذا الموقف في سياق مواقف أخرى مماثلة تعكس درجة التماهي بين الحزبين، فقد شهد يوم دراسي نظّمه حزب الأصالة الخميس الماضي بمدينة سطات، حول موضوع الجهوية، حضورا ملفتا لمسؤولين من حزب الأحرار، منهم رئيس الجهة المعطي بنقدّور، والبرلماني شفيق رشادي، ورئيس المجلس البلدي لسطات مصطفى الثانوي، وذهبت مصادر حضرت اللقاء إلى حد القول بأن أغلب الحاضرين كانوا من حزب الأحرار، كما أن اللقاء عقد في فندق "المنزه"، الذي يملكه عبد الهادي العلمي، المنتمي إلى حزب التجمّع الوطني لأحرار. هذا في الوقت الذي بلغت فيه الصراعات بين مرشحي الحزبين أوجها في الانتخابات الأخيرة في المنطقة. مصادر مقرّبة من الحزبين في سطات أفادت بأن الحضور الوازن للأحرار يشير إلى أحد احتمالين، إما الاستعداد لاندماج جماعي لمنتخبي الأحرار في حزب الهمة، أو محاولة تبليغ رسالة بشأن انتهاء الصراع بين مرشحي الحزبين في الجهة، خاصة بعد طي صفحة مصطفى المنصوري.