حملت الأرقام التي نطق بها عبد اللطيف الجوهري مساء أول أمس الثلاثاء بمقر بنك المغرب بالرباط، ما اشتهاه نزار بركة وزير الإقتصاد والمالية حينما حل صباح أمس الأربعاء ببورصة الدارالبيضاء، للتداول في شأن التدابير الحكومية المتخذة لإنعاش البورصة وتنمية سوق الرساميل. فبعدما خرجت المندوبية السامية للتخطيط قبل أيام بتقرير مفاده أن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات ستتسبب في رفع مستوى التضخم وتراجع الإستثمار وفقدان مناصب الشغل والإضرار بالقدرة الشرائية للأسر، عقد مجلس بنك المغرب أول أمس اجتماعا فصليا قلل فيه من تداعيات هذه الزيادة على التوازنات الماكرواقتصادية، وهو ما أثلج صدر نزار بركة الذي بدت عليه علامات الرضا حينما قال بنبرة صوت متفائلة: “الحمد لله كيف كتشوفو التوقعات ديال بنك المغرب كتنسجم مع توقعات الحكومة بخصوص مستوى التضخم اللي شرنا ليها من قبل فالقانون المالي، واللي ما غاديش يتجاوز حدود 2 في المئة رغم الزيادة الأخيرة فأسعار المحروقات” بنك المغرب الذي نظم ندوة صحفية، أعقبت الإجتماع الفصلي الذي تدارس خلاله التطورات الأخيرة التي شهدتها الوضعية الإقتصادية والنقدية والمالية، وكذا التوقعات الخاصة بالتضخم، لم يصرح عبثا على لسان والي البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري، بمحدودية الأثر المرتقب أن يخلفه قرار الزيادة في أسعار المحروقات على مستويات التضخم. لقد برهن عن مصداقية أطروحته المخالفة لنظيرتها الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، من خلال التأكيد على أن الإرتفاع الطفيف الذي خلفته هذه الزيادة، وخاصة على مستويات الأسعار المتداولة في خدمات النقل بشكل عام، سيتم تعويضه بالإنخفاض الهام الذي عرفته أسعار خدمات الإتصالات، والتي ناهزت نسبة 22 في المئة بين الفترة الفاصلة بين ماي 2011، وشهر ماي من هذه السنة، يطلع الجواهري الحاضرين بنبرة الخبير في الشؤون النقدية. “الله يرضي عليكم، راه كل مؤسسة والتخصص ديالها. مني كنتكلمو على المالية العمومية راه التخصص كيعود لوزارة المالية، ومني كنتكلمو على الشأن النقدي، الإختصاص كيعود لبنك المغرب، ونفس الشي بالنسبة للمندوبية السامية للتخطيط اللي متخصصة فالحسابات الوطنية، ومكتب الصرف اللي مخول ليه القانون يعطينا الأرقام المرتبطة بعجز الميزان التجاري ومبادلات السلع والخدمات مع شركاءنا بالخارج” يوضح والي بنك المغرب. وبالعودة إلى قوة الأرقام التي كشف عنها الجواهري على ضوء ما توصل إليه الإجتماع الفصلي لمجلس بنك المغرب، فإن هذا الأخير قد لاحظ بأن نسبة التضخم التي بلغت حدود 0,4 في المئة خلال شهري فبراير ومارس، عادت لترتفع إلى 1,2 في المئة في شهر أبريل الذي تلاهما، وذلك نتيجة الإرتفاع الذي طال أسعار المواد الغذائية المتقلبة. أما على مستوى النمو الإقتصادي المرتقب هذا العام، فقد أشار والي بنك المغرب، إلى أن نسبته ستقل عن 3 في المئة بالنسبة للناتج الداخلي الإجمالي الكلي، وما بين 3 إلى 4 في المئة بالنسبة للناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي، مؤكدا أن صدق توقعات البنك الدولي لمستوى النمو الإقتصادي المرتقب في المغرب خلال العام المقبل في حدود 4,8 في المئة، بمدى أهمية الموسم الفلاحي القادم. هذا في الوقت تشير فيه معطيات البنك إلى أن عجز الميزان التجاري قد شهد تزايدا إلى حدود متم شهر ماي، تزامنا مع تباطئ وتيرة نمو تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، وتراجع مدخراتهم جراء الأزمة بأوروبا بشكل خاص، وأيضا انخفاض مداخيل السياحة وتقلص الإستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذا احتياطات الصرف التي لم تعد قادرة سوى على تغطية أقل من 4 أشهر من الواردات. ونظرا لأهمية القرار الذي اتخذه بنك المغرب في اجتماعه الفصلى الأخير، والقاضي بخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 3 في المئة، باعتبار أنه أسهم في تحريك دينامية الإقتصاد من خلال تسببه في رفع قيمة القروض البنكية الموجهة للمقاولات الصغرى والمتوسطة بنسبة 14 في المئة بعدما بلغت قيمتها حدود 14 مليار درهم، فقد قرر البنك الإبقاء على هذا المعدل في حدود هذه النسبة،