نبه والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، إلى أن الضغط الذي تمارسه نفقات دعم الميزانية العامة على مالية الدولة أعلى من التداعيات التي يمكن أن تكون للزيادة الأخيرة في الأجور في القطاع العام، والأربعة آلاف منصب شغل التي تقرر مؤخرا توفيرها من قبل الحكومة. وأشار الجواهري خلال ندوة صحفية عقدها على إثر الاجتماع الفصلي لمجلس بنك المغرب، أول أمس الثلاثاء بالرباط، إلى أن نفقات الدعم يرتقب أن تقفز خلال السنة الجارية إلى 45 مليار درهم، متأثرة بارتفاع سعر المحروقات في السوق الدولية ودعم بعض المنتوجات الغذائية، وهو مستوى يقترب، حسب ما لاحظه والي بنك المغرب، من التزامات نفقات الاستثمارات في الميزانية العامة. وشدد على أن الدعم الحكومي للمواد الأساسية والزيادات في الأجور، سوف يساهمان في رفع عجز الميزانية إلى ما بين 4.5 و5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، غير أن والي بنك المغرب، شدد على أن الأهم بالنسبة له هو كيفية تمويل الخزينة للعجز وعدم تأثيره على حاجيات القطاع الخاص من التمويل. وقد أوضح الجواهري أن الزيادة في الأجور والتوظيفات المالية، سوف تقتضي غلافا ماليا قدر ب5 ملايير درهم، وهو ما التزمت الحكومة بتوفيره عبر تقليص نفقات التسيير بنسبة 10 في المائة، دون المس بمستوى نفقات الاستثمار، مثيرا الانتباه إلى ما سيكون لتلك الزيادات في الأجور من تأثير إيجابي على عائدات الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، وإن كان يتوقع أن تساهم في دفع التضخم في الفصل الثالث من السنة القادمة إلى 2.4 في المائة، علما أن البنك المركزي عدل توقعاته للتضخم الأساسي في السنة الجارية، حيث يترقب أن يصل إلى 1.4 في المائة، بعدما كان توقع نسبة 2.1 في المائة في تقريره حول السياسة النقدية الصادر في مارس الماضي. غير أن والي البنك المركزي، شدد على ضرورة تفادي العودة إلى الأجواء التي قادت في الثمانينيات إلى خضوع المغرب إلى برنامج للتقويم الهيكلي، استدعته المديونية المغربية التي تطلبت تدخل المؤسسات المالية الدولية، التي فرضت على المغرب وصفات، كان لها ثمن اجتماعي باهظ، ومع تشديد الجواهري، الذي شغل في فترة من عقد التقويم الهيكلي، منصب وزير المالية، على تفهمه لمقتضيات السلم الاجتماعي، غير أنه يؤكد على ضرورة إخضاع القرارات التي لها تداعيات على مالية الدولة للنقاش، مشددا على ضرورة أن تكون للمسؤولين، على الصعيد الموازني، رؤية تستحضر في ذات الوقت المدى القصير والمتوسط. ورغم الضغط على ميزانية الدولة، يؤكد والي بنك المغرب، أن الوضعية الاقتصادية مستقرة، فهو يشدد على أن التوقع المركزي للتضخم متلائم مع هدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط، ولاحظ أن وتيرة نمو القروض البنكية سوف تصل إلى 8 في المائة في السنة الجارية، وعندما يتناول النمو الاقتصادي يتوقع أن يتراوح بين 4.5 و5.5 في المائة.. ودفعت استجابة السياق الحالي لهدف استقرار الأسعار مجلس بنك المغرب إلى الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في حدود 3.25 في المائة.