غضب عارم يسود صفوف الأطباء والممرضين بمراكش، على خلفية سفر وفد طبي إلى القدسالشرقية، ما تسبب في حالة احتقان كبيرة لدى أصحاب الوزرة البيضاء، الذين دعوا إلى اجتماع طارئ للبحث عن السبل الكفيلة بالرد على هذا التوجه التطبيعي، ومحاصرته ضمن حدود ضيقة، حتى لا يتسع الخرق على الراتق، وتصبح العملية «سداح مداح» على رأي الأشقاء بأرض الكنانة. بدأت فصول القضية حين توجه وفد طبي يتكون من 38 عضوا ضمنهم أطباء وممرضون برئاسة رئيس مصلحة أمراض الأعصاب بالمستشفى الجامعي محمد السادس تحت يافطة «جمعية يوسف بن تاشفين»، في رحلة سياحية، قادتهم إلى تركيا والأردن ومنها إلى القدسالشرقية، فكان التوجه بداية صوب غور الأردن، قصد اجتياز الحدود الفاصلة بين هذه الدولة العربية، وفلسطيننا المحتلة، لتنطلق فصول تصفية الأسماء المسموح لها باجتياز الحدود الأردنية، حيث سمح ل 15 مشاركا فقط ضمن الوفد الطبي المغربي بالدخول إلى التراب الفلسطيني، في حين تم رفض السماح لباقي الاعضاء، بمن فيهم رئيس الوفد. أمام هذه المعضلة –وحسب بعض المحتجين- سيفاجأ باقي أعضاء الوفد برئيس قسم مصلحة الأعصاب، يتوجه على متن طائرة صوب العاصمة الإسرائيلية تل أبيب، بالنظر إلى توفره على تأشيرة دخول إسرائيلية، ما جعل ثائرة البعض تثور، حيث اعتبروا أنفسهم قد غرر بهم، ودفع بهم في اتجاه التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الغاصب. تم الرجوع إلى مدينة الرجالات السبعة، وبدأت الألسن تتناقل تفاصيل الرحلة المثيرة، ليشرع الغضب والتذمر في نشر أجنحته على مجمل النسيج الطبي بالمدينة، ومن ثمة شحذ العدة للخروج بموقف واحد وموحد ضد هذه الزيارة التي لا يمكن تصنيفها -حسب المحتجين- سوى في خانة التطبيع. وفي إطار الرد على الزيارة، دخلت مجموعة من الهيئات الطبية والمجتمعية في اجتماعات ماراطونية، قصد تنسيق المواقف، والخروج ببيان موحد يفضح كل هذه الحيتيات والوقائع ويندد بها، مع تنظيم وقفة احتجاجية، للتنديد بكل أشكال التطبيع والمطبعين، خصوصا مع تواتر أخبار عن توسط رئيس الوفد المذكور، للحصول على مساعدات إسرائيلية عبارة عن تجهيزات طبية خاصة بالترويض. وفي هذا الإطار، علمت «الأحداث المغربية» أن رئيس قسم مصلحة أمراض الأعصاب المذكور، قد تقدم بمشروع بحث علمي لإدارة المستشفى الجامعي محمد السادس، قصد المشاركة والاستفادة من النتائج الطبية المتعلقة بالترويض الطبي، خاصة المصابين بالجلطة الدماغية والشلل النصفي، وهي الدراسة الخاصة بباحثين وخبراء إسرائيليين، يتم الترويج لها تحت غطاء الأمركة والأمريكيين، وهو المشروع الذي لقي معارضة شديدة من طرف المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بجامعة القاضي عياض، حيث تقدم مكتبها النقابي برسالة لرئيس المستشفى الجامعي يحذره من مغبة السقوط في فخ التطبيع مع إسرائيل تحت غطاء البحث العلمي، ومن ثمة الرفض القاطع للانخراط في هذه الاتفاقية المشبوهة، كما أصدرت النقابة ذاتها بلاغا للرأي العام الطبي والجامعي، لوضعه في صورة ما يتم التحضير له، من خلال الدخول في هذه الاتفاقية. وفي هذا الإطار، صرح البروفيسور بناصر فنيش، الكاتب العام للمكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، بأن النقابة كإطار مهني وطني، تستنكر بشدة هذه السلوكات، وتعلن عن رفضها المطلق لكل أشكال التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، كما أكد البروفيسور أن جهازه النقابي على وعي تام وكامل، بأن بعض المشاريع تكون مغلفة بغطاء البحث العلمي والعمل الإنساني، في حين تكون غايتها الأساسية أهدافا سياسية وإيديولوجية مقيتة. تبقى الإشارة إلى أن كل محاولاتنا للاتصال برئيس قسم مصلحة الأعصاب بالمستشفى الجامعي محمد السادس، لإبداء رأيه في الموضوع، قد باءت بالفشل، حيث ظل هاتفه المحمول إما غير مشغل أو خارج التغطية، في حين أكد البروفيسور حريف مدير المستشفى الجامعي، أنه لا علاقة لإدارة المستشفى بزيارة الوفد المذكور إلى إسرائيل، وأن مصالح إدارته لم تستشر في الأمر، وبالتالي، فإن الزيارة قد تم تنظيمها في إطار النشاط السياحي والجمعوي، باسم الجمعية التي يترأسها رئيس قسم أمراض الأعصاب.