خرج مئات الطلبة، الثلاثاء ثاني مارس، إلى شوارع الجزائر العاصمة، من أجل التظاهر، وتجديد العهد مع هذا الموعد للمطالبة برحيل النظام. وعلى الرغم من الانتشار المكثف للشرطة، فقد نجح هؤلاء الطلبة، مدعومين من قبل المواطنين، من السير على طول بضعة مئات من الأمتار في شوارع الجزائر العاصمة، انطلاقا من ساحة "الشهداء" للالتحاق بساحة البريد المركزي. وردد هؤلاء المتظاهرون شعارات الحراك المطالبة بتغيير جذري، وبجزائر جديدة، وبقطيعة مع النظام السابق، ومع مخلفاته. وطالب هؤلاء الطلبة، الذين كانوا يحملون لافتات، بإعلام حر، وعدالة مستقلة، وبدولة مدنية وليست عسكرية، وكذا ب"جزائر حرة وديمقراطية". واتهم الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، مساء الاثنين، نشطاء الحراك بأنهم يسعون إلى زعزعة استقرار البلاد. وأكد، خلال مقابلة مع مسؤولي وسائل الإعلام الجزائرية، أن بعض المتظاهرين خرجوا إلى الشوارع من أجل ترديد شعارات، تهدد استقرار البلاد. كما اتهم بعض مناصري "دولة مدنية وليست عسكرية" بأنهم يريدون زعزعة استقرار البلاد. واعتبر أن هؤلاء المتظاهرين "شكلتهم لوبيات أجنبية" للمس باستقرار الدولة الجزائرية، عبر زرع الفرقة داخل المؤسسات الاستراتيجية للبلاد. واتهم أيضا نشطاء الحراك، الذين يرددون هذا الشعار، بأنهم تلقوا "تدريبات" وتم "تكوينهم" خلال لقاءات دولية نظمت في العديد من البلدان الافريقية والأوروبية، بهدف وحيد يتمثل في تقويض استقرار بعض الدول المستهدفة من قبل لوبيات أجنبية. وكانت العديد من المنظمات الجزائرية والأجنبية قد أعربت عن قلقها إزاء قمع الحق في حرية التعبير بهذا البلد المغاربي. وقام عدد من النواب البرلمانيين الأوروبيين من مختلف التيارات السياسية، مؤخرا، بمساءلة ممثل الاتحاد الأوروبي السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، حول القمع المستمر في الجزائر. وأكد الموقعون على رسالة وجهت له بمبادرة من النائب الأوروبي الهنغاري، أتيلا أرا-كوفاكس، أن تقارير منظمات حكومية دولية وجزائرية تحيل على قمع مستمر للنشطاء السلميين المنتمين للحراك الجزائري، وأن هذه التقارير كشفت عن الكثير من حالات التعذيب ومظاهر التعسف ضد سجناء الرأي، مضيفين أن هذه الحقائق أثارت استياء عاما لدى المواطنين الجزائريين. وذكروا بأن حالة الطالب الشاب وليد نقيش، الذي تعرض للتعذيب على يد أجهزة أمن الدولة الجزائرية أثناء احتجازه المؤقت، هي دليل ملموس على استمرار مسلسل الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في الجزائر. واعتبر نواب البرلمان الأوروبي، أن كسر هذا المسلسل من العنف، يستدعي إخضاع جميع هذه الجرائم لتحقيق مستقل قصد تحديد المسؤوليات، حسب ما يقتضيه القرار الأخير للبرلمان الأوروبي "بشأن تدهور وضعية حقوق الإنسان في الجزائر". يذكر أنه بعد توقف المظاهرات بسبب تفشي جائحة كوفيد-19، عاد آلاف الجزائريين ، يومي الثلاثاء والجمعة الماضيين، إلى النزول للشوارع في مسيرات حاشدة، إيذانا باستئناف مسيرات الحراك الأسبوعية، المطالبة برحيل النظام، وبإرساء دولة الحق والقانون.