كانت الأجواء هادئة بحي القصور بشارع الرازي بمراكش ذلك الزوال، حيث الشوارع تعرف حركية دؤوبة، والمارة منشغلون بتبادل أطراف الحديث، غير عابئين بما يجري حولهم، فيما انصرف أصحاب المتاجر إلى خدمة زبنائهم على قلتهم، بالنظر إلى كون اليوم عطلة أسبوعية، بينما العاملون بصيدلية «الوفاق» يزجون الوقت في رتابة قاتلة، في انتظار حلول ساعة الصفر لمغادرة مبنى الصيدلية التي كانت تقوم بدور المداومة. وفجأة وبدون مقدمات، تقدم شابان أنيقان أمام صاحبة الصيدلية التي كانت لحظتها بصدد تفحص بعض وثائقها، فيما مستخدم شاب يقف خارج «الكونطوار»، حيث طلب أحد الشابين مده ببعض الأدوية لمعالجة إصابة في أصبع يؤلمه كثيرا، لتدير الصيدلانية ظهرها للزبونين الشابين وتتجه صوب أحد الرفوف التي تتموقع فوقها بعض الأدوية المطلوبة، حين أحست بحركة مريبة خلفها، لتلتفت بتلقائية، وتفاجأ باحد الشابين الذي تقدم خلفها داخل فضاء الصيدلية، يضع سكينا كبيرة حول عنقها، ويطلب منها بكل برودة تسليمه مدخول الصيدلية اليومي، فيما تكفل شريكه بالسيطرة على المستخدم الشاب، خلف «الكونطوار»، تحت تهديد السلاح الأبيض. شلت المفاجأة تفكير الصيدلانية، وسارعت بتلبية طلبات المهاجم إيثارا للسلامة، ودرءا لأي تطورات سلبية قد يقدم عليها المهاجمان، فسلمت المعتدي مبلغ 2000 درهم هي كل حصيلة الصيدلية ذلك الصباح، حين دوت صرخة مؤلمة في الجانب الآخر، فتفاجا الصيدلانية بمنظر الدماء وهي تسيل غزيرة من جبين المستخدم الشاب، بعد أن عالجه الشريك الآخر بطعنة نافذة. لم يترك الجاني داخل الصيدلية أي فرصة لصاحبة المحل، كي تسترد أنفاسها وشجاعتها، من هول الصدمة، وكان منظر الدماء قد أثار غريزة الاعتداء لديه، قام بدوره بتوجيه طعنة نافذة إليها أصابتها في عنقها، لتخر ساقطة على الأرض، ويلوذ المهاجمان بالفرار، محملين بغنيمتهما من الأموال المسروقة. تحامل المستخدم الصغير على نفسه وجراحه، فتعقب المهاجمين اللذين توجها مباشرة صوب سيارة من نوع «هونداي» سوداء اللون، كانت مركونة على الرصيف وأمام مقودها شريك ثالث، بعد أن عمد إلى حجب أرقام لوحتها المعدنية بواسطة لصاقات، تفاديا لتحديد هويتها، ليفاجأ المعتدون بعد الوصول إلى السيارة، بالمستخدم وهو يتعقبهم والدماء تسيل بغزارة من جبينه، ومن ثمة مهاجمته من جديد وإصابته بطعنة أخرى في يده، قبل أن يمتطوا صهوة سيارتهم، ويطلقوا عنانها للريح، تاركين ضحيتاهما يسبحان في برك من الدماء. انتبه بعض المارة إلى هذه الحركة المباغتة، فسارعوا لاستجلاء جلية الخبر، فغالب المستخدم آلامه وجراحاته، فبدأ في سرد الوقائع، ليسارع الجميع صوب الصيدلية، حيث كانت صاحبة الملف تغوص في دمائها، وهي ملقاة على الارض في حالة حرجة، وبجانبها سكينا كبيرا لازال يحمل آثار دمائها، بعد أن تركها المعتدي الذي اقتحم فضاء الصيدلية. ومباشرة بعد توصلها بالخبر، سارعت عناصر الشرطة القضائية والعلمية إلى مكان الحادث، لتقوم برفع البصمات، ومصادرة السكين أداة الاعتداء، فيما تم نقل الصيدلانية والمستخدم صوب إحدى مصحات المدينة لتلقي العلاجات الضرورية، وتنطلق التحريات في أفق تحديد هوية اللصوص، وإحالتهم على القضاء.