يمكن للمحامي الشهير في البيجيدي عبد المولى المروري أن يكتب: «الملاحظ أن جل النخب السياسية والثقافية من الجيل الثالث (الحالي)، وجزء منه ينتمي إلى النخب الحزبية، أخذ يتنازل عن الإصلاح الشامل كمطلب شعبي، مرجحا الحفاظ على الوضع المؤسساتي والسياسي الحالي». لكن هذا المحامي، العضو المنتخب بمجلس مقاطعة يعقوب المنصور بعمالة الرباط، هو نفسه سيرجح الحفاظ على سرية ممتلكاته مقابل التضحية بالإرادة الشعبية التي انتخبته مستشارا للدفاع عن قضايا سكان دائرته الجماعية. وبينما يقيم قادة البيجيدي الدنيا ولا يقعدونها من أجل قانون «الإثراء غير المشروع» لمحاربة الفساد في مناصب المسؤولية العمومية، ويرمون خصومهم بفساد الذمم، هاهو أحد الوجوه «الحقوقية» في الحزب الإسلامي يرفض الخضوع للمقتضيات القانونية التي تلزم جميع المنتخبين بتقديم تصريح إلزامي بممتلكاتهم. وفكرة التصريح الإلزامي بالممتلكات كما أقرها المشرع المغربي تكمن في «دعم التدابير الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته»، والقصد من ذلك هو «ضمان الشفافية في الحياة السياسية والشؤون العمومية». وحتى لا يحيد القانون عن فلسفته ويتحول إلى تشهير بالمعطيات الشخصية للملكية الفردية، فقد نص الباب الأول من هذا القانون على أنه «لا يمكن الاطلاع على التصريحات المودعة وعلى الملاحظات المبداة بخصوصها إلا بطلب صريح من الملزم بالتصريح أو من ذوي حقوقه أو بطلب من السلطة القضائية». مما إذن يخاف المحامي عبد المولى لمروري حين رفض التصريح بممتلكاته؟ هل هو خائف من «العين الحسودة» أن تصيب أرزاقه؟ لا داعي لهذا الخوف مادام القانون يجعل التصريح مشمولا بالسرية والكتمان. أم أنه يخاف من فلسلفة المشرع من وراء إقرار نظام التصريحات، يبدو أن الأمر أقرب إلى هذه الفرضية الثانية. وفي هذه الفرضية، يصاب المرء بالصدمة، فعبد المولى المروري معروف في الأوساط القضائية والحقوقية ووسط المحامين بانتصابه في ملفات شائكة، وهو من المحامين الذين يرفعون دائما أسطوانة الإستهداف والسلطوية، وذلك شأنه وحقه كمحام يلزمه ضميره وأخلاقيات المهنة باستعمال كل الوسائل المتاحجة لتبرئة موكليه، لكن وسائله في قاعات المحاكم غير مقبولة لدى قضاة مجالس الحسابات، هؤلاء سؤالهم واضح: كم كان لديك؟ وكم صار عندك؟ ومن أين لك بالفارق بينهما؟ هل هذا السؤال مخيف في حالة «فارس الإصلاح» هذا حتى يهرب من الإجابة عنه؟ أم أنه من نوعية «المحميين الجدد» بالصكوك الحقوقية التي تضعه فوق القانون وفوق القضاة وفوق التزاماته الأخلاقية تجاه ناخبيه وحزبه، وتجاه الإصلاح والشفافية؟ ولماذ يستكثر المحامي عبد المولى لمروري على سكان مقاطعة يعقوب المنصور أن يطلعوا على ممتلكاته بعد أن وضعوا ثقتهم فيه لتدبير أمورهم المحلية؟ ألا يدعوه الواجب الأخلاقي قبل القانون إلى أن يصارح السكان وناخبيه بما كان عليه وماصاره اليوم ويشرح لهم أسباب الفارق بين الحالتين إن كان موجودا؟ لماذ اختار، وهو رجل القانون، أن يختبئ عن روح القانون وفلسفته؟ على عبد المولى امروري أن يشرح لنا ماذا في الحكاية؟ ولماذا لم يصرح بممتلكاته حتى عزلته وزارة الداخلية؟ ثم عليه أن يشرح لنا لماذا فرط في ثقة الناخبين الذين وضعوا ثقتهم فيه وانتخبوه لينوب عنهم حين عرض نفسه للعزل؟ وعليه أن يشرح لنا أكثر: هل حماية سرية الممتلكات أهم وأسبق من حماية ثقة الناخبين وأصواتهم؟ على عبد المولى لمروري أن يتكلم لنراه، وألا يختبئ كما اختبأ يوم خرق كمحام كل حقوق الإنسان والمواثيق الحقوقية والأنظمة القانونية وهو يستكثر على النيابة العامة قبول شكاية مواطن متضرر فقط لأنه مثلي الجنس؟ وقد كنا مانزال تحت وقع الصدمة من تلك التدوينة/ العار التي قال فيها «هل فعلا تم قبول شكاية شخص يتبجح بأنه «مثلي» (يعني من قوم لوط) يدعي فيها تعرضه لمحاوة اغتصاب؟ من أولى بالاعتقال؟ في أي بلد يقع هذا؟ عجيب أمر هؤلاء»، حتى جاءتنا صدمة أخرى، صدمة رجل يدافع عن القانون كي يستر نفسه وهو يخرق القانون. لقد كان كارثيا أن يحمل رجل يمتهن المحاماة في رحاب العدالة، ومفروض فيه رعاية القانون والذوذ عن حقوق الإنسان، تلك العقيدة التي تعتبر أن المواطن المثلي الذي يتعرض للاغتصاب لا يجب قبول شكايته «لأنه من قوم لوط»!!. وأنه يجوز اغتصابه لنفس السبب!!، وإذا ما تعرض لاغتصاب مفترض يجب اعتقاله!!. والظاهر أن الرجل لديه «خط تحريري» ثابت في الإنقلاب على الشرعيات القانونية، وابتداع خزعبلات حقوقية تحمي مصالحه، لكن، عليه الآن وهذ المرة أن يجيب ويشرح: لماذا يخاف من التصريح بممتلكاته؟ وإذا ما تعارضت الثراء مع ثقة الناخبين هل يجوز التخلي عن الثقة وترك المواطنين لمصيرهم. وهل تراكم الثروة الشخصية تلغي «التفويض الشعبي»؟.