كشر حزب الله عن أنيابه لخصومه وحلفائه على السواء، حيث لجأ الحزب إلى المشاغبين من أنصاره ليوجهوا رسالة إلى حاكم مصرف لبنان، كما قرّر الحزب المضي قدماً في تشكيل الحكومة رغم أنف حليفه المدلل الوزير جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية الأثير، وحتى لو استلزم الأمر الضغط على رئيس الوزراء المكلف حسان دياب. وأعلن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، حسن خليل، الخميس 16 يناير 2020، قرب تشكيل حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً. وقال خليل في مؤتمر صحفي عقده عقب لقاء بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب: «تقدمنا اليوم إلى حد كبير جداً، ونحن على عتبة تأليف الحكومة الجديدة، وهي حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً كما طرح دياب، واعتمد فيها معايير موحدة». ويبدو أن حزب الله لملم شتات نفسه بعد اغتيال سليماني، بعد أن كادت تضيع بوصلته المحلية، بسبب صراع الحلفاء قبل الخصوم، وانشغاله بمقتل سليماني. فقد وجد حزب الله رئيس الحكومة المكلف، حسان دياب، يتصارع مع حليفه الصهر المدلل جبران باسيل، واستفاق الحزب على تلويح رئيس مجلس النواب نبيه بري بقلب الطاولة، بسبب الأداء المتكرر لباسيل، وتعاطيه المستمر مع مقاربات تشكيل أي حكومة. وعاد الحريري إلى بيروت بعد عطلة اختيارية اختتمها الرجل في سلطنة عمان، معزّياً في السلطان قابوس، ليحط رحاله في بيروت ويجمع عدَّته السياسية في منزله، وليعلن بعدها مواقفه النارية ضد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. ليأتي الجواب مساءً في اشتباكات بيروت ومحاولة اقتحام عناصر حزبية محسوبة على حزب الله وحركة أمل للمصرف المركزي، في محاولة جديدة من الحزب لاختراق الانتفاضة الشعبية الغاضبة والموجوعة من إجراءات المصارف والنظام المصرفي، الشريك الفعلي للقوى السياسية اللبنانية. وحسب ما ذكرته مصادر مطلعة، فإن حزب الله يدرك بشكل مباشر، ما سبّبته سياسات المصارف على مدى 92 يوماً في إذلال الناس على أبوابها، ليحوّل الانتفاضة نحو مكان آخر، بعيداً عن انتقاد السلطة ورجالاتها. كل متابع لأعمال العنف الأخيرة، التي وقعت في العاصمة اللبنانية، والتي جرى خلالها تكسير واجهات المصارف، وتحديداً المصرف المركزي، يعي أن حزب الله أراد توجيه رسالتين: الأولى لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يعتبره الحزب شريكاً في السياسات الأمريكية التي تهدف إلى حصاره مالياً، وإغلاق منافذ تحويلاته المصرفية في لبنان وخارجه، والمسؤول من وجهة نظر محور الممانعة عن أزمة إغلاق بنك جمال، وهو المصرف الذي كان يُعتبر الخزان المصرفي لحزب الله وحركة أمل. أي إنه يرى أن سلامة شريك في عملية تشديد الخناق الأمريكي على الحزب، بالتزامن مع العقوبات الأمريكية على الداعم الرئيس للحزب: إيران.