بات الحديث عن الهولوكوست في الولاياتالمتحدة بشكل متكرر من الأمور التي تُثير غضبَ بعضِ المحللين السياسيين الذين يرون أن ما تقوم به إدارة الرئيس دونالد ترامب تجاه اللاجئين وفي أمريكا لا يختلف كثيراً عما كان يقوم به هتلر، بل في بعض الأوقات أشد، بحسب مقال للمحلل السياسي هنري سيجمان، في موقع Lobelog الأمريكي. وقال سيجمان: اُستشهد بالهولوكوست أكثر من مرة في هذا الشهر: كان الاستشهاد الأول من نصيب عضو مجلس النواب الأمريكي ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، ثم ورد ذكرها مرةً أخرى من جانب مجموعة تسمى شبكة القيم العالمية. ويترأس المجموعة الحاخام شمولي بوتيك الذي منح نفسه بكل تواضع لقب «حاخام أمريكا»، ويموله قطب القمار في لاس فيغاس شيلدون أديلسون، وهو أيضاً أكبر الداعمين لدونالد ترامب. احتجت أوكاسيو-كورتيز بمعسكرات الاعتقال النازية في إدانتها لمعسكرات الاحتجاز التي يرسل إليها دونالد ترامب اللاجئين الذين يطلبون اللجوء من التهديدات التي يتعرضون إليها في بلدانهم الأصلية من المجرمين والمغتصبين والقتلة. وفي إعلان مموَّل نُشر في صفحةٍ كاملةٍ في صحيفة The New York Times، حاول بوتين، ربما بدعم من مموله، الدفاع عن دونالد ترامب عن طريق اتهام أوكاسيو-كورتيز بتدنيس الهولوكوست عن طريق «مقارنة الولاياتالمتحدة بالرايخ الثالث (ألمانيا النازية)»، بحسب الموقع الأمريكي. لكنها كذبة؛ لأن هذه المقارنة لا تدين أوكاسيو-كورتيز بل تدين ترامب ومؤيديه؛ لا لأقوالهم فحسب، بل وبأفعالهم كذلك. فهم يحققون ذلك عن طريق دفاعهم عن المعاملة التي يلقاها المهاجرون الهاربون بحياتهم وحياة أطفالهم إلى حدود الولاياتالمتحدة، ودفاعهم عن سجنهم في معسكراتٍ لا تختلف كثيراً عن معسكرات الاعتقال التي كان النازيون يسجنون اليهود داخلها في ثلاثينيات القرن الماضي. جاءت إشارة أوكاسيو-كورتيز إلى معسكرات الاعتقال النازية صحيحة تماماً. فلم يكن هناك هولوكوست عندما بدأ النازيون إرسال اليهود إلى معسكرات الاعتقال في الثلاثينيات. أعلم الأمر لأن ذلك حدث حين ساق النازيون جدي إلى معسكر الاعتقال في داكاو. أُطلق سراحه مع آخرين في وقتٍ كانت فيه الإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين لا يمكن تخيُّل حدوثها في ألمانيا مثلما استحالت احتمالية تخطيط رئيس أمريكي لأن ينتزع مسؤولون حكوميون أمريكيون أطفالاً من بين أيدي أمهاتهم المهاجرات في الولاياتالمتحدة عام 2016، بحسب الموقع الأمريكي. وتشير النقطة التي أثارتها أوكاسيو-كورتيز إلى أنه عندما يمتلك أشخاصٌ الوحشيةَ التي تميز سلوك ترامب وسياساته تجاه اللاجئين، فلا يجب التقليل من المدى الذي قد تصل إليه قدرتهم على إظهار هذه الوحشية. ويتفاقم ذلك الخطر كثيراً عندما تكون هذه الأعمال الوحشية مدفوعة بأفكار غير أخلاقية ومرضية -وهي ما تغذي ميول ترامب النفسية- وعندما تقودها أيديولوجيات عنصرية أو كارهة للأجانب مثل الفاشية أو معاداة السامية. وحسبما أشارت الكاتبة أندريا بيتزر في مجلة New York Review of Books، «بمجرد وجود معسكرات اعتقال، من المحتمل دائماً أن تزداد الأمور سوءاً».