قامت المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بخنيفرة، زوال أمس الأربعاء، بتقديم رئيس و أمين مال ودادية سكنية، مُتَّهَمَيْنِ بالنصب و الاحتيال و خيانة الأمانة، أمام النيابة العامة المختصة التي قررت إحالتهما، في حالة اعتقال، على قاضي التحقيق الذي حدد يوم الأربعاء 14 نونبر كموعد لانطلاق البحث التفصيلي مع المتهمين مع الموافقة على تمتيعهما بسراح مؤقت مقابل كفالة مالية و سحب جواز سفر رئيس الودادية.... مصدر مقرب من التحقيق علّق على إحالة النيابة العامة لملف القضية على قاضي التحقيق بالقول أنه كان قرارا متوقعا بالنظر إلى الطبيعة المعقدة للملف، موضحا بأن سحب جواز السفر من الرئيس إجراء احترازي يتماشي مع موافقة قاضي التحقيق على تمتيعه بالسراح المؤقت و الذي يأتي بدوره متماشيا مع توجيهات كل من وزير العدل و النائب العام لدى وكيل محكمة النقض التي تشدد على تفادي الاعتقال الاحتياطي في حال توفر ضمانات لدى المتهمين. من جهة ثانية كشف ذات المصدر بأن تحقيقات الشرطة القضائية في الشكاية التي تقدم بها 55 من منخرطي الودادية أماطت اللثام عن جملة من الاختلالات المالية من أهمها تحويل 300 مليون سنتيم من الحساب البنكي للودادية إلى الحساب الشخصي للرئيس. و كذا وقوف المحققين على أن أشخاصا غرباء عن الودادية و لا تربطهم بها أي علاقة قاموا بسحب ما يقارب مجموعه نصف مليار سنتيم من حساباتها البنكية، دون أن يقدم الرئيس أثناء الاستماع إليه تبريرات مقنعة حول هذه العمليات المالية. كما كشفت ايضا أن أمين المال الودادية رضي لنفسه بدور صوري في مكتبها المسير جعله لا يعلم شيئا عن تعاملات المالية و البنكية للودادية، و هو ما اتضح جليا عند عجزه عن الإجابة على أسئلة الضابطة القضائية. للتذكير فجذور القضية تعود إلى مطلع شهر أكتوبر الماضي حين أصدر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بخنيفرة تعليماته للشرطة القضائية من أجل التحقيق في مضمون شكاية تقدم بها 55 من منخرطي الودادية يتهمون فيها رئيس و أمين مال مكتبها المسير بالنصب و الاحتيال و خيانة الأمانة الناجم عنه اختلاس ما يفوق المليار سنتيم من الحسابات البنكية للودادية. المشتكى بهما كانا قد جرى انتخابهما كرئيس و أمين للمال بالمكتب المسير خلال الجمع العام التأسيسي للودادية الذي جرى صيف 2014، و الذي فوض للمكتب صلاحية القيام بالإجراءات اللازمة لاقتناء الأرض و تجهيزها و توزيعها على منخرطي الودادية. و أمام الإقبال المتزايد على "المشروع"، قرر المكتب المسير تفريخ وداديتين اثنتين من الودادية الأُمْ و ذاك بغرض الاستجابة لطلبات الانخراط التي تقدم بها 210 شخصا من الحالمين بالحصول على بقع سكنية بأثمنة مناسبة، و الذين ضخوا في الحسابات البنكية الثلاث للودادية مبالغ تراوحت ما بين 12 و 18 مليون سنتيم لكل منخرط من منخرطيها ال210. لكن ما بدأ حلما بالنسبة للمنخرطين، ما لبث أن تحول إلى كابوس بعد انتهاء مدة انتداب المكتب المسير المحددة في سنتين، دون أن يظهر على ارض الواقع ما يبرر صرف مبلغ المليارين الذي تم جمعه من المنخرطين، حيث قابل المكتب المسير استفسارات المنخرطين عن مآل اقتناء الأرض و تجهيزها بالتجاهل و اللامبالاة، كما رفض الاستجابة إلى ملتمس الدعوة إلى عقد جمع عام الذي تقدم به المنخرطون الراغبون في تبيان الوضعية المالية و الإدارية للودادية. أمام ذلك، و بعد مرور أكثر من سنتين على تاريخ انتهاء صلاحية المكتب المسير للودادية، اتفق المنخرطون بعد سلسلة من الاجتماعات الدورية، بحضور مفوض قضائي، على تعيين لجنة للتتبع و التواصل عُهِد إليها إيجاد الصيغة الأمثل للحفاظ على مصالح حقوق المنخرطين و المنخرطات. و هي اللجنة التي قررت، حسب مصدر من داخلها، اللجوء إلى القضاء بعد استنفاذ كل الحلول و الوسائل الممكنة لإيجاد مَخرج لأزمة الودادية التي عمّرت طويلا، حسب ذات المصدر، الذي شدد على أن اللجوء إلى القضاء أملاه بالأساس ما توصل إليه المنخرطون من معلومات تفيد بأن رسوم الملكية المتعلقة بالودادية عليها حجوزات مالية بمبالغ تفوق السبعين مليون سنتيم، و أن الحسابات البنكية المفتوحة باسم الودادية بها عجز دائنة علما بأن الدفوعات التي توصل بها مكتب الودادية تفوق 2 مليار و 100 مليون، يضيف ذات المتحدث الذي شدد على أنه منذ سنة 2014 تاريخ اقتناء الاراضي ما تزال عارية لم يتم تجهيزها بعد رغم ضخ المنخرطين في حسابات الودادية لما يقارب 2 مليار و 100 مليون سنتيم.