اختتمت اليوم الأحد بمدينة أرفود فعاليات الدورة التاسعة للملتقى الدولي للتمر بالمغرب. الدورة عرفت كعادتها حضورا لافتا من قبل المهنيين والفاعلين في قطاع النخيل بالمغرب، إضافة إلى توافد المواطنين منذ الافتتاح الرسمي لاكتشاف منتوجات التمر التي يعرضها المهنيون داخل أروقتهم. اختار المنظمون تخصيص مساحة تقدر ب40 ألف متر مربع، منها 10 آلاف متر مجهزة بالأروقة. وتم تقسيم المعرض إلى عدة أقطاب موضوعاتية تشمل كلا من قطب الجهات الذي يمثل الجهات المنتجة للتمور وهي درعة تافيلالت والجهة الشرقية وسوس ماسة وكلميم واد نون. ثم قطب المؤسساتيين والشركاء والقطب الدولي، الخاص بالعارضين الدوليين، وقطب الإمدادات الزراعية والخدمات، ثم قطب المنتوجات المحلية، والمعرض الثقافي ثم رحبة التمر. وكما يدل اسمها على ذلك، فإن فضاء الرحبة يحظى بمكانة خاصة داخل المعرض على اعتبار أنه المكان الذي يشهد إقبالا كبيرا من قبل الزائرين. في هذا الفضاء تنتشر مجموعة من الأروقة على شكل دكاكين خاصة بتعاونيات التمر المغربية والتي يتم داخلها عرض وتسويق وعقد صفقات تجارية. تازناخت بين الجودة وشح المياه داخل المربع المخصص له انهمك محمد أوبرايم (تاجر من منطقة تازناخت بدرعة تافيلالت) بنشاط في ترتيب صناديق التمر التي تضم عدة أنواع من التمور التي تجود بها منطقة نازناخت المعروفة بجودة منتوجها. يقول أوبرايم إن هذه ليس المرة الأولى التي يحضر فيها إلى المعرض. بل إنه اعتاد الحضور سنويا ليصل الرحم بزبنائه ويكسب في نفس الوقت زبناء جددا. وعن المعرض والقيمة المضافة التي يقدمها للمنتجين، قال أوبرايم إنه بمثابة ́فرصة مهمة لنا كتجار كي نسوق كميات من منتوجاتنا وبأحجام أكبر من المعتادa. وتابع كلامه قائلا: ́المعرض فرصة للتعرف على تجار جدد محتملين يمكن عقد صفقات تجارية معهم». ويشكل المعرض بالنسبة لأغلبية التجار مناسبة للتعرف على آخر المستجدات في مجال زرع وجني وسقي النخيل وكل ما يهم طرق وسلاسل الإنتاج الحديثة المستعملة في قطاع النخيل. وتشتهر منطقة تازناخت التي ينحدر منها أوبرايم بعدة أنواع من التمور التي ينتجها نخيلها منها المجهول وبوفقوس والجيهل والزر وبوسكري إضافة إلى تمر وينخير الذي وصفه بأنه واحدا من أجود أنواع التمر حلاوة وذوقا. وهو منتوج حصري لإحدى الضيعات بمنطقة تازناخت. لكن حسب أوبرايم فإن المنطقة معروفة بجوها شبه الصحراوي، حيث ندرة المياه من ندرة التساقطات التي لا تتعدى في أحسن الأحوال 90 ملم في السنة، ́وهذا يعتبر بالنسبة لنا، يقول أوبرايم، معضلة بحكم أن الجفاف يؤثر على النمو الخضري للنخيل وعلى إنتاجها. لكن وعلى الرغم من ذلك، تبقى لتازناخت مكانتها في قطاع التمور». حضور سوداني مميز اعتبارا لكون المعرض ذا بعد دولي، فهو يشهد حضور 15 دولة مدعوة لدورة هذا العام. وخلال جولتنا داخل القطب الدولي، استوقفنا رواق دولة السودان الذي التقينا بداخله المهندس الزراعي السوداني عثمان أحمد عثمان النقيب. بلباسه السوداني الأصيل الأبيض وعمامته التي تغطي رأسه بالكامل، وبابتسامته التي تميز أهل هذا البلد الطيبين، وبلكنته السودانية المتفردة عبر عن سعادته عن بالتواجد في عاصمة التمور أرفود من خلال جمعية ́فلاحة ورعاية النخيل السودانية للمشاركة في هذا المعرض الذي يقول إن له ما بعده. وأضاف عثمان أن حضورهم بالملتقى جاء بدعوة من دولة الإمارات العربية المتحدة التي ترعى مهرجانات التمور في كل من مصر والسودان والأردن. وقال أيضا إن المغرب يعتبر رائدا في مجال التمور، خصوصا تمر المجهول الذي يقول إنه انتشر من المغرب ليصل إلى عدة دول عبر المعمور. وأضاف أن هذا الصنف المغربي من كثرة ما هو طيب وحلو، لم يستطع الناس أن يجدوا له اسما سوى أن يتركوه مجهولا. كما أوضح أن حضور الجمعية اليوم في المغرب، فرصة من أجل التعلم والاستفادة من المغاربة الذين يصفهم بأنهم رائدون في مجال زراعة النخيل. القطاع غير المهيكل لازال مسيطرا عند مدخل الرحبة وعلى يمينها داخل إحدى الأروقة، التقينا بحسن موساوي، أمين المجموعة ذات النفع الاقتصادي ضفة زيز، الذي اعتبر أن المعرض بالنسبة إليه، لا يقدم شيئا للمهنيين خاصة الصغار منهم الذين ينتجون كميات قليلة من التمور التي تنتجها الأراضي الفلاحية الصغيرة التي يمتلكونها. وقال إن السنة الماضية اتسمت بنوع من الجفاف ما أثر على المردود وعلى مداخيل الفلاحين، غير أن هذه السنة تعد بمنتوج وبمحصول جيدين بعد التساقطات المطرية التي شهدتها المنطقة بالرغم من الأضرار التي قد تتسبب فيها الأمطار الأخيرة والتي، على قدر الضرر الذي ألحقته بالتمر على قدر ما ستكون نافعة لشجر النخيل. وقال موساوي إن المجموعة التي ينتمي إليها تضم العديد من التعاونيات. وهي مجموعة تعتمد أساليب حديثة في الإنتاج الذي تصل طاقته في بعض المواسم إلى 2000 طن من التمور. غير أنه،يقول، لازالوا يعانون من مشكل تسويق التمر الذي لازال ضعيفا وينحصر في التسويق المحلي بحكم التكلفة التي ترفع من ثمن المنتوج والذي لا يساير في الغالب متطلبات وحتى عادات المستهلك في المنطقة. وأضاف الموساوي أن القطاع غير المهيكل لازال يحتكر السوق، وأن التعاونيات التي تنشط خارج المجموعة ذات النفع الاقتصادي، تشكل النصيب الأكبر من المنتجين المحليين، هي التي تحتكر التسويق في المنطقة بحكم الأثمان التنافسية التي تعرض بها منتجاتها. من موسم الحجيرة إلى موسم الحريك يحكي يوسف عماري، رجل في السبعين من عمره، والذي يمثل تعاونية أخديل ملعب بالقرب من منطقة كلميمة، أن علاقته بمعرض التمور تعود لعقود طويلة. ذلك أنه تربى وشب على موسم سنوي كان يقام دائما بأرفود في هذه الفترة من السنة وكان يسمى بموسم الحجيرة أو عيد التمر. وهو مناسبة كانت تلتقي من خلالها مختلف قبائل المنطقة لتسويق وعرض منتجات التمور على مختلف التجار الذين كانوا يحضرون حتى من المدن البعيدة. وقال عماري إن معرض التمور بشكله الحالي، جاء كاستمرارية لما كان في السابق. وهذا أمر مهم سيحافظ على الدينامية الاقتصادية التي يمثلها التمر في حياة الساكنة. وزاد عماري أن نسبة كبيرة من سكان هذه المناطق يمارسون ويعيشون من النشاط الفلاحي أكثر من أي قطاع آخر، مضيفا أن زراعة النخيل تشكل عصب الحياة هنا وذلك بالنظر إلى انتشار واحات النخيل على امتداد شريط منطقة تافيلالت على طول نهر زيز والتي تبلغ مساحتها 250 كلم. وأوضح أن المنطقة التي يمثلها تنتج أصنافا كثيرة من التمور كالمجهول ووبفقوس وغيرها. وعن مستقبل الواحات وزراعة النخيل، عبر عن خوفه الكبير على ضياع موروث الأجداد وضياع شيء يسمى التمر والنخيل وحب الأرض ورعايتها بعد أن عزف شباب اليوم عن أخذ المشعل وهجرتهم للأرض وهم الحالمون بالهجرة والحريك.