قال مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للسلطة القضائية، إن «المحاماة اليوم تحتاج إلى التسلح بأصولها وتقاليدها وقيمها الأصيلة التي بناها أجيال من الرواد من أجل ممارسة سليمة، وفق معايير مضبوطة، تحصن الذات وتحافظ على هذا الإرث، وتواجه المستقبل بكل ثبات ويقين». الرئيس الأول لمحكمة النقض الذي كان يتحدث، أمس الخميس، 25 أكتوبر الجاري، في أشغال الجلسة الافتتاحية، للدورة الثانية للمكتب الدائم للمحامين العرب، التي تستضيفها نقابة هيأة المحامين بوجدة، أشار إلى أن «صناعة المحاماة، اليوم، أضحت أحد مكونات صنع القرار في شتى المجالات وأحد روافد الدخل القومي للدول»، مؤكدا أن «سيادة القانون والتنمية أمران مرتبطان بإحكام»، لأنه «لا أمن استثماري أو اقتصادي دون عدالة تظله بجناحين قويين مستقلين متعاونين ناجعين، هما القضاء والمحاماة». وقد اعتبر الرئيس الأول لمحكمة النقض أن «ممارسة المحاماة بدولنا العربية أصبحت تحتاج اليوم لكي تساهم في بناء منظومتنا الاقتصادية إلى تكريس بنية تنظيمية هيكلية متطورة تنافسية قادرة على مواكبة التجارة الدولية وعقود الاستثمار والقوانين الدولية وقواعد التحكيم». وقد ذكر الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالحدثين القضائيين المترادفين، اللذين شهدتهما بلادنا، ويتعلق الأول بالمؤتمر 61 للاتحاد الدولي للقضاة الذي احتضنته مراكش، واجتمع فيه قضاة يمثلون 91 دولة، لمناقشة «قضايا استقلال السلطة في علاقتها بباقي السلط، وآليات تدبير الزمن القضائي، وضمانات حماية الضحايا والشهود، وإشكاليات الهجرة واللجوء...»، وهي المواضيع التي اعتبرها فارس «ذات أبعاد سياسية وحقوقية واقتصادية وأخلاقية كبيرة». والحدث الثاني يتمثل في اجتماع المحامين العرب، بعاصمة المغرب الشرقي، مدينة وجدة، التي جمعت «الجناح الثاني للعدالة»، الذي وصفه فارس ب «ركن الحق وركيزة الإنصاف الأساسية»، وهم «المحامون أصحاب الرسالة والنجدة والشجاعة والإقدام»، و«سدنة القانون الذين ينافحون لإيصال روح العدالة لأصحابها» حسب تعبير رئيس محكمة النقض، الذين سيتدارسون «سبل بناء منظومة اقتصادية عربية قوية». لأن «المحاماة رسالة قبل أن تكون مهنة»، يقول فارس، الذي أضاف أنها «رسالة وأمانة تقلدها العظام عبر التاريخ». وأشار إلى أنه «في ظل عولمة متسارعة، أفرزت تحريرا للخدمات وتناميا لآليات التكنولوجيا واقتصاد المعلومات، وتعقدا في العلاقات وفي القيم، أصبحت أسرة العدالة وخاصة القضاء والمحاماة ملزمين بمواكبة هاته التحولات العميقة بتغيير عقلياتنا وطريقة اشتغالنا وآليات تدبيرنا ورؤيتنا لمستقبل الأجيال القادمة».