يبدو أن التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات قد يكون السبب في الإيقاع بصيد ثمين بعدما أماط اللثام عن تستر عمالة إقليمخنيفرة على تجاوزات مالية و إدارية بطلها محمد المرشت رئيس الجماعة القروية موحى اوحمو الزياني، الذي تورط في خروقات جسيمة. وكان من أبرز هذه الخروقات وضعه لنفسه في حالة تنافي وتنازع للمصالح حين ربط علاقة تجارية بين محطة لتوزيع الوقود توجد في ملكيته و الجماعة التي يترأسها، وهو ما كان يستوجب عزله على الفور، لولا أن العمالة، و لأسباب غامضة، لم تتدخل لتحريك مسطرة إقالته من مهامه. حيث تكللت التحقيقات، التي قام بها قاضيان من مجلس جطو، بالكشف عن خرق الرئيس للقانون التنظيمي للجماعات المحلية الذي ينص في مادته 65 على أنه "يُمْنَعُ على كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة أن يبرم معها صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات"، و هو ما ضربه الرئيس عرض الحائط و اختار أن يقتني الوقود و من المحطة التي يسيرها، على الرغم مما يشكله ذلك من مخاطر كبيرة تتمثل أساسا في المبالغة في الكميات المستهلكة من الوقود و استعماله من طرف آليات غير تابعة للجماعة إضافة إلى أداء مقابل عن كميات من الوقود دون تسلمها. و هو ما وقف عنده تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي أكد أنه و من خلال مراجعة دفتر التزود بالوقود، تبين أن معدل استهلاك الوقود في بعض الآليات الخاصة بالجماعة مرتفع بالنظر إلى المعدلات المبينة على البطائق التقنية لهذه الآليات. ويمكن في هذا الإطار الإشارة، مثلا، إلى أن سيارة "Duster، المخصصة لتنقلات الرئيس، استهلكت خلال الفترة الممتدة من 02 مارس إلى 28 دجنبر 2015 كمية 2930 لتر من خلال قطع مسافة 27670 كلم، أي بمعدل 10،60 لتر لكل 100 كلم، وهوما يمثل ضعف المعدل المبين في البطاقة التقنية للسيارة المصادق عليه من طرف المصنع والمحدد في 5،1 لتر لكل 100كلم. كما استهلكت كاسحة الجماعة منذ استقدامها بتاريخ 9 ماي 2016 إلى غاية 27 دجنبر 2016 ما مجموعه 4975 لتر من الوقود، حيث بلغ مجموع ساعات العمل 257ساعة، أي بمعدل 19،35 لتر لكل ساعة عمل. و يبدو هذا المعدل مرتفعا، حيث تبين من خلال بطاقة إنجاز الأشغال المتعلقة بفتح المسالك خلال الفترة الممتدة من 24 أكتوبر إلى 31 دجنبر 2016 أنه تم استهلاك 1665 لتر خلال 160 ساعة عمل، أي بمعدل 10،4 لتر لكل ساعة عمل، علما أن معدل استهلاك الوقود لهذه الآلية يتراوح، حسب التحريات التي قام بها قضاة جطو، ما بين 10 و11 لتر في الساعة. غير أن أخطر ما كشف عنه تقرير المجلس الأعلى للحسابات هو فضحه لسياسة الكيل بمكيالين التي تنهجها عمالة خنيفرة في تعاملها مع المستشارين الجماعيين، إذ في الوقت الذي سارع فيه محمد الفطاح إلى التقدم بمقال أمام القضاء الإداري، طالب فيه بعزل مستشار تمرد على مراسلة طالب فيها العامل باقتناء جماعة البرج لخيمة أمازيغية، فإنه بالمقابل غض الطرف عن الفوضى العارمة التي تتخبط فيها مرافق و مصالح جماعة موحى اوحمو الزياني على مستوى الحكامة و التدبير الإداري و تدبير المداخيل و الطلبيات العمومية و الممتلكات الجماعية و التي وصلت حد اقتناء الجماعة للوقود من محطة الرئيس أمام أعين سلطات الوصاية التي لم تحرك ساكنا لردع محمد المرشت و من معه. إن عدم تحريك عمالة خنيفرة مسطرة العزل في حق رئيس جماعة موحى احمو الزياني المشتبه في "ارتكابه أفعالا مخالفة للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل من شأنها أن تضر بالمرفق العمومي و مصالح الجماعة"، يعني أمرا واحدا من اثنين، إما أن عمالة خنيفرة لم تكن على علم بما يجري داخل الجماعة و تلك مصيبة، أو أنها تعلم بأمر الخروقات التي تورط فيها الرئيس و اختارت التستر عليه و تلك مصيبة أعظم...