بوابة الصحراء: حكيم بلمداحي وضع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تقريره حول الصحراء، أمام أنظار الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ستلتئم في دورتها الثالثة والسبعين في منتصف شهر شتنبر المقبل. تقرير غوتيريس تضمن إشارة قوية إلى انخراط المغرب والتزامه بالمقررات الأممية، وأيضا الدينامية التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية. تقرير الأمين العام هذا جاء بعد جولتين قام بهما مبعوثه الخاص في الصحراء هورست كوهلر،وخصوصا جولته الأخيرة في يونيو الماضي والتي زار فيها الأقاليم الجنوبية والتقى فيها مع مختلف الحساسيات بالمنطقة من وحدويين وانفصاليين ومجتمع مدني وحقوقي ومنتخبين وإدارة. وقد كانت جولة كوهلر الثانية فرصة سانحة ليتعرف فيها على واقع الحال، خصوصا وأنه تعرض لمحاولات تمويه وهو يزور مخيمات تيندوف التي لم يلتق فيها سوى بالرسميين في جبهة البوليساريو، الذين أخفوا عليه واقع الاحتجاجات ضد القيادة التي تعيث في تيندوف فسادا.. فهل سيكون تقرير الأمين العام المحال على الجمعية العامة مفصليا في النزاع المفتعل؟ الجواب على هذا السؤال رهين بالنقاشات التي ستعرفها دورة الجمعية العامة، وإن كانت مقررات مجلس الأمن، وهي الإلزامية، تروم إلى إيجاد حل سياسي متفق عليه دائم وواقعي. غير أن انتظار إيجاد الحل السياسي لا يجب أن ينسينا، وينسي المنتظم الدولي واقعا مؤلما يعيشه مواطنون مغاربة وجدوا أنفسهم ضحية صراعات حرب باردة كانت وليدة تصارعات القرن الواحد والعشرين. مواطنون جزء كبير منهم لا يعرف هذه الحرب الباردة ولا علاقة له بخلفياتها الإيديولوجية، وإنما وجد نفسه مولودا في وسط صراع لا يفهمه أصلا. الأمر هنا لا يتعلق فقط باللذين ولدوا في مخيمات تيندوف وتم شحنهم منذ طفولتهم بأفكار سيكشف بعضهم مع الوقت والواقع أنها مجرد وهم لاغير، لكن أيضا شبان وشابات سيجدون أنفسهم ممزقين بين جزء من العائلة عدو للآخر هناك في مخيمات تيندوف أو هنا في الأقاليم الجنوبية. هي مأساة إنسانية يصعب فيها انتظار القرارات، بل تتطلب وقفة حقيقية لتخليص المعذبين من عذابهم... في هذا الأمر لابد من الضغط على حكام الجزائر لرفع أيديهم عن الملف، وتسريح الموظفين التابعين لهم المسمون جبهة البوليساريو الحالية، وفسح المجال لتفكيك شئ اسمه مخيمات تيندوف. حينها لتتواصل دينامية نقاش الحلول السياسية. لماذا تفكيك هذه المخيمات؟ أولا هي ليست مخيمات لاجئين كما تدعي الآلة الجزائرية ومن يواليها، فصفة اللجوء، كما تحددها المقررات الدولية، لا تنطبق على واقع الحال فيها. هي ثكنة عسكرية كبيرة محاصرة يعيش فيها أناس منهم من لا علاقة له بالصحراء، ومنهم أناس مجبرون على هذا الحال، وبالتالي ليست مخيمات لاجئين إنما شئ آخر.. ثانيا هناك قمع متواصل لكل صوت غير موال لأفكار قيادة البوليساريو، التي هي أفكار حكام الجزائر الذين لهم حسابات جيواستراتيجية نابعة من مخلفات الحرب الباردة. ثالثا استغلال سكان مخيمات تيندوف، واتخاذهم مجرد سجل تجاري للحصول على المساعدات الإنسانية من المنظمات الدولية، هذه المساعدات التي يتم الاتجار فيها من طرف قيادة البوليساريو. هذه الأسباب، وغيرها، كافية لتتظافر جهود المنتظم الدولي من أجل فك أسر سكان هذه المخيمات. طبعا الأمر ليس بالسهولة، فالجارة الجزائر تعرف جيدا أنها بدون مخيمات تيندوف لن يكون لها أي موقع ضغط في القضية، وهي التي ترفض مجرد إحصاء سكان هذه المخيمات...