بوابة الصحراء:حكيم بلمداحي مرة أخرى تخرق جبهة البوليساريو، ومن وراءها، اتفاق وقف اطلاق النار، باستفزازاتها في منطقة الكركارات... هو استفزاز لم يكن مفاجئا، لأن الجبهة، منذ مدة، وهي تتحين الفرصة من أجل التنبيه إلى وجودها بعد خيبات توالت منذ حوالي سنتين... وقد كان اجتماع ما يسمى بالأمانة العامة لجبهة البوليساريو الأخير واضحا حيث سارت التدخلات في اتجاه ضرورة التصعيد لأن كل الشروط الموضوعية لم تعد تخدمها، وذلك بعد تعيين أمين عام جديد غير بان كي مون الذي أنهى ولايته بفضيحة مجلجلة تصدى لها المغرب بحزم في حينه، وبعد خيبات الجبهة ومن خلفها في حادث الكركرات السابق، وأيضا بعد خيبة الأمل في القمة الأوروبية الإفريقية في أبيدجان والتأكد من شرود الكيان الوهمي ونبذه من قبل الأوروبيين والأفارقة... تنضاف إلى هذه الخيبات، المشاكل الداخلية التي تواجهها جبهة البوليساريو والجزائر في مخيمات تيندوف بعدما تعالت أصوات بالرفض للجبهة ولتمثيليتها للمحتجزين بتيندوف وأيضا لضيق الناس هناك من وعود لم يعد فيها أي أمل للتحقق... كلها معطيات تدفع قياديي البوليساريو، الذين ليسوا في الحقيقة سوى موظفين لدى حكام الجزائر، إلى البحث عن وسيلة بغية افتعال توتر في المنطقة، وليس أمامهم سوى حجة الكركارات... غير أن ما لم يكن في حسبان الجبهة ومن وراءها هو أن المنتظم الدولي لن يقبل بأي استفزاز يهدد اتفاق وقف النار، وقد ظهر هذا الأمر جليا من خلال تفهم الأمين العام للأمم المتحدة لقلق المغرب من هذا الاستفزاز الجديد للجبهة. وطبعا المنتظم الدولي سيسير في نفس المنحى... لكن ما تتعامى عنه جبهة البوليساريو وحكام الجزائر هو أن المغرب يجيد عملية ضبط النفس، لكن أيضا له من القدرات الكافية للدفاع عن مصالحه وعن وحدته الترابية، وله من القوة العسكرية والإيمان بالقضية ما يواجه به كل استفزاز كيف ما كان.. كما أن المغرب في صحرائه وعلى أرضه ولا يمكن لأية قوة كيف ما كانت أن تزحزحه منها، لأن لا قوة يمكن أن تغلب قوة الإيمان بعدالة القضية... وقضية الصحراء المغربية هي قضية كل المغاربة وليس هناك من يستطيع أن يهزم عدالة القضية... غير أن ما يخفى على البوليساريو وحكام الجزائر هو أن القبائل الموجود جزء منها قسرا في مخيمات تيندوف لم تعد مستعدة، كما السابق لإرسال أبنائها للموت دفاعا عن أحلام استراتيجية لجينرالات الجزائر، وأن التلويح بالعودة للحرب ليست سوى تهديدات لإثارة الانتباه لا غير، علما بأن قادة البوليساريو وقادة الجزائر يعرفون القوة العسكرية للمغرب وخبروها بشكل جيد... يبقى على المغرب أن يعي أن استفزازات حكام الجزائر خبيثة لأنها تعرف أن الحرب يموت فيها مغاربة من هذا الجانب ومن الآخر وهذ أمر لم يعد مقبولا بالمرة... وعلى الصحراويين في مخيمات تيندوف أن يعلموا أن مستقبلهم ليس في مخيمات تيندوف، وإنما في الأقاليم الجنوبية المغربية، هذه الأقاليم التي تشهد نهضة تنموية مهمة، وعليهم أن يرفضوا ما يسطره لهم حكام الجزائر...