لم يكد المستشار «علي الطرشي» يتلو أولى العقوبات التي أصدرتها الهيأة القضائية التي يرأسها، حتى صدرت شهقة ارتفع صداها ليسمع واضحا في أرجاء القاعة «رقم 7» بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء. فبعد أن كانت جلسات المحاكمة قد شهدت فتورا في متابعة أطوارها، بعد أن هجرها أفراد عائلات المتهمين، وبعدهم ممثلو وسائل الإعلام، الذين لم تعد تغريهم متابعة محاكمة فاق عدد جلساتها التسعين جلسة، وقرر قبل نهايتها بحوالي خمس جلسات المتهمون - بدورهم - مقاطعتها.. بعد كل هذه المراحل عادت محاكمة متهمي أحداث الريف إلى وهجها، بعد أن قررت هيأة المحاكمة عصر يوم الثلاثاء إدراج الملف في المداولة. غاب المتهمون عن الجلسة الأخيرة، كما غابوا عن أربع جلسات قبلها، عندما اختاروا مقاطعة المحاكمة، ومنع دفاعهم من الكلام، مفضلين عدم الإدلاء بكلماتهم الأخيرة. وبعد حوالي ست ساعات مِن المداولة كان القرار القاضي بتوزيع عقوبات حبسية تراوحت بين سنة حبسا وعشرين سنة سجنا نافذا، لم يسمعها المتهمون مباشرة على لسان القاضي، ولكنها ستصلهم حتما، في إبانها بعد أن تردد صداها خارج أسوار المحكمة بسرعة البرق. وزعت غرفة الجنايات الإبتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ثمانين عاما على أربعة متهمين، فيما كان نصيب ثلاثة آخرين 45 عاما سجنا. وعلى سبعة منهم 70 عاما، وطوقت 45 عاما أخرى تسعة من المعتقلين بعدما كانت عقوبة الخمس سنوات حبسا من نصيب كل واحد منهم... ولأن الأحكام لم تنزل بردا ولا سلاما على بعض أقارب الضحايا ممن أسعفتهم الظروف لحضور جلسة النطق بالأحكام، ارتفع الصراخ مدويا، حتى قبل أن ينتهي القاضي من تلاوة جميع ما اتخذته الهيأة من قرارات.