نشرت صحيفة La Croix البريطانية تقريراً عن الحدود بين البلدين المغاربيين الجزائر والمغرب المغلقة منذ 23 سنة كاملة وتأثيرها على الأسر والسياحة والطرق والاقتصاد. الناشط في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، محمد كرزازي قال "نعمل كل يوم على التواصل مع جيراننا الجزائريين، وكثيراً ما نرى مؤشرات إيجابية من الجهتين". ويتأسف كرزازي على استمرار إغلاق الحدود بين البلدين المغاربيين منذ 23 سنة كاملة، وفق تقرير الصحيفة. تعد هذه الحدود المغلقة بمثابة جرح عميق في نفوس عدة عائلات تعيش بين البلدين، ومن بينهم الدكتور توفيق بالحسين، الذي ذكرت La Croix جزءاً من قصته، حيث قال: "عندما توفيت والدتي في مدينة وجدة، قطعت أختي مسافة 2000 كيلومتر بين وهران، الجزائر العاصمة، والدار البيضاء؛ نظراً إلى إغلاق الحدود البرية... وقد تسبب ذاك في وصولها متأخرة إلى وجدة بساعتين بعد دفن والدتي تحت التراب". وتوفيق بالحسين، هو مواطن من أم جزائرية وأب مغربي، مثله مثل عائلات أخرى تعيش متقطعة بين البلدين. وأشار بالحسين إلى أن "هناك عائلات لم ترَ أقرباءها منذ إغلاق الحدود سنة 1994، ومع طول الفراق، أصبح بعضهم مقتنعاً بأنه سيموت دون أن يرى ذويه في الطرف الآخر من الحدود المغلقة". وفق الصحيفة، تعيش العديد من العائلات حالة من الشتات منذ سنة 1975، عندما طردت السلطات الجزائرية، خلال السنة نفسه، باستعمال قوات التدخل، ما بين 35 و45 ألف مغربي عن ترابها. وقد كانت ميساء مصطفى تبلغ آنذاك 16 سنة عندما طردت الجزائر عائلات مغربية عن أراضيها. وتذكر هذه السيدة جيداً لحظة طرد الشرطة الجزائرية عائلتها، المكونة من 11 فرداً، من منزلهم على مقربة من مدينة مستغانم. كما يعيش المواطن حسن بن عاشور، وفق صحيفة La Croix، بعيداً عن والدته الجزائرية وشقيقتيه الكبيرتين، اللاتي يعشن في الوقت الحاضر بولاية "بشار" الجزائرية المتاخمة لحدود المملكة، والتي تعد أيضاً مسقط رأسه. وذكر بن عاشور أنه قد طُرد رفقة والده المغربي وإخوته الثلاثة إلى المغرب. نوه بن عاشور، الذي يعمل أستاذاً في التاريخ والجغرافيا، قائلاً: "لقد عانت والدتي كثيراً من فراق الشتات الذي قسّم العائلة، حيث نجحت في الالتحاق بنا إلى المغرب، لكنها ما زالت تحنُّ إلى بلدها الأم، الجزائر...وما زالت إلى يومنا هذا شقيقتاي تعيشان في الجزائر". وتفيد فاتحة داودي، وهي باحثة ومؤلفة كتاب "المعيش الحدودي بين الجزائر والمغرب منذ 1994"، بأنه تم التغاضي على امتداد فترة طويلة عن العبور غير القانوني للحدود. ولكن، من المؤكد أن هذا التسامح لم يكن مجانياً. فقد وقع تهريب الغذاء والدواء والماشية والاتجار بالوقود، ومافيا التهريب، حتى إن الجرارات عبرت، هي الأخرى، الحدود، وفق صحيفة La Croix. في الماضي، حسب صحيفة La Croix، لم تكن هناك سوى إدارة واحدة للمغرب والجزائر. ووفقاً لما أفاد به عبد القادر غيتوني، كوّنت كل من "جهة الشرق" المغربية و"القطاع الوهراني" الجزائري فضاء اقتصادياً واحداً؛ ومن ثم أصبح العديد من الجزائريين بمثابة مغربيين والعديد من المغاربيين بمثابة جزائريين. فسنة 1960، أصبحت منطقة وجدة تعد ما لا يقل عن 30 ألف جزائري، وخلال الفترات القليلة التي شهدت فتح الحدود، عاشت المدينة نمواً ملحوظاً. وخلال سنة 1991، بلغ تدفق السياح المغاربة ذروته بمليوني عبور. وقد كان بالإمكان أن تتحول وجدة، المتخذة من الشرق الجزائري قِبلة لها، إلى "ستراسبورغ" المغرب العربي الموحد؛ نظراً إلى احتلالها موقعاً مركزياً. في المقابل، أصبحت المدينة طريقاً مسدوداً على حدود مغلقة".