كان حفل توديع المغادرين طوعيا للقناة الثانية مؤثرا ومفعما بالمشاعر النبيلة، سجلت به نقابة مستخدمي دوزيم هدفا في مرمى الإدار العامة، إذ لم تفكر أصلا في التفاتة إنسانية من هذا القبيل، تجاهل حز في نفوس المغادرين، وأبكى المدير السابق للبرامج عمر سليم. مشاهد ومشاعر إنسانية اختلط فيها الحزن بالفرح والضحك بالبكاء، لحظات مؤثرة عاشها الجمع العام لنقابة مستخدمي «دوزيم» التابع لل«إي.إم.تي» داخل مقر القناة، كان جمعا عاما استثنائيا حضر فيه النقاش والحوار حول حاضر ومستقبل قناتهم، وحضرت فيها التفاتة إنسانية إلى المغادرين طوعيا لقناة عين السبع. كان المشهد أكثر تأثيرا حينما جرى سرد جميع أسماء المغادرين 18 (من أصل 75) منهم من كان حاضرا، ومنهم من لم يحضر لعدم قدرته على تحمل لحظات الوداع والفراق هاته، حينما سردت جميع الأسماء وفق جميع الحاضرين، وصفقوا طويلا تقديرا واحتراما لزملاء قضوا معهم سنوات طويلة في الكفاح المهني، عمر سليم لم يقو على مقاومة مثل هذه اللحظة وانهار بالبكاء، وألقى كلمة زادت قوتها في التأثير على الحاضرين، لم يتقبل ويفهم سلوك مدير القناة سليم الشيخ، لم يستقبله على الأقل بصفته كان مديرا «ما قالش لينا حتى شكرا..»، مدير البرامج سابقا عمر سليم، حرص على ألا ينبس بكلمة الوداع «وكيما قلت ليكم في أوروفوار في المجلة الرياضية، وفي الأخبار، لمن أقول لكم في هذه المرة A dieu ولكن أوروفوار مرة أخرى» يقول عمر سليم. كلام يترك الباب مواربا لإمكانية العودة من جديد، لما تربطه بتلفزيون عين السبع وزملائه من رابطة وحب قويين ظهرا في مشهد الوداع هذا. المخرجة فوزية زين الدين، عجزت عن إلقاء ولو كلمة واحدة، وانفجرت بالبكاء، الفنان محمد مجيد واحد من أجود المسؤولين عن الديكور، كان آخر من وضع ملفه، حاول زملاءه إقناعه بالعدول عن موقفه لكنه رفض وأصر. الجمع العام لنقابة مستخدمي «دوزيم» كان النقاش فيه ساخنا وصريحا ومفتوحا على كل الآراء والانتقادات. لم يسلم المكتب النقابي نفسه من النقد والتقصير في إدارة ملفات بعينها كملف المتعاونين المجتر دون حل على مدى سنوات. لحساسية قضية المتعاونين، جاء التنصيص عليها ضمن خلاصات الجمع العام، حينما طالب «بالحل الفوري لمأساة العاملين في وضعية هشة من متعاونين ومتعاقدين بعقود الباطن، وخوض جميع الأشكال النضالية المشروعة من أجل إدماجهم وترسيمهم في المناصب التي يشغلونها». المكتب النقابي عرض على الحاضرين البالغ عددهم حوالي 400 يمثلون جميع المهن التلفزيونية، وضعية القناة وموقف النقابة منها، حصيلة المسار التفاوضي مع ثلاثة أطراف، المدير سليم الشيخ والرئيس المدير العام للشركة الوطنية ورئيس شركة صورياد «دوزيم» ووزير الاتصال مصطفى الخلفي. بعد العرض، فتح باب النقاش، وتنوعت الآراء والانتقادات ، ووصل الغضب لدى البعض إلى حد رسمه لوحة سوداء عن القناة، منتقدا تدني مستوى جميع برامجها ومسلسلاتها وأخبارها، والبعض الآخر عبر عن ضمور إحساس انتمائه إلى القناة «وولي تيحشم يقول أنه خدام فيها». لكن تدخل مسؤول بمديرية الموارد البشرية ممن غادروا طوعيا، عبد الله مومن، بدد هذه النبرة التفاؤلية، وذكر الحاضرين بالتاريخ القريب للقناة لعل الذكرى تنفع الناسين خاصة أنه كان شاهدا على جميع مراحل حياة دوزيم «هذه أول مرة تنتكلم فيها، لم أعبر عن رأيي قط بسبب أن منصبي لا يسمح لي بذلك، وأقول لكن اللوحة ليست سوداء إذا قارنا الوضع الحالي مع البدايات، الأجور القاعدية كانت هزيلة جدا، أجر الشهر الثالث عشر ما كانتش تتحصل عليه سوى فئة قليلة جدا. التعويضات عن المردودية والعطلة وغيرها لم تكن بهذا الشكل الآن، العقوبات كانت تصدر سرا، ويكتشف الضحية صورته معلقة في اليوم الموالي بالباب. أما الآن، ينعقد قبل صدور أية عقوبة من المجلس التأديبي، ما كانتش الاتفاقية الجماعية وكل هذه المكتسبات تحققت بفضل إخوان ديال النقابة اللي خاضوا معارك قوية للوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم....»