أكد خبراء ومهنيو السينما ومنتخبون، أمس الأحد، بطنجة، أن السينما تشكل مكونا أساسيا للثقافة المغربية وفاعلا رئيسيا لإبراز المجال الترابي والتراث الثقافي للجهة. وأشاروا خلال ندوة حول "السينما والجهة" تم تنظيمها على هامش الدورة ال18 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، إلى أن "تصوير الأعمال السينمائية في جهة معينة، لا يمكن فقط من التعريف بالمؤهلات الثقافية والسياحية للجهة، بل يجعلها أيضا تلعب دورا حاسما في هيكلة القطاع السينمائي والسمعي البصري محليا".
كما دعوا رؤساء الجهات إلى الانخراط في وضع خطة كفيلة ببلورة أوجه تعاون ملموسة على أرض الواقع في المجال السينمائي لما فيه مصلحة جميع الفاعلين. وبهذه المناسبة، ذكر رئيس الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام، محمد عبد الرحمن التازي، أن المشهد السينمائي الوطني يعاني من إشكالية إغلاق دور السينما حيث انخفضت حظيرة القاعات السينمائية من 250 قاعة استقبلت 45 مليون مشاهد سنة 1980 إلى 48 قاعة فقط بنحو مليوني مشاهد سنة 2016، مشددا على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة وملموسة من شأنها تعزيز الرؤية السينمائية وإعادة استقطاب الجمهور. وبحسب التازي، فإن الإجراءات الملموسة تتجلى، على الخصوص، في تحسيس المشاهدين باللغة السينمائية باعتبارها مكونا ثقافيا أساسيا، وتشجيع المهنيين ورؤساء الجهات بأهمية الاستثمار في القطاع السينمائي على المستوى الجهوي، بغية تحقيق التنمية المرجوة في مختلف المجالات الثقافية والسياحية والاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا السياق، اعتبر التازي أن الجماعات المحلية مدعوة لدعم الإنتاج السينمائي والسمعي البصري من خلال اقتناء أو كراء القاعات السينمائية المغلقة منذ سنوات، وتفويت تدبيرها لمهنيي الاستغلال السينمائي عبر طلبات للعروض في أفق إحياء صناعة السينما. وأضاف أنه "قد آن الأوان لتنخرط الجهات في سياسة الدعم لإبراز مجالها الترابي وموروثها الثقافي من خلال الإنتاج السينمائي والسمعي البصري". من جهته، أشار السينمائي والمنتج، لطيف لحلو، إلى أن السينما تشكل جزءا لا يتجزأ من الثقافة المغربية، وفاعلا رئيسيا في التماسك الاجتماعي، وعاملا أساسيا لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على المستوى الجهوي والوطني، داعيا إلى اتخاذ تدابير مالية وتشريعية ملموسة لتعزيز استمرارية الإنتاج السينمائي ودعم القطاع بالموارد البشرية والتقنية الضرورية. وشدد على أن "الشراكة بين الجهة وصناعة السينما أصبحت حاليا ضرورة حتمية من أجل تلبية انتظارات عشاق الفن السابع ولإبراز مؤهلات الجهة". من جانبه، أبرز رئيس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، إلياس العماري، الدور الذي تلعبه السينما، التي تعد عنصرا أساسيا للجهوية المتقدمة، في النمو والتنمية والتغيير الاجتماعي وتكريس الهوية المغربية والقيم العالمية للتعايش والحوار والتسامح واحترام الآخرين بغض النظر عن اختلافاتهم، مشيرا إلى أن الاستثمار في هذا المجال ستكون له انعكاسات كبيرة على القطاعات الثقافية والسياحية والاقتصادية. ودعا، في هذا السياق، المهنيين إلى إعداد دراسة حول الاحتياجات والحلول اللازمة لتشجيع الإنتاج السينمائي بالجهة، والتي سيتم تمويلها من طرف الجهة، من أجل أن تصبح جهة طنجة-تطوان-الحسيمة "قاطرة للسينما" على المستوى الوطني. بدوره، اعتبر نائب رئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام، جمال السويسي، أن جهة الشمال مدعوة لإعطاء صناعة السينما الصدارة إسوة بصناعات السيارات والطيران والنسيج، من خلال تنظيم إقامات للكتابة وتمويل المشاريع السينمائية الرامية إلى إبراز المؤهلات الطبيعية والاقتصادية للجهة، مشيرا إلى أنه "لا يمكن الحديث عن الجهة من دون السينما ". أما الناقد السينمائي، إدريس القري، فقد أعرب عن اعتقاده بأن السينما لها دور أساسي في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل، وبناء المجتمع الحديث، وتكريس القيم الإنسانية والتعددية والدفاع عن القيم الوطنية، مؤكدا ضرورة تنفيذ إستراتيجية وطنية لتمكين صناعة السينما من رؤية هيكلية وشاملة. ويروم المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، المنظم تحت الرعاية الملكية، إبراز الإنتاج السينمائي المغربي، وتعزيز التبادل بين المهنيين وعشاق السينما. وسيتم إلى غاية 11 مارس الجاري عرض ما مجموعه 30 فيلما لمخرجين مغاربة من مختلف الأجيال، في إطار المسابقة الرسمية للفيلم الطويل والفيلم القصير خلال هذا المهرجان الذي ينظمه المركز السينمائي المغربي بتعاون مع الغرف المهنية للقطاع.