منذ حوالي ثلاث أسابيع عمد المغرب الى دفع الياته نحو النقطة الحدودية المعروفة بقندهار، بين المغرب و موريتانيا، و هي العملية التي كان يهدف من وراءها المغرب حسب ما ثبت في الميدان على أنه يسعى لتطهير هذه المنطقة التي تحولت الى بؤرة و نقطة تمركز للمهربين، و تجار المخدرات و السلاح، العملية المغربية تأتي في ظل التحديات الأمنية المطروحة على شمال إفريقيا، خاصة بعد ورود عدة تقارير عن تحرك مقاتلي داعش من ليبيا نحو المغرب، و هي التحركات التي سبق للمغرب و في اطار تحمله لمسؤوليته أن نبه اليها دول الجوار، وكافة الدول المعنية بمحاربة الارهاب اروبيا و افريقيا. لقد أصبحت هذه النقطة الحودية بفعل عدة عوامل و أسباب، تعتبر من البؤر السوداء التي أصبحت تقلق المغرب، وكذا موريتانيا، حيث تحولت الى مركز لتجمع الارهابيين و المهربيين من مختلف الدول المجاورة للحودو المغربية، الأخطر من ذلك، أنها أصبحت تعتبر ممرا للتهريب من و الى المخيمات، بدءا بتهريب البشر الى تهريب المخدرات و المساعدات الانسانية، و مختلف أنواع أقراص الهلوسة التي يتم ادخالها للمخيمات تحت حماية و غطاء قيادة الجبهة، في سياسة منها الى تدجين و السيطرة على الأجيال الصاعدة بالمخيمات و جعلها في حالة تخدير دائم. التقاء صوت الجبهة مع صوت بان كيمون في هذه النقطة يطرح أسئلة حول ماوراء هذه الالتقاء، الجديد، خاصة و أن موقف مجلس الأمن، الذي عبر عنه رئيسه، مختلف جذريا، بل جاء منصفا للمغرب، بعد أن استمع الى مختلف التقارير الميدانية، على عكس الأمين العام الذي يبدو أنه لم يهضم بعد هزيمته في أبريل الماضي من طرف المغرب و مختلف شركاءه، و حلفاءه، فما هي خلفيات هذه الحملة المزدوجة؟؟ بالنسبة لبان كيمون، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي عمد الى تحميل المغرب مسؤولية ما أسماه بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، و قاد حملة من أجل وقف الأشغال التي يقوم بها، و هي الحملة التي مهد لها بتقريره الموجه لمجلس الأمن قبيل نهاية شهر غشت، الذي أعاد فيه تكرار نفس السيناريو السابق ، من خلال جعل المغرب و كأنه دولة "مارقة" خارجة على الشرعية الدولية، تتحدى الأممالمتحدة.. و هي المحاولة التي باءت بالفشل مرة أخرى، ليقتنص التطورات الأخيرة، التي كان يراهن الجميع على أن تشكل بداية نقطة الاصطدام بين المغرب و موريتانيا، من خلال اختلاق الأخبار، و الإشاعات بشكل متناسق و متسلسل، قبل أن يخرج وزير خارجية موريتانيا و يفند كل هذه الادعاءات الكاذبة. الأيادي التي تحرك بان كيمون، لها مخطط يسعى الى توسيع مهام المينورسو، من أجل إخراج هذه المنطقة من السيادة المغربية إلى السيادة الأممية، تمهيدا لفصل الصحراء عن المغرب، في كل مرة تحت مسمى، مراقبة حقوق الإنسان التي فشلت بسبب الإصلاحات التي قام بها المغرب، ثم الثروات الطبيعية التي أيضا فشلت بعد أن تبين بأن شمال المغرب هو الذي يضخ الثروة بجنوبه، من خلال ما أعلن عنه الملك في خطابه، و حجم الأموال التي ستضخ بالمنطقة "أكثر من 7 مليار"، وصولا إلى محاولة استغلال هذه الأحداث من أجل توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة الحدود المغربية/الموريتانية، حيث أن من أمر بدفع العشرات مما يسمى بالجيش الصحراوي، كان يهدف الى تأزيم الوضع في هذه النقطة، و التلويح بالدخول للحرب، وبالتالي غلق قوس اتفاق وقف إطلاق النار، من أجل أن يمهد للأمين العام للأمم المتحدة للإعلان عن توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة الحدود، مادام أن المغرب غير قادر على ذلك، و أن تواجد أفراده بالكركارات قد يسبب في الحرب و انهيار اتفاق وقف إطلاق النار و مسلسل التسوية المنهار عمليا، و هو ما طالب به رسميا امحمد خداد القيادي بالجبهة، حيث طالب مجلس الأمن بإنشاء مركز دائم للمراقبة تحت إشراف المينورسو. بالنسبة للبوليساريو، بالإضافة إلى رغبتها في تقليص سيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، حيث منذ 30 سنة لم تقدم ل"شعبها" أي انتصار حتى و لو كان وهميا، فتسعى جاهدة الى التقليص و الحد من ممارسة المغرب لسيادته على كامل ترابه، بعد فشل جر موريتانيا الى المواجهة مع المغرب، ولذلك فهي تعتبر نفسها متضررة من الأعمال التي يتم القيام بها من طرف المملكة بالكركارات، خاصة بالنقطة المسماة " قندهار"، حيث تعتبر نقطة سوداء من حيث مختلف الأعمال الاجرامية التي تنعش "سوق" و "رأسمال" الجبهة، و تعتبر أن تعبيد الطريق، و إصلاحها، مع مختلف الأشغال التي يقوم بها المغرب، تمس مسا مباشرا بأحد مصادر تمويلات الجبهة، التي تنتعش من هذه النقطة الحدودية، على اعتبار أنها تشكل ممرا نحو تندوف، ممر لمهربي المخدرات و أقراص الهلوسة.. يكفي فقط الإشارة هنا إلى اعتقال أحد أبناء قيادي في الجبهة متلبسا بتهريب 300 كيلوا من المخدرات، وبتهريب البشر، اضافة للسيارات التي حجز منها أكثر من 600 سيارة في هذه العملية، و أغلبها لا يحمل أوراق، دون الحديث عن بقية السلع… "قندهار" أيضا ممر لتهريب المساعدات الإنسانية من خارج المخيمات إلى الزويرات، والتي ضبطت مرارا، بمعنى أن الفوضى التي كانت تعرفها هذه النقطة، تحولت الى مصدر "منعش" لما يمكن أن يسمى ب"اقتصاد الجبهة"، حيث تعتبر هذه "الكركارات" من مصادر الريع، و المداخيل لفائدة قيادات الجبهة الذين اغتنوا منها، هم و أبناءهم، بفعل سيطرتهم على الجهة المقابلة لها من تندوف. المغرب مرة أخرى يؤكد على أن ممارسته للسيادة على مختلف أقاليمه، هي مسألة حيوية بالنسبة إليه، و أنه لا بان كيمون و لا غيره قادر على إيقافه، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحرك يهدف الى تثبيت الأمن، ليس المغربي فقط، بل الإقليمي، و أن إعادة تنظيم هذه النقطة الحدودية "السوداء"، لا يعني المغرب لوحده، بل يعني مختلف الدول المجاورة له، إقليميا و إفريقيا، بفعل التحركات المريبة لتجار المخدرات و الإرهابيين، بهذا الشريط الممتد حتى ليبيا.