لدي زملاء صحافيون في قناة "ميدي1 تي في" أفتخر بصداقتهم وأعتز بمهنيتهم، وكنت دوما أتابع قضاياهم وانشغالاتهم في القناة، عبر مقالات وروبورتاجات صحفية هنا، في "الأحداث المغربية"، منذ أن كان الفرنسي بيير كازالطا مديرا عاما لهذه القناة، التي كانت تسمى "ميدي 1 سات". كنت دوما لا أكتب شيئا عن الأمور الداخلية لهذه القناة، إلا بعد أن أركّب رقم هاتف واحد من المسؤولين فيها، وأوجه له جملة من الأسئلة حول الموضوع الذي أرغب في الاطلاع عليه، ولا ألتفت لما تتم إشاعته عن هؤلاء المسؤولين من الأخبار التي غالبا ما كان يكون الهدف منها هو خلق اللبس والتشويش لفائدة أطراف تقتات من التناحرات، وتقضي مصالحها الضيقة بالاصطياد في المياه العكرة، وتحقق أغراضها الشخصية عن طريق خلق الفرقة وتأجيج الصراعات. في عهد المدير العام السابق لقناة "ميدي1 تي في" عباس العزوزي غيرت القناة هويتها، وأصبحت تنتج السيتكومات، والمسلسلات، والبرامج الترفيهية. وبتغيير هويتها من قناة إخبارية تثقيفية تحظى فيها الطاقات الإعلامية الداخلية بالأولوية والاهتمام على مستوى الإنتاج، إلى قناة مُشرعة الأبواب أمام شركات تنفيذ الإنتاج التي أضحت تحصل على صفقات إنتاج أعمال درامية، وبرامج ترفيهية، بدون طلب للعروض، ولا انضباط لمعايير الجودة، ينجزها أفراد غير أكفاء ودخلاء على المهنة، أصبح بريقها الإخباري يضمحل، وبدأت تنحدر نحو الإسفاف الثقافي والخواء الفكري، وفقدت الخاصية التي كانت تميزها عن باقي القنوات المغربية، والتي تتمثل في الرهان على بناء الشخصية الوطنية، من خلال مواد إعلامية راقية، تخاطب العقل، وتشيع المعلومة، وتنمي الحس النقدي، وتعلي من شأن القيم النبيلة التي يحتاج إليها المواطن لكي يصبح عنصرا فاعلا ضمن المشروع النهضوي الذي ترومه البلاد. وزيادة على الخسائر المعنوية التي تكبدتها القناة نتيجة التوجه الخاطئ الذي انعطفت نحوه في سنة 2010، فقد بدأت تتجشم الخسائر المالية، خصوصا بعد فتح مكتبين لها في الرباط والدار البيضاء، حيث وجدت نفسها غير قادرة على فرض نموذجها الإعلامي على الصعيد الوطني والمغاربي، ولم تستطع تحقيق نسب المُشاهدة التي تضمن لها نيل ثقة المُعلنين الذين تحصل من خلالهم على المداخيل المالية الكفيلة بتلبية حاجيات التسيير والصيانة والإنتاج والتطوير، رغم مساهمة شركتين إماراتيتين في رأسمالها، سنة 2014، ضختا في خزينتها ما يعادل 800 مليون درهم مغربي، فكان لابد لمجلسها الإداري أن يحاول تطويق الأزمة، والحد من الخسائر المادية والمعنوية للقناة، من خلال وضع الثقة في رئيس مدير عام جديد، حقق نجاحا كبيرا داخل "راديو ميدي1″، رفقة العاملين معه داخل هذه الإذاعة. وبما أن قناة "ميدي1 تي في" هي قناة لكل المغاربة، وليست قناة شخص بعينه، فإن الشعب برمته ينتظر أن تحقق طموحه في الاستفادة من مواد راقية، بتضافر جهود جميع العاملين فيها، منهم القُدامى الذين قدموا إليها من "راديو ميدي1" رفقة بيير كازالطا، وزملاؤهم المتمرسون الذين قدموا مؤخرا من الراديو ذاته رفقة الرئيس المدير العام الجديد، بدون تمييز، علما أن المشاكل التي من الطبيعي أن تحدث في بداية كل تغيير ينبغي أن تُحل بالحوار، وبعدم تمكين المرتزقة من إحباط مشروع شعب بكامله.