منذ الحرب العالمية الثانية، ويتم التعامل مع الدولار باعتباره عملة الاحتياطي النقدي العالمية إذ تستخدمه بعض الدول لدعم عملتها، إلا أن عدد من الأحداث المتتالية دفع عدد من المحللين للتساؤل إلى أى مدى سيبقى الدولار العملة المهيمنة على الاقتصاد العالمي، وما إذا كان مرنًا بما فيه الكفاية ليتجاوز الأحداث المستقبلية. ويقول موقع "FTMDaily" الاقتصادي إن من بين تلك الأحداث رغبة الحكومة الصينية أن يكون هناك عملة احتياطي جديدة مبنية على سلة من العملات، لاسيما فى الوقت الذى ألمح فيه عمالقة النفط فى الشرق الأوسط أنهم يريدون البدء بتسعير النفط باليورو بدلا من الدولار. ورغم أنه لا يمكن التنبؤ بالمستقبل، ولكن ما الذي سيحدث إذا تراجع الدولار، وحلت محله عملة أخرى كعملة الاحتياطي النقدي العالمي وكيف سيؤثر ذلك على الاقتصاد العالمي، وما الأسباب التي قد تدفعه للهبوط. وتجيب على هذه الأسئلة كيمبرلي أمادوا، الخبيرة الاقتصادية في تقرير لها على موقع "about money"، إذ تقول إن تراجع سعر الدولار سيدفع من يملكه إلى بيعه، وحينها ستخسر الحكومات الأجنبية التي تحتفظ بالعملة الأميركية كاحتياطي لها. كيف يمكن أن ينهار الدولار؟ تقول كيمبرلي إن هناك ثلاثة أسباب قد تدفع بانهيار الدولار، أولها أن تضعف قيمته، وهذا ما يحدث الآن، فبرغم ارتفاع قيمة الدولار 25% منذ 2014، إلا أن الدولار تراجع 54.7% مقابل اليورو بين عامي 2002 و2012. وهذا التراجع يعود لارتفاع الدين الأميركي ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل هذه المدة، إذ أصبح 15 تريليون دولار بعدما كان 5.9 تريليون دولار. أما الآن فازداد الأمر سوءا، إذ أصبح 19 تريليون دولار في الوقت الذي وصلت فيه نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 100%، مما يزيد من فرص تراجع قيمة الدولار. أما عن السبب الثاني الذي قد يتسبب في انهيار الدولار، تضيف كيمبرلي، أنه يتعلق بوجود بديل للعملة يمكن استخدامه، فقوة الدولار ترتكز على استعماله كعملة الاحتياطي النقدي العالمي. وبدأ استخدامه كاحتياطي في 1973، عندما تخلى الرئيس نيكسون عن استخدام الذهب. وإذا خسر الدولار مكانته، فستحل عملة أخرى مكانه، وكان اليورو الأوفر حظا لذلك، لكنه لا يشكل سوى 30% من احتياطي البنك المركزى الأميركي، فضلا عن أنه ضعف بعد الأزمة منطقة اليورو. ومن ناحية أخرى، تشجع بعض الدول مثل الصين على وجود عملة أخرى غير الدولار تكون عملة عالمية. ويقول مصرفي صيني أن اليوان يجب أن يتم استخدامه للحفاظ على النمو الاقتصادي الصيني، إلا أن استبدال الدولار سيكون له عواقب وخيمة ويتطلب إرادة عالمية وأن يتم بشكل تدريجي. وترى كيمبرلي أنه من حق الصين أن تشعر بالقلق حيال تراجع سعر الدولار، لأنها تملك أكبر احتياطي دولاري نقدي فى العالم. أما السبب الثالث الذي قد يدفع بانهيار الدولار فيتمثل في تدمير الثقة فى العملة، فالدول الأجنبية لديها أكثر من 5 تريليون دولار في صورة ديون أميركية، وإذا بدأت دول مثل الصين واليابان وغيرها التي لديها احتياطي نقدي كبير بالدولار، بالتخلي عن استخدامها فهذا سيخلق ذعر. وتساءلت الكاتبة عما إذا كانت الصين واليابان مستعدتان لفعل ذلك، ورأت أنهما قد تلجآن لذلك فقط إذا وجدتا أن قيمة الاحتياطي النقدي لديهما تتراجع بشكل سريع، ووجدتا سوق آخر تبيعان منتجاتهما فيه، ولكن لا يزال السوق الأميركي أفضل الأسواق في العالم بالنسبة إليهما رغم أنهما يبيعان للأسواق الآسيوية بشكل كبير. متى ينهار الدولار؟ تقول كيمبرلي إن الدولار أغلب الظن لن "ينهار"، وذلك لأن الدول التى لديها القدرة على دفعه للانهيار (الصين واليابان والدول ذات الاحتياطى الدولارى الكبير) لا تريد ذلك أن يحدث، لأنه ليس فى مصلحتهم، على الأقل الآن، فلماذا يفلسون أفضل عملائهم؟، بدلا من ذلك، سيستمر الدولار فى التراجع، حتى تعثر تلك الدول على أسواق أخرى. ما الذي سيحدث حال انهيار الدولار؟ انهيار مفاجئ للدولار سيخلق بلا شك اضطرابًا اقتصاديًا عالميًا، وسيسرع المستثمرون إلى العملات الأخرى، مثل اليورو وأيضا الأصول مثل الذهب والبضائع، وسيتراجع الطلب على سندات الخزانة، وسترتفع معدلات الفائدة، وستزيد أسعار الواردات الأميركية لأعلى مستوى ليتسبب ذلك في تضخم، فى الوقت الذي ستنخفض فيه أسعار الصادرات الأميركية مما سيعزز الاقتصاد لوقت قصير، ولكن على المدى الطويل سيخنق التضخم وارتفاع معدلات الفائدة أى فرصة للنمو، فضلا عن ارتفاع مستوى البطالة، الأمر الذي سيعود بالولايات المتحدة إلى فترة الكساد. ومن ناحية أخرى، يضيف موقع "FTMDaily" الاقتصادي أن انهيار الدولار سيسفر عن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، بينما سيعاني قطاع العقارات في الوقت الذي سيزيد فيه سعر البضائع المستوردة. وأوضح أن تراجع الدولار قد يسفر عنه ندرة المواد الغذائية، بسبب ارتفاع أسعارها، الأمر الذي قد ينتهي بحالات شغب وخلل اجتماعي.