لحظات عصيبة ملؤها الخوف والرعب عاشتها ساكنة درب الجامع بحي الكزا بمقاطعة المدينة، حين بوغتت بألسنة نيران متصاعدة من داخل أحد المنازل مرفوقة بسحابة دخان كثيفة غطت منافذ الأفق، ما خلف موجة من الهلع في صفوف الأسر التي هرعت خارج منازلها تسبقها صيحات الاستغاثة وصراخ الأطفال والنساء. كانت عقارب الساعة تلامس الواحدة من زوال أمس الإثنين، وفضاءات درب الجامع تعيش على إيقاع هدوء رتيب، وقد انزوت الأسر داخل بيوتها اتقاءا لموجة الحرارة التي تضرب بأطنابها كل مناحي الحياة بمراكش، حين انتبه البعض لروائح دخان كثيف بدأت تتسرب من النوافذ وفتحات البيوت، لتخنق الأنفاس وتزيد الأجواء اختناقا. فجأة بدأت أصوات صراخ هستيري ترتفع من الخارج، لتنبيه الغافلين عما يجري ويدور حولهم، وتحذيرهم من النيران الملتهبة المتصاعدة من داخل بيت مجاور، فتسابق بعض الشباب لاحتواء الوضع والعمل على درء الخطر الداهم، فيما سارع البعض الآخر لربط الاتصال بمصالح الوقاية المدنية. بمرور الدقائق كانت مساحة الحريق تزداد امتدادا واحتداما، وتلتهم كل ما تجده في طريقها من أمتعة وأفرشة منزلية في غياب أصحاب المنزل الذين لم يظهر لهم أثرا طيلة الحدث. استنفرت مصالح الوقاية المدنية كل إمكاناتها وخبرة عناصرها للسيطرة على ألسنة النيران ومنع امتدادها للمنازل المجاورة، مدعومة ببعض شبان الحي الذين انخرطوا في مجهودات الإخماد وتقديم المساعدة في إزاحة العقبات من طريق رجال المطافئ. بعد جهد جهيد تمت السيطرة على الحريق لينقشع المشهد عن حالة دمار شامل بعد أن طالت النيران كل محتويات المنزل وعاتت فيها حرقا وإتلافا مسجلة بذلك خسائر مادية جسيمة، دون أن يتعدى الأمر إلى إصابات بشرية. أما عن أسباب اندلاع الحريق فقد رجحت المعاينة فرضية أن تكون قنينة غاز من الحجم الكبير وراء هذا الدمار، على أساس أن أصحاب البيت قد خرجوا لقضاء بعض حاجياتهم وخلفوا وراءهم القنينة مشتعلة بالمطبخ، دون أن يدور في خلدهم ما يمكن أن ينتج عن هذه الخطوة من أخطار جسيمة، انتهت بإتلاف كامل الأفرشة والأمتعة، وكذا المضاعفات النفسية الناتجة عن أجواء الرعب والخوف التي اعترت نساء وأطفال الأسر المجاورة. السلطات المحلية والمصالح الأمنية، انتقلت بدورها لموقع الحريق، لمتابعة الوضع عن كثب والتماس بعض الأدلة الكفيلة بإماطة اللثام عن أسباب اندلاع الحريق. إسماعيل احريملة