موجة جديدة عاتية تجتاح القناة الثانية هذه الأيام، فجأة خرج دفعة واحدة سيل برامج مصبوغة بروح واحدة، ترفع الشعار «اللايت»، وتعتمد الدارجة المغربية أو لغة هجينة تخلط العربية بالدارجة المغربية. الجيل الأول انطلق مع برامج «افتح قلبك» و«جرب واحكم» و«نهار تبدلات حياتي» و«مدام مسافرة»، وأطلقت القناة جيلا ثانيا مع «عينيك ميزانك»، و«نهار مع ستار»، و«مانادو إكسبريس»، و«بغيت ندوز» في دوزيم»، الثقافة لايت، أو الثقافة في قالب خفيف، آخر تقاليع قناة سليم الشيخ في هذا المضمار. الثقافة في شكل ساندويشات خفيفة، وتصور إخراجي جديد، سمتان ستندمغ بهما المجلة الثقافية الجديدة على دوزيم الموسومة ب «دوزيم ماغ» حسب مقدمها ومعدها الصحفي منصف الساخي. موعد نصف أسبوعي بلغة هجينة بين الدارجة والعربية، لن تتجاوز مدته 26 دقيقة، تنطلق حلقته الأولى الأحد القادم. مقدم المجلة منصف ساخي ومخرجها عبد اللطيف الطالبي، أعدا تصورا يقارب الفعل الثقافي بأسلوب يختلف عما رسخ وتعود عليه المشاهد، أو سارت عليه القنوات التلفزية أن البرامج الثقافية تعد رديفا لخطاب لا تفهمه وتستسيغه سوى النخبة أو صفوة المجتمع « نريد أن نخرج من تصور نمطي قديم، أن البرامج الثقافية تيكون فيها ديما داكشي الثقيل، وغادي نقدمو الثقافة بشكل جديد على مستويات عديدة سواء في المونطاج أو التقديم أو طريقة الحوار أو الإخراج لي غادي يكون بأسلوب ممتع ومقبول» يضيف منصف لن تعتمد مجلة «دوزيم ماغ» على التصوير داخل الاستوديو، بل ستكون كل البلاتوهات خارجية، إذ ينتقل الطاقم إلى قلب النشاط الثقافي، كيفما كانت طبيعته، تشكيلية أو موسيقية أو مسرحية أو شعرية. من هنا يكون منطلق الموضوع الأساسي للحلقة. بلاتو يوضع بقلب الحدث، يستضيف فيه منصف ساخي الضيف الرئيسي، ومنه ينتقل إلى باقي فقرات المجلة. خمس فقرات خفيفة تساير الروح العامة للبرنامج، بعد التعرف على الضيف وفتح دردشة خفيفة معه، يعطي المقدم الضوء الأخضر لبث الربورطاج الوحيد ضمن المجلة، يرتبط موضوعه براهنية الأنشطة الثقافية بمختلف تمظهراتها الأدبية والتشكيلية والفنية والموسيقية المنظمة في جميع أنحاء المغرب. لن يكون البلاتو الرئيسي ثابتا في كل حلقة، بل سيطبعه التغير، وستفرض طبيعة النشاط المنظم بتزامن مع موعد بث كل عدد جديد فضاءه. ضربة البداية سيكون لها لون خاص، ويفتتح منصف الموسم الأول لمجلته بالرقص المعاصر. ويتناول هذا الموضوع من زاوية مهرجان يشتغل على هذا الفن منذ سنوات بمدينة مراكش، و«يقاتل» منظمه توفيق إزيديو وحيدا بدون محتضنين كبار ولا لوجيستيك ضخم، بل ينهض المهرجان كل دورة، على أكتاف أناس متطوعين دافعهم الأساس حبهم للرقص المعاصر وسعيهم إلى انتزاع اعتراف مجتمعي بوجود فن اسمه الرقص المعاصر. «نبضة قلب» عنوان الفقرة الثالثة تتطرق بشكل خبري وليس نقدي. لعنوان كتاب صدر في مجال من المجالات أو علم من العلوم، وتنفتح الفقرة أيضا على الفنون على تنوع تلاوينها سواء كانت سينما أو مسرحا أو عرضا تشكيليا أو حفلا موسيقيا...حتى يضمن البرنامج نوعا من التفاعلية مع الآخر، يفتح نافذة مدتها أربع دقائق تحت عنوان «لوي دو كريتيك» تستضيف ثلاثة صحفيين في كل حلقة، ينتمون إلى منابر صحفية متنوعة، يقدم كل واحد وجهة نظره النقدية أو رأيه أو تعليقه حول فيلم سينمائي أو كتاب أو رواية أو مجموعة قصصية. هل تكفي أربع دقائق لثلاث صحافيين للتعبير عن رأي نقدي أو حتى تعليق، قد لا تكفي لتركيب جملة لكل واحد. ويختتم البرنامج فقراته على إيقاع فقرة استجوابية خفيفة «أجي نسولك». لن تغوص عميقا في التساؤلات الإشكالية مع الضيف، بل ستطرح أسئلة بطريقة مودرن حسب تعبير منصف ساخي، والهدف خلق التميز والاختلاف، والخروج عن المألوف سواء في مضمون الأسئلة أوشكل طرحها. هل تقديم الثقافة بهذا الأسلوب الخفيف سيكون خادما لها؟ ألا تتعارض الثقافة في جوهرها مع هذه الخفة؟ في كتابه «عن التلفزيون» هاجم عالم الاجتماع الفرنسي الراحل بيير بورديو، الشاشة الصغيرة واعتبرها جهازا مدمرا تشيع ما أسماه «الثقافة السريعة»، بل وخاطب جمعا يتألف من سبعين شخصية قيادية في الحقل السمعي البصري بباريس عام 1999 «يا سادة العالم. هل تعلمون ما تفعلون؟ إنكم تقتلون الثقافة».